بيروت تعبق بالموسيقى في 60 مركزا وعلى 9 مسارح

في عيد الموسيقى.. أنغام الروك والبوب والبلوز والفلامنكو تتغلب على أصوات الرصاص

المركز الثقافي الفرنسي نظم بدوره برنامجا حافلا للمناسبة واختار المدرج الروماني وسط بيروت مسرحا له
TT

للسنة الثانية عشرة على التوالي احتفلت بيروت بعيد الموسيقى الواقع، فتنفست ساحاتها والمراكز التي استضافت هذا العيد الصعداء بعد أن صدحت فيها أصوات الأوبرا والروك والبوب وغيرها، بدل أزيز الرصاص. فتلبدت سماؤها بسيمفونيات باخ وفيردي ودونيزيتي بدل دخان الإطارات المحترقة التي انتشرت هنا وهناك في الأسابيع القليلة الماضية في بعض مناطق بيروت بسبب احتجاجات أهلها على برنامج تقنين الكهرباء الصارم الذي يسود أحياءهم من ناحية، وعلى عدم إطلاق أسراهم من سوريا من ناحية ثانية.

ففي 60 مركزا وعلى 9 مسارح توزعت على أحياء بيروت وشوارعها حمل الشباب اللبناني آلاتهم الموسيقية والميكروفونات ليقدموا في أسواق بيروت والمدرج الروماني وساحة الشهداء وحديقة سمير قصير وزيتونة باي والجميزة والكنائس وغيرها، كل ما يخطر على البال من أنغام وألحان وأغان أخذت اللبنانيين إلى أجواء زاهية في رحلة بعيدة كل البعد عن الواقع الذي يعيشونه.

ففي أسواق بيروت تجمهر الآلاف من محبي الموسيقى ابتداء من السابعة مساء ليتابعوا البرنامج المقرر على مسرحها الذي غلب عليه طابع أغاني الراب اللبناني والعربي والأجنبي الذي شاركت فيه فرق غناء لبنانية، بينها اشكمان وزين الدين وبانلي وجاميت وتينا فيش وميسينغ بيكسل وغيرها، فألهبت الأجواء بغنائها الحديث الذي اعتمد على نص يحكي الواقع أحيانا والحب أحيانا أخرى، فيما كان لساحة الشهداء حصتها الكبرى من الاحتفال بعد أن أدرجت على برنامجها لائحة طويلة من الأغاني الكلاسيكية والروك والإلكترو في مقاطع وسيمفونيات وأغان ترجمت مواهب فنية لباقة من الشباب اللبناني، أمثال التينور غبريال عبد النور وفريق الغناء الذي يرافقه (كورال) والمؤلف من 50 ولدا، إضافة إلى 7 فرق موسيقية أخرى كـ«ايبيزود وانيكسا وايبيك ولايزي لونج وراكاس» وجميعها متخصصة بأغاني وسمفونيات الروك على أنواعه.

أما منصة بيروت سوق فاشتعلت من السابعة مساء وحتى ساعات الصباح الأولى بتصفيق جمهور الفنانة تانيا قسيس والكورس الغنائي الذي يرافقها، إضافة إلى الفرق الغنائية نشاذ وباترفلاي وهاندل وكل من مارك رعيدي وكرمى طعمه اللذين أديا أغاني عالبال لبنانية لآل بندلي والرحابنة، وأخرى على موسيقى باخ ودونيزتي وبيكسيو وبيزيت وغيرهم. ولأول مرة شارك مركز زيتونة باي السياحي في هذه الاحتفالات التي عمت بيروت، بحيث أدى عازف الغيتار عادل حرب مقاطع من موسيقى الفلامنكو الإسبانية، فيما اختارت فرقة «روجو ديل ليبانو» المؤلفة من مؤسسها طارق شهيب (مؤدي أغان إسبانية) وداني بوحمدان على الغيتار وبهاء بوحمدان على البيانو والإيقاع لوحات غنائية جميلة، رافقها استعراض راقص شارك فيه راقصون محترفون للفلامنكو، فنقل الحضور إلى أجواء الغجر الغريبة، وكذلك شارك فيها كل من نجم ستار أكاديمي برونو طبال (أغان غربية ولبنانية) وفرق «عزيزة» و«بلو باند» و«بيروت فوكال بوينت» بأغان عربية وإلكترو وريغي وبلوز وروك. أما واجهة بيروت البحرية فاستضافت ثماني فرق موسيقية قدمت معزوفات من نوع الإلكترو - التكنو التي نظمها كل من مركز «بايزمانت للموسيقى» وجاد سويد.

وفي حديقة الشهيد سمير قصير أمام مبنى جريدة «النهار» وسط بيروت تجمع هواة موسيقى الراب والبوب للاستماع لفرق «وطا اللاونج وهوم مايد وواتس يور ستوري؟ وآي كيوز وبوينت أوف فيو» التي ملأت موسيقى أغانيها أجواء المكان حتى بعد منتصف الليل.

المركز الثقافي الفرنسي نظم بدوره برنامجا حافلا للمناسبة، واختار المدرج الروماني وسط بيروت مسرحا له، بحيث شارك كل من مارك نادر في أغان من نوع الموسيقى الصوتية، وهي الموسيقى التي لا تعتمد على أي آلات حديثة والتي يعرف بها «دايزي ماي وجوش وودوارد وسموك فيش» وديدا (موسيقية سويسرية لبنانية الأصل) وفريق «les artistes» اللبناني و«fils du calvaire» الفرنسي (يؤدي أغاني كلاسيكية وأخرى لجاك بريل وكلود فرانسوا وغاينسبورغ) وبولي المغنية المكسيكية - اللبنانية التي تغني العربية بنكهة أميركية و«دا باسيف ستاند آوتس» اللبناني أيضا (سيغوندو بلوكو) البرازيلي الذين أدوا لوحات غنائية منوعة امتزج فيها الروك والبوب على السواء. ومن البرامج التي نظمتها كنائس لبنان بالمناسبة أيضا تلك التي أقامتها الكنيسة الإنجيلية بتنظيم من قبل مدرسة الفنون لغسان يمين، فقدمت عزفا على البيانو والكمان لزينة علام وجيلبير قندلفت في أداء مميز لمقطوعات للموسيقي العالمي برامز وغوميداس وماسينيه، فيما أدت السوبرانو يمنى جريصاتي مقطوعات لـ«هايندل وفور وفيردي».

وشهدت شوارع بيروت ازدحام سيارات خانقا، ولا سيما في مناطق الجميزة ودرج مار نقولا ووسط بيروت التي أمها عشاق الموسيقى من كل الفئات والأعمار، ممنين النفس بتمضية ساعات موسيقية بامتياز شملت كل الأذواق.

والمعروف أن هذه البرامج تقدم للجمهور مجانا احتفالا بعيد الموسيقى الذي اعتاد لبنان الاحتفاء به منذ أكثر من عشر سنوات.