الفنان حميد الزاهير في ليلة تكريمه: نسيت أن أغني للصحة

جمهور فاق التوقعات تابع فقرات مهرجان الفنون الشعبية في مراكش

فرقة مغربية تؤدي رقصاتها وأهازيجها أمام الجمهور في إطار مهرجان الفنون الشعبية («الشرق الأوسط»)
TT

شكلت فقرة تكريم الفنان الشعبي المغربي حميد الزاهير، خلال حفل اختتام الدورة الـ47 من «المهرجان الوطني للفنون الشعبية» بمراكش، إحدى أقوى اللحظات، التي ميزت فعاليات هذه الدورة، التي تابعها جمهور فاق التوقعات. ويعتبر الزاهير، المراكشي، من أشهر الفنانين الشعبيين المغاربة، وتحظى أغانيه بشهرة واسعة على المستوى المغاربي.

وتقدم الزاهير إلى خشبة التكريم مسنودا إلى ابنه يقاوم تعب السنين. وقال في كلمته إنه فخور بحب المغاربة وبمساره الفني، من دون أن يخفي خلفيته المراكشية الفكهة، وهو يخاطب الجمهور، الذي غصت به جنبات «قصر البديع التاريخي»، حيث قال «غنيت عشرات القطع، وتناولت مواضيع شتى، لكني نسيت أن أغني عن الصحة».

شكلت دورة هذه السنة مناسبة أمام المنظمين للسير قدما في مساعيهم الرامية إلى إعطاء هذه التظاهرة الفنية قيمتها الطبيعية وسط سيل التظاهرات الفنية التي صارت تنظم في عدد من المدن المغربية، حيث أدخلوا تعديلات، على مستوى التصور والبرنامج، في احترام للخط الفني، مع الانفتاح على الجمهور الشاب.

وفي هذا السياق، تحدث إبراهيم المزند، المدير الفني للمهرجان، عن أربعة توجهات يعول عليها الفريق الجديد للنهوض بالتظاهرة، يتمثل الأول في الحفاظ على التراث، الذي يبقى أساس التظاهرة، والثاني في تشبيب الفرق الشعبية، والثالث إعطاء البعد التربوي أهميته من حيث تحبيب هذا الفن وتقريبه أكثر من مختلف الأعمار، والرابع بالانفتاح على ألوان موسيقية شعبية أخرى مثل «العيطة» و«الطقطوقة الجبلية» و«الروايس». وأشار المزند إلى مشروع مستقبلي للفريق العامل في تنظيم التظاهرة يهدف إلى تسجيل هذا التراث لتوثيقه وحفظه من الضياع.

من جهته، شدد كريم عشاق، رئيس «مؤسسة مهرجانات مراكش»، على أن الحفاظ على التراث يستلزم التركيز على حيويته كفن يطور نفسه وفق السياق العام واجتهاد المتعاطين معه، مشيرا إلى أن تنظيم مثل هذه التظاهرات الفنية في مراكش، عاصمة السياحة المغربية، يتطلب الثقافة المستدامة في كل فعل يرمي للترويج للبلد على المستوى السياحي.

وعلى غير العادة، جذبت العروض الفنية التي احتضنها «قصر البديع» التاريخي، خلال دورة هذه السنة، جمهورا من جنسيات مختلفة، وأعطت صورة عن الفن التقليدي المغربي، الشيء الذي بين بالملموس أن مثل هذه المواعيد الفنية يمكن أن تشكل عنصرا لتقديم عمل يخدم السياحة الثقافية، التي يراهن عليها المسؤولون المغاربة لرفع عدد السياح.

وشاركت في عروض «قصر البديع» فرق عبيدات الرمى، والهيت، وأحيدوس عين عرمة، وهوارة، وأحواش امنتانوت، ومنغوشي، وأحواش ورزازات، وأولاد سيدي أحماد أو موسى، وأحواش تيسينت، والركبة، وعيساوة أصالة، وتسكيوين، والدقة المراكشية، وتازويت، وكناوة، وَأقلال سيف، والكدرة، وأكلاكال تالوين، وأحواش تافراوت، وتقيتقات مراكش، والتي قدمت لوحات جميلة، أثارت إعجاب وتصفيقات الجمهور الحاضر. وإضافة إلى الاستعراض الفني وعروض الفنون الشعبية بفضاء «قصر البديع»، شهدت عروض لباقي الفنانين والفرق الشعبية المشاركة، مثل «أوركسترا طهور» وفرقة «آش كاين» و«أولاد بن عكيدة» و«حادة وعكي والشريفة» حضورا جماهيريا كبيرا، أكد أن الفنون الشعبية المغربية ما زالت تحتفظ بنصيب من اهتمام المغاربة، رغم الألوان الفنية التي صارت تغرقهم بها الحياة الفنية المعاصرة. وتتميز الفنون الشعبية المغربية بالتعددية التي تتجلى في اللهجات المختلفة والإيقاعات والتعابير الجسدية والموسيقية المتنوعة، والتي لها بعدها الثقافي والميثولوجي العميق، سواء تعلق الأمر بالأهازيج الموسيقية أو بالتعابير الكوليغرافية.

يشار إلى أن «المهرجان الوطني للفنون الشعبية»، انطلق، في دورته الأولى، عام 1960، باسم «مهرجان فلكلور مراكش»، وظل يشكل شهادة للوحدة في التنوع، من خلال تقديم ثقافة تتشكل من ثلاثة مكونات أساسية، عربية وأمازيغية وأفريقية، تعتني بالموروث المتوسطي والآثار الأندلسية، فيما تنفتح على ثقافات أخرى من دون أن تفقد أصالتها.