«متحف المشاهير» اللبناني معلم سياحي عالمي فريد

يضم شخصيات متحركة وناطقة.. عربية وعالمية

TT

في رحلة تتيح للزائر التمتع بجمال الطبيعة الخلابة، ولقاء مشاهير من لبنان والعالم، يعود بك متحف المشاهير - المتربع بطبقاته الثلاث على تلة خضراء تطل على وادي نهر الكلب الأثