فيلا «أغيون» بالإسكندرية تواجه معاول الهدم

صممها المعماري الفرنسي الشهير بيريه ولا مثيل لها في العالم

صورة حديثة لفيلا «أغيون» تجسد حجم الدمار
TT

في تعد جديد لطمس التراث المعماري لعروس المتوسط مدينة الإسكندرية والذي يشكل أحد مقومات هويتها الجمالية، تعاني فيلا «أغيون» بحي وابور المياه الراقي بالإسكندرية من اعتداءات معاول الهدم والتي أتت على واجهتها على الرغم من إدراجها ضمن قوائم التراث المعماري للمدينة.

وفي محاولة لوقف هذا النزيف المستمر لتراث المدينة العريق ينظم عدد من النشطاء وقفة احتجاجية في الخامسة من مساء يوم الاثنين المقبل، الموافق 11 يونيو (حزيران) الجاري، لمنع هدم الفيلا وقد دعت مجموعة «أنقذوا الإسكندرية» إلى إنقاذ تلك الفيلا باعتبارها تضاهي في قيمتها المعمارية القيمة الفنية للوحة «زهرة الخشخاش».

وتعتبر الفيلا التي يعود عمرها إلى عام 1922، ذات طراز معماري مهم وفريد من نوعه في مصر والعالم أجمع، وخاصة أنها تعد أحد روائع المعماري الفرنسي الكبير أوجست بيريه (1874 - 1954)، رائد استخدام الخرسانة المسلحة في إنشاء المباني.

ويقول الدكتور محمد عادل الدسوقي، عضو لجنة التراث بمحافظة الإسكندرية، لـ«الشرق الأوسط»: «للأسف تتزايد محاولات هدم تراث المدينة المعماري خاصة الذي يعود لبدايات القرن العشرين، ولكن قيمة هذه الفيلا لا تقارن بأي مبنى آخر، خاصة أن مصممها أوجست بيريه، وهو رائد من رواد العمارة الحديثة في العالم، وبسبب القيمة العالية لبيريه أدرجت اليونيسكو أبنية قام بتصميمها في قائمة التراث العالمي، لتصبح تراثا للإنسانية جمعاء لا لشعب من الشعوب، ويزورها اليوم الآلاف في كل عام. في الوقت الذي يتم فيه هدم ما بناه في الإسكندرية».

ويضيف «تعد الفيلا أحد أهم أعماله في العالم وتمثل أول طراز خارج السياق المعماري المتعارف عليه، حيث استخدم الخرسانة المسلحة كتشطيب نهائي للواجهة، فكان سباقا في هذا الشأن، وتدرس أعماله أكاديميا وتدرس تلك الفيلا في كتب العمارة على مستوى العالم».

ويؤكد الدسوقي أن الفيلا لا تزال صالحة للترميم على الرغم مما حدث من تشويه لها، وكانت هناك مساع لتحويلها لأثر ولكن بعد تخريبها أصبح أمرا صعبا لكن لا يزال ممكنا».

من جانيه، يؤكد المعماري الكبير الدكتور محمد عوض، مدير مركز دراسات الإسكندرية والبحر المتوسط (Alex med)، لـ«الشرق الأوسط»، أنه خاض حروبا كثيرة منذ أكثر من 10 سنوات لمنع محاولة هدم الفيلا وأجرى اتصالات بوزير الثقافة وقتها فاروق حسني، والقنصل الفرنسي ومحافظ الإسكندرية للضغط لإدراجها في قوائم التراث ونزع ملكيتها، «وبعدها فوجئنا بمحاولة هدمها في الرابعة فجرا في أواخر أغسطس (آب) 2009، مما جعلنا نطلب من المحافظ وضع حراسة على الفيلا، وقتها حصلت أضرار للمبنى، لكن سعينا لدى وزير الثقافة لم يتوقف باعتبارها من أمثلة استخدام الخرسانة في الواجهات».

ويضيف عوض «للأسف الكثيرون ليسوا على دراية بقيمة تلك المباني وهناك تقاعس من الدولة في تطبيق القوانين، ولكن الأمل في الشباب الواعي الذي يقوم بالوقفات الاحتجاجية التي تندد بإهدار التراث، والذين سيتصدون لفساد المسؤولين والمحليات».

وأشار الدكتور علاء الحبشي الذي قام بدراسة تلك الفيلا في عام 2009، إلى أن بيريه قام بتصميم وبناء عدد من المباني في مصر بين عامي 1922 و1940، فقد صمم وبنى ثلاثة مبان في الإسكندرية في 1922 و1932 و1938 على التوالي، بالإضافة إلى أحد البيوت بالقاهرة في 1932.

الفيلا تقع في حي وابور المياه الذي بدأ العمران به في القرن التاسع عشر. ويعد التعبير المعماري لبيريه في فيلا «أغيون» تطورا مهما في مسيرته العملية، ليفرق بين العناصر الإنشائية المختلفة، وهو مظهر كان بيريه يحاول أن يبرزه طوال حياته المهنية.