مدير المدينة السياحية لـ«الشرق الأوسط»: سنحول الحبانية إلى وجهة سياحية وثقافية

العراقيون يغسلون همومهم بمياه بحيرتها وسط وعود بتأهيلها

عوائل عراقية عند ضفاف بحيرة الحبانية حيث يظهر الفندق الكبير للمدينة السياحية (أ.ف.ب)
TT

أمام استمرار صراعات المناصب السياسية وأزمة سحب الثقة عن الحكومة من عدمها، أشاح البغداديون وجوههم عن نشرات الأخبار بحثا عن نسمة هواء معتدلة وقطرات ماء ترطب قيظهم الحار، وكانت قبلتهم، هذه المرة تتجه نحو مدينة الحبانية السياحية التي تقع عند بحيرة الحبانية الشهيرة (غرب بغداد)، بعد سنوات من القطيعة والخوف بسبب الوضع الأمني الصعب الذي أحاط بالمدينتين الواقعتين بينها، الفلوجة والرمادي باعتبارهما أبرز معاقل تنظيم القاعدة ما بعد عام 2003.

وبرغم انحسار منسوب المياه في بحيرة الحبانية، وعدم اكتمال أعمال تأهيلها، وافتقارها إلى الكثير من الخدمات السياحية والترفيهية، لكنها تشهد إقبالا متواصلا من قبل السائحين وصل إلى خمسة آلاف زائر أسبوعيا كما تقول الجهات المسؤولة عن المدينة، وهي تعد باكتمال عمليات تأهيلها لتنافس مثيلاتها من المنتجعات العالمية.

وأقيمت المدينة السياحية في الحبانية على مساحة مليون متر مربع ووضع حجر الأساس لها سنة 1976، وهي تقع ضمن الحدود الإدارية لمحافظة الأنبار غرب العراق، تبعد عن مدينة الفلوجة 22 كيلومترا، بينما تبعد عن بغداد 78 كيلومترا. افتتحت رسميا عام 1979 وكانت تعتبر في الثمانينات من أكبر وأبرز المرافق السياحية في الشرق الأوسط، حتى حازت الكأس الذهبية لمنظمة السياحة العالمية كأفضل مرفق سياحي في المنطقة، وهي تضم فندقا بسعة 300 غرفة و528 شاليها ومرسى للزوارق وصالة سينما ومحلات تجارية وملاعب رياضية وخمسة مطاعم.

المصور الصحافي مهدي الخالدي يستذكر في زيارته الأخيرة للمدينة، مع مجموعة من أصدقائه، بعض معالم من تألقها في مطلع الثمانينات، وانبهار معظم العراقيين والزوار بجمالها وهم يلتقطون الصور فيها غير بعيدين عن بيت مرتفع يقال إنه أحد قصور الرئيس الراحل صدام حسين، وعن تلك الذكريات يقول مهدي لـ«الشرق الأوسط»: «كانت مدينة متميزة بكل ما فيها، لكننا اليوم أمام أطلالها فقط ولكن العوائل تزورها لانهم لايجدون بديلا لها».

وانتقد مهدي انخفاض الخدمات السياحية، خصوصا ألعاب الصغار مع أن الإدارة فيها تعمد إلى استيفاء مبالغ دخول غير رخيصة عن كل شخص يدخلها، ويقول إنه حاول أن يأخذ كل ما يحتاجه من بيته تحسبا لأي طارئ، خصوصا خيمته التي وجد العشرات منها منتشرة على طول شاطئ البحيرة الرملي.

مديرها الحالي السيد حميد الدليمي الذي تدرج في عمله من موظف في الضيافة وقسم الاستعلامات وحتى إدارتها بعد عام 2009، قال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إن النشاط السياحي في المدينة انخفض مع بداية سنوات الحصار عام 1990، وتوقفت تماما عند اجتياح القوات الأميركية للعراق عام 2003، قبل أن تتحول قبل سبع سنوات إلى مقر للتنظيمات المسلحة والمجاميع الإرهابية التي استغلت ابتعاد القوات الأميركية عنها ووجودها في منطقة صحراوية معزولة، خصوصا في عامي 2006 – 2007، ولم تعاود نشاطها إلا ببداية عام 2009 بشكل تدريجي، وهي تخضع الآن لعمليات تأهيل كبرى عبر شركة تركية استثمارية، ستنهي أعمالها بنهاية عام 2013».

وحول عمليات التأهيل في المدينة والحماية الأمنية لها، يقول الدليمي: «الموجود في المدنية حاليا من خدمات ليست سوى 20 في المائة من عمليات تأهيلها، وستكمل بقية المرافق الخدمية ما بعد السنة القادمة، فالضرر الذي أصابها بعد عام 2003 كان كبيرا ويحتاج إلى سنوات طويلة لإصلاحه، ومشروع الإصلاحات يشمل تأهيل الفندق السياحي، والشقق السياحية وعددها 200 شقة سياحية وفق المواصفات المتطورة وبناء مدينة ألعاب متكاملة ومرسى الزوارق، ومطاعم فخمة، وخيمة كبرى، أما (بلاج) البحيرة فسيكون أشبه بالبلاجات العالمية السياحية، وتبلغ تكلفة المشروع بحدود 25 مليون دولار للمرحلة الأولى، أما عن تأمينها فالمنطقة تشهد استقرارا ملحوظا بفضل سيطرة القوات الأمنية على مداخلها وطرقها، الأمر الذي ضاعف من زوارها».

وحول تبعية المدينة لوزارة السياحة باعتبارها منطقة سياحية أم الثقافة العراقية، قال الدليمي: «المدينة السياحية تتبع وزارة الثقافة حاليا، لأننا فكرنا أن نوسع نشاطها ثقافيا وإعلاميا، لتغدو مدينة سياحية وثقافية في آن واحد، وتكون قبلة لكل المهرجانات الثقافية والفنية التي ستقوم لاحقا، عبر توفير كل المناخات الملائمة لذلك، على مدار السنة وليس في شهور النشاط السياحي القصيرة، ولأجل ذلك فإن خطة التأهيل تشمل إقامة مسارح مغلقة ومفتوحة وقاعات وبيوت للضيافة وصالات سينما حديثة، إلى جانب إقامة مدينة إعلامية ونصب محطات فضائية أيضا، وقد خصصت لها ميزانية ضمن تخصيصات مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية عام 2013».

وبشأن شكاوى الزوار من انحسار نسب المياه في البحيرة، وآلية علاج ذلك، قال الدليمي: «وضع المياه في البحيرة الآن أفضل من السابق بكثير، ومناسيب المياه أفضل من عشر سنوات قبلها، ففي عام 2001 انحسرت مياه البحيرة بشكل بات من الصعوبة استخدامه للسباحة وشحت حتى مياه الشرب، لكننا نسعى دائما لزيادة مناسيبه وهو من مسؤولية وزارة الموارد المائية، وخطط الدولة بشأن المياه والسدود».