دعم المشاهير لأوباما يثير انتقادات خصومه

في الوقت الذي تقوم فيه حملته بتعبئة جهاز جمع التبرعات الهائل التابع لها لجمع الأموال لخوض الانتخابات

TT

قام الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بتناول العشاء في الشهر الماضي مع 150 من المدعوين في الكوخ الذي يتملكه النجم الأميركي جورج كلوني في كاليفورنيا، بينما تبادل المزاح في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي مع المخرج سبايك لي في المنزل الذي يملكه الأخير في مدينة نيويورك.

وفي الخريف الماضي، استضاف أوباما المغنية الشهيرة ليدي غاغا، التي كانت تجلس في الصف الأمامي في حملة لجمع التبرعات في وادي السيلكون بشعرها الأشقر المنفوش وحذائها الذي يبلغ طول كعبه 6 بوصات.

ومرة أخرى تتضح شعبية أوباما بين مشاهير هوليود، في الوقت الذي تقوم فيه حملته بتعبئة جهاز جمع التبرعات الهائل التابع لها لجمع الأموال لخوص الانتخابات التي من الواضح أنها ستكون الأكثر تكلفة في التاريخ الأميركي.

وإذا كان أوباما قد اعتمد على المشاهير في حملة الانتخابات الرئاسية لعام 2008، حين قام الموسيقي اللامع «ويل أي إم» بإنتاج مقاطع الفيديو الخاصة بالحملة، فقد قام بتوظيف تأثير النجوم بصورة أكبر هذه المرة لجلب الموارد المالية وخلق حالة من الاهتمام حوله، ناهيك من قيامه باستخدام المشاهير في استهداف فئات معينة.

وعلى الرغم من ذلك، لا يزال قرب المشاهير من أوباما يحمل بعض المخاطر الكبيرة في الوقت الذي يكافح فيه لإقناع الناخبين بأن تركيزه بات منصبا على همومهم الاقتصادية فقط، فضلا عن أنه يمثل أرضا خصبة للهجوم عليه من قبل خصومة الجمهوريين، الذين يؤكدون أن اهتمام الرئيس ينصب فقط على مخالطة نجوم هوليوود لمساعدته في حملته الانتخابية أكثر من مساعدة المواطنين الأميركيين العاديين.

وفي يوم الاثنين، أطلقت «اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري» مقطع فيديو على الإنترنت تحت اسم «في هذه الأثناء»، الذي يظهر معدلات البطالة بين المجموعات المختلفة - مثل النساء واللاتينيين والأفارقة الأميركيين، والشباب - وبأعلاه بعض مقاطع الفيديو من حملة أوباما الخاصة بتصريح أدلت به رئيسة تحرير مجلة «فوغ»، آنا وينتور، يوم الجمعة الماضي تتحدث فيه عن قيامها بالتسكع مع بطلة فيلم «سيكس آند ذا سيتي» سارة جسيكا باركر والسيدة الأولى ميشيل أوباما. تفسح أصوات شوارع نيويورك الصاخبة المجال أمام أصوات الصراصير التي تم وضعها في نهاية الفيديو الذي أطلقته اللجنة، وإلى جانبه شعار يقول: «تركيز أوباما ينصب على الحفاظ على وظيفته، ولكن ماذا عن وظائفكم أنتم؟».

وعلى الرغم من أن أوباما كان قد واجه اتهامات مماثلة في انتخابات عام 2008، فإن الاتهامات هذه المرة قد تكون أكثر خطورة، نظرا لأن أوباما هو الرئيس الحالي المسؤول عن إدارة الاقتصاد، وليس واحدا من بين 100 سيناتور آخرين في مجلس الشيوخ كما كان الوضع في 2008. لا تزال حملة أوباما تنظر إلى هوليوود على أنها حليف قوي وشديد الأهمية يتمتع بقدرة كبيرة على جمع كميات كبيرة من الأموال، فضلا عن التحدث مباشرة إلى المجموعات الفرعية الهامة من الناخبين الذين يرتبطون ارتباطا وثيقا بالمشاهير. وفي يوم الاثنين الماضي، وبينما بدأت علاقته بالمشاهير تثير الجدل، استضاف أوباما نجم موسيقى الروك جون بون جوفي على متن الطائرة الرئاسة «آير فورس وان» في طريقه لحضور حملة جمع تبرعات في نيويورك.

