«صنع في مصر».. بازار في أرقى أحياء القاهرة شعاره «تخلص من عقدة الخواجة»

يجذب المصريين والسياح ويهدف إلى إحياء الحرف اليدوية

معروضات الحرف اليدوية والبدوية تجد إقبالا داخل بازار «صنع في مصر»
TT

إذا أخذتك قدماك إلى هذا البازار الذي يحمل اسم «صنع في مصر»، الواقع بضاحية الزمالك الراقية بالعاصمة القاهرة، تستطيع أن تشعر بالروح المصرية تحيط بك، بل إنها تقابلك مع أولى خطواتك فيه. فجميع منتجات البازار نتاج للحرف اليدوية والصناعية التي تتميز بها مصر عن أي بلد آخر، وتعكس مهارة العامل والصانع المصري. فوسط ازدحام السوق بمنتجات بلدان مختلفة، يأتي «صنع في مصر» ليخلص المصريين من «عقدة الخواجة» التي تسيطر على كثير منهم بتفضيل المنتج الأجنبي على المنتج المحلي.

تقول ماجي بلبع، صاحبة البازار والتي تشارك ثلاثا من صديقاتها فيه: «عند تفكيري في عمل هذا البازار، كان أهم هدف لي هو أن تكون كل منتجاته مصرية 100 في المائة، لإظهار مدى قدرة المنتج المصري على المنافسة وسط ازدحام الأسواق بمنتجات بلدان مختلفة، بالإضافة إلى تميز المنتج المصري بجودته وأسعاره الرخيصة مقارنة بباقي البلدان». وتبين بلبع لـ«الشرق الأوسط» أن البازار قد تم افتتاحه في أواخر العام الماضي في وقت انطلاق حملة «اشتري مصري» التي هدفت إلى دعم المنتج المصري وإنعاش الحركة السياحية بالبلاد، مما أضاف للبازار شعبية كبيرة وقتها.

وتوضح أنها تريد بفكرتها أن تخلص المصريين من «عقدة الخواجة»، أي ميلهم لشراء المنتج الأجنبي لاقتناعهم بأنه أفضل من المنتج المصري المحلي، بالإضافة إلى رغبتها في جعل المصريين يفتخرون بمنتج بلدهم وسط الجنسيات المختلفة من السياح، إلى جانب إحياء الحرف اليدوية المصرية التي كادت تنقرض من قلة إقبال المصريين على شرائها.

أما عن اختيارها لضاحية الزمالك من دون غيرها لافتتاح البازار، والذي تحمل واجهته الزجاجية تصميما لعبارة «صنع في مصر» تتماشى مع روح المكان وتلفت انتباه المارة لقراءتها، أوضحت بلبع أنها كانت بصدد الاختيار بين ضاحيتين هما الزمالك والمعادي، ولكنها فضلت الزمالك لكونها منطقة تضم عدة سفارات أجنبية مما يعني انتعاشها بالسياح، والذين يميلون إلى شراء المنتجات التي تحمل طابعا مصريا خالصا، بالإضافة إلى تميز ضاحية الزمالك بسكانها المحبين لمثل تلك البازارات.

تتنوع منتجات البازار بين السجاد والكليم والحقائب والمفروشات التي تحمل تصميمات من وحي فن «الخيامية»، إلى جانب الوسائد البدوية الصنع التي تخلد الصناعات البدوية الأصيلة. كما تجذبك طريقة العرض، فالبازار يتكون من مستويين، يحتوي المستوى السفلي على منتجات للاستعمال الشخصي من إكسسوارات يدوية وحقائب و«تي شيرتات»، أما الجانب العلوي للبازار، الذي يرتفع ببضعة سلالم صغيرة ويتميز بضوئه الخافت الذي يعكس على الزائرين شعورا بالدفء والراحة، فيضم معروضات منزلية كالسجاد وصور الحائط وأدوات منزلية.

ومن أبرز معروضات البازار التي تجذب السائح لشرائها، مجموعة الصور التذكارية لشخصيات وأماكن مصرية تعود إلى عام 1920، وتوضح صاحبة البازار أنها قامت بجلب هذه المنتجات من منطقة الفسطاط السياحية بمصر، حيث وجود مكتبات أثرية تحوي مثل تلك المنتجات المصرية الأصيلة.

وتشير بلبع إلى أنها بجانب اعتمادها على المصانع الموردة للمنتجات، فإنها تتعامل مع موردين من الجمعيات الخيرية (الأهلية غير الحكومية)، وذلك لتشجيع هذه الجمعيات والفئات التي تستهدفهم وقاموا بصنعها مثل الأطفال الأيتام و«أطفال الشوارع»، بالإضافة إلى عرضها لمنتجات يدوية من مدن وقرى محافظات الصعيد بجنوب البلاد. أما الإكسسوارات والمنتجات اليدوية فيتم تزويد البازار بها من خلال عدد من الفتيات من مصممات الحلي. من بينهن تقول هبة عادل، وهي صانعة إكسسوار يدوي، إنها تصنع حليا يدويا من سلاسل وخواتم وحلقان وتطعمها ببعض العبارات والكلمات التي تحمل طابعا سياسيا أو فكاهيا، مثل «أنا قمر أنا فظيعة»، و«البنت زي الولد»، و«أعطيني حريتي أطلق يدي». وتضيف عادل أنها تعتمد على ذلك البازار كنافذة مهمة لترويج منتجاتها وتصميماتها، وذلك لكثرة الإقبال عليه من الزائرين المصريين والأجانب مما يعود عليها بعائد مادي جيد.

وتلفت بلبع إلى حرصها على التعرف على ردود أفعال زبائن البازار بعد شراء منتجاته، وذلك عبر صفحات «صنع في مصر» الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» و«تويتر»، إلى جانب فرصة الدعاية للبازار عبر الإنترنت مما يجذب زبائن من فئات مختلفة.

من بين زبائن البازار، تقول إنجي عبد الرحمن، طالبة جامعية: «البازار قريب من مقر كليتي، الفنون الجميلة، كما أن مجال الدراسة يفرض علي الحضور دائما إلى هنا، فمنتجات المعرض تحمل مسحة فنية وحسا وذوقا مصريا خالصا، خاصة المنتجات اليدوية، وأكثر ما يجذبني المنتجات التي تحمل تصميمات من فن (الخيامية) التراثي وأبرزها الشنط».