يوم السيدات.. قبعات غريبة ومطر

«شرطة الأناقة» لم تتمكن من جنون التصميمات في «رويال أسكوت»

TT

«يوم السيدات» هو اليوم الثالث ضمن الاحتفال بسباقات الخيل في رويال أسكوت، والتي تجرى سنويا في منطقة أسكوت في بريطانيا وتمتد على مدى 5 أيام متواصلة، تتخللها بالتأكيد سباقات الخيل وحضور معظم أفراد العائلة المالكة، ومحبي هذه الرياضة وهذا التقليد الإنجليزي الأصيل.

وتشتهر هذه المناسبة بجنون الأزياء الذي يسرق الأضواء من الخيل، لدرجة أنه في بعض الأحيان تنصب الأنظار على القبعات الغريبة والفساتين المثيرة والأحذية التي تحبس الأنفاس ليس لأنها جميلة بل لأنها تنذر بمصيبة قد تحدث عندما تقع السيدة أرضا وتكسر رجلها من شدة علوها.

وهذا العام ومنذ يناير (كانون الثاني) الماضي تعلو أصوات منظمي «رويال أسكوت» لفرض قوانين تمنع بعض السيدات من الحضور بلباس فاضح وتصميمات غريبة ومريبة لا تتماشى مع رقي هذه المناسبة الملكية. وقبل أيام من انطلاق فعاليات «رويال أسكوت»، عرضت مختلف القنوات البريطانية نماذج لبدلات الرجال «المورنينغ سوت» المقبولة مع القبعات العالية التي تعرف باسم «توب هات»، ونماذج أخرى للفساتين تفرض عليها أن يصل طولها تحت الركبة، وغير مكشوفة عند منطقة الأكتاف والصدر. وبالنسبة للقبعات يجب أن تكون أحجامها غير مبالغ بها، ويجب أن يكون التصميم راقيا وغير مبتذل.

وتم تعيين أشخاص أطلق عليهم اسم «شرطة الأناقة» أو «فاشون بوليس» للتدقيق في هندام القادمين والقادمات لحضور المناسبة، وتم توزيع الأوشحة على السيدات اللاتي لم يلتزمن بقانون تغطية المنطقة العليا من الصدر. إلا أن شرطة الأناقة لم تستطع بسط سيطرتها التامة على الحضور خاصة في يوم السيدات الذي صادف يوم أمس، فجاءت التصميمات متفاوتة ما بين جميلة ومبتكرة وأخرى مبتذلة ورخيصة، ولم يساعد الطقس على المحافظة على هندام السيدات بشكل مناسب، فشكلت الأمطار مشكلة إضافية. وهذه ليست المرة الأولى التي تختار أمنا الطبيعة هذا اليوم لصب غضبها على السيدات في يومهن المميز الذي يحضرن له منذ نحو 5 أشهر أو حتى أكثر، ففي العام الماضي أيضا شهد يوم السيدات أمطارا غزيرة، أعاقت حركة المرور في منطقة أسكوت مما أدى إلى تأخر الكثيرات عن الحضور. كما انطبعت في الأذهان صور عديدة لسيدات المجتمع الراقي البريطاني وهن يغطين أحذيتهن بأكياس من البلاستيك، وأخريات يمسكن قبعاتهن حتى لا تتطاير في مهب الريح.

وهذا العام لم تختلف الصورة كثيرا، فالمناخ في بريطانيا معروف بتقلباته وفصوله الأربعة في كل يوم من أيام السنة، إلا أنه كان من المنتظر أن تقوم شرطة الأناقة بضبط مسألة اللباس الذي أصبح بالفعل مشكلة حقيقية لمحبي رياضة سباق الخيل ولهؤلاء الذين ينتمون للطبقة الاجتماعية الراقية، فالتذاكر متوافرة للبيع للجميع، هناك أماكن مخصصة للأثرياء ووجهاء المجتمع وأفراد العائلة المالكة تعرف باسم «رويال انكلوجر»، لكن يتمكن الجميع من شراء تذاكر تخول لهم الدخول إلى باحات أسكوت وتناول الطعام في الهواء الطلق على العشب الأخضر الذي يحتضن المساحات المحيطة، وليس من الممكن فصل الطبقتين بحيث يتعين على من دفع ثمن غرفته الخاصة النزول إلى الباحات العامة والانصهار مع فئة يراها «دونية» من المجتمع تأتي لخلق المشاكل وتناول الكحول والسكر كما حدث العام الماضي عندما قامت مجموعتان من الأصدقاء بالشجار والضرب بزجاجات فارغة وبالكراسي أيضا، وهذا ما أثار حفيظة المهتمين بهذه الرياضة والقائمين على سباقات أسكوت السنوية، خاصة أن أصل هذه المناسبة ملكي ويجب التنبه إلى هذه النقطة، وهذا تقليد إنجليزي يدل على الأصالة، وهو تقويم اجتماعي مهم في أجندة محبي سباقات الخيل والطبقة المخملية.

الفكرة بدأت مع الملكة آن عام 1711، وكان يطلق على هذه الحدث اسم «إيست كوت»، وأرادت حينها الملكة الاحتفال بسباق الخيل في حدائق مفتوحة قريبة من قصر ويندسور، وفي عام 1813 أقر البرلمان البريطاني نصا يقضي بتحويل الأراضي البور التابعة للعائلة الملكية إلى مضمار لسباق الأحصنة العامة.

وبالعودة إلى الحديث عن الأزياء التي تتصدر العناوين الأهم خلال السباقات، لا يزال سحر كيت ميدلتون دوقة كمبريدج مؤثرا على الموضة في البلاد، وهذا واضح من خلال تبني الكثير من السيدات أسلوب الدوقة الراقي في اللبس، لا سيما بعدما ظهرت في أول يوم من أيام سباقات أسكوت وهي ترتدي فستانا على شكل جاكيت باللون الأبيض من تصميم ألكسندر ماكوين (ارتدته في مناسبة رسمية من قبل) مع حذاء باللون البيج أو ما يعرف باللون «العاري» أو «نيود»، من محلات «إل كاي بينيت»، وقد شوهدت الدوقة وهي تنتعل الحذاء نفسه في أكثر من مناسبة، وهذا ما دفع بالكثير من محلات بيع الأحذية في بريطانيا إلى تقليد التصميم واللون، وفي «رويال أسكوت» هذا العام شوهد عدد كبير من السيدات وهن ينتعلن تصميم حذاء كيت نفسه، وهذا يثبت قوة تأثير الدوقة على النمط العام للموضة في الأوساط البريطانية، فبمجرد أن تشاهد في فستان أو حذاء أو حتى سترة ترى القطع تتطاير من على أرفف المحلات وتختفي من مواقعها الإلكترونية في غضون ساعات وأقل.