يعتبر حضور حملات جمع التبرعات مع وينتور وباركر، على سبيل المثال، جزءا من الجهود التي يبذلها أوباما للتودد إلى النساء. سوف يعرض فريق الحملة على أنصار أوباما فرصة للفوز في سحب يانصيب عند حضور أحد الأحداث التي ستقام في مدينة نيويورك في الأسبوع المقبل التي يبلغ رسم دخولها 3 دولارات. وفي حملة لجمع التبرعات لأنصار أوباما على الإنترنت يوم الاثنين، وصفت ميشيل أوباما باركر بأنها «أم حنون وعاملة مجتهدة للغاية ونموذج عظيم يحتذى به»، مضيفة أنها «واحدة من هؤلاء الأشخاص الذين لا تستطيع إلا أن تعجب بهم».

سخر مقطع الفيديو الذي أطلقته «اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري» من توقيت إطلاق الفيديو الخاص بأوباما، حيث تقول الناطقة باسم اللجنة كريستين كوكاوسكي، إن الفيديو «يسلط الضوء على مدى جهل الرئيس أوباما وحملته الانتخابية بالأوضاع في البلاد، نظرا لقيامهم بإطلاق مقطع فيديو لأحد الحملات الساحرة لجمع التبرعات تظهر فيها رئيسة تحرير مجلة «فوغ» آنا وينتور، في نفس اليوم الذي صدر فيه تقرير الوظائف الكئيب!»، مشيرة إلى تقرير لوزارة العمل يوضح أن الاقتصاد قد تمكن من إضافة 69.000 وظيفة جديدة في شهر مايو (أيار).

ردت حملة أوباما الضربة بسرعة، حيث أشارت إلى أن ميت رومني قد ظهر في الأسبوع الماضي بصحبة المطور العقاري دونالد ترامب في البرنامج التلفزيوني «المبتدئ»، حيث ألقت تعليقات ترامب المثيرة للجدل حول مسقط رأس أوباما بظلالها على البرنامج.

وفي يوم الاثنين الماضي، قال ديفيد أكسلورد، كبير مستشاري حملة أوباما: «إن تركيزهم على هذا النقطة أمر يثير السخرية. فعندما تصرف ترامب بطريقة غير عقلانية، لم يقم (رومني) بتوبيخه، حيث إنه قال إنه يحتاج للحصول على 50.1 في المائة من أصوات الناخبين».

يشير أكسلورد إلى أن رومني قد سعى إلى الحصول على تبرعات من خلال مساعدة بعض المشاهير، مثل الموسيقيين كيد روك وتيد نوجنت، مضيفا: «لا أعتقد أنه لا يزال لديهم المزيد حول هذا الموضوع».

لا تزال قدرة رومني على اجتذاب الصفوة في هوليوود ضعيفة إذا ما قورنت بأوباما، ففي حفل لجمع التبرعات جرى في بيفرلي هيلز في الأسبوع الماضي، كان النجمان السابقان لمسلسل السيتكوم «هابي دايز» سكوت بايو وجون فويت، وهو والد الممثلة الشهيرة أنجلينا جولي، أهم ضيوف رومني.

يتمتع أوباما بقدرة كبيرة على اجتذاب ألمع وأكبر الأسماء في هوليوود، بمن في ذلك كبار المخرجين أمثال جيفري كاتزنبرغ وستيفن سبيلبرغ. وشهدت حملة جمع التبرعات التي جرت في الأسبوع الماضي في منزل النجم جورج كلوني - التي قامت فيها حملته الانتخابية بعمل سحب يانصيب للمناصرين العاديين لأوباما، حضور بعض النجوم مثل توبي ماغواير، جاك بلاك وسلمى حايك والمغنية باربرا سترايسند، وأسفرت عن جمع مبلغ كبير يبلغ 15 مليون دولار، وهو أكبر مبلغ تمكنت الحملة من جمعه في حدث واحد، بما في ذلك قيمة سحب اليانصيب، فضلا عن حصيلة تذاكر 150 ضيفا مميزا، بلغ ثمن تذاكرهم 40.000 دولار للفرد.

قامت حملة أوباما باستغلال المشاهير في الكثير من الحالات لاستهداف فئات معينة من الناخبين، حيث تتمتع الممثلة إيفا لونغوريا، التي تشارك بقوة في الحملة فضلا عن وجودها المستمر في كل أحداث الحملة، بشهرة واسعة بين النساء اللاتي يتحدرن من أميركا اللاتينية. قام المطرب المثلي ريكي مارتن بتقديم أوباما في إحدى هذه الفعاليات التي جرت في نيويورك في الشهر الماضي، بعد أيام قليلة من إعلان الرئيس دعمه لزواج المثليين.

قال مارتن للجماهير أن معجب: «بالشجاعة التي أظهرها الرئيس في الأسبوع الماضي عندما أكد إيمانه بزواج المثليين. هذه هي الشجاعة التي ننتظرها من رئيسنا وهذا هو سبب دعمنا له».

لا يعتبر الهجوم على الجاذبية التي يتمتع بها أوباما في أوساط المشاهير أمرا جديدا، ففي عام 2008، بث منافسه الجمهوري جون ماكين مقطع فيديو تحت اسم «المشهور»، وهو المقطع الذي تضمن صورا لبريتني سبيرز وباريس هيلتون وسخر من شعبية أوباما قائلا: «نعم إنه أكثر الأشخاص شهرة في العالم، ولكن هل هو مستعد بالفعل لقيادة البلاد؟».

لم يكن لهذا الفيديو تأثير يذكر على شعبية أوباما، لا سيما بين صغار الناخبين، حيث قال جون ويفر، وهو خبير استراتيجي جمهوري، الذي وصف مقطع الفيديو الخاص بماكين بـ«الصبياني»، يوم الاثنين، إن الهجوم الذي شنته «اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري» على أوباما لن يكون له أي تأثير يذكر على الناخبين.

يضيف ويفر: «إنهم يحاولون التأثير على قادة الرأي العام والصحافيين، ولكن لا أحد من الناخبين يهتم بهذا الموضوع ولن يؤثر على آرائهم، حيث إن كل ما يهم الناس هو ما إن كان وضع البطالة سيتحسن أم لا».

وبالنسبة لحملة أوباما، تزايدت الحاجة لاستعادة الحالة الحماسية التي سادت في انتخابات 2008 بصورة أكثر إلحاحا، وبخاصة في وقت يصارع فيه الاقتصاد للخروج من الأزمة. تقول هيذر سميث، رئيسة منظمة «روك ذا فوت» الشبابية، إن هناك 25 مليون ناخب غير مسجلين في الانتخابات تقل أعمارهم عن 30 عاما، وهو رقم أعلى بكثير من مثيله قبل 4 سنوات.

وتضيف سميث: «تظهر كل استطلاعات الرأي التي نقوم بها زيادة مستوى الإحباط من وتيرة التغيير وسيطرة الأموال ومصالح الشركات على العملية السياسية»، مشيرة إلى حركتي «احتلوا وول ستريت» و«حزب الشاي» كأحد أسباب هذا الإحباط.

تقول سيمث: «السؤال المطروح على الرئيس ليس ما إن كان يقوم باستخدام المشاهير كمتحدثين باسمه أم لا، وإنما كيف يقوم باستخدامهم، وما هو نوع الرسالة التي يقومون بنقلها. الناس في وضع أسوأ مما كانوا عليه منذ 4 سنوات. وعلى الرغم من أنها ليست حملة صريحة موجهة للتصويت لأوباما، فإنهم يحاولون الاستفادة من المشاهير في الحديث عن هذه المواضيع».

بدأ وكلاء أوباما من المشاهير في مساعدته في هذه الصدد، كما هو الحال في تصريحات ريكي مارتن حول زواج المثليين، ولكن في كثير من الحالات، يصب المديح في الاتجاه الآخر، حيث صرح أوباما أمام أنصاره خلال الحدث الذي جرى في منزل جورج كلوني: «لقد تمكننا من جمع الكثير من التبرعات بسبب عشق الجميع لكلوني. إنهم يحبونني، ولكنهم يعشقون كلوني».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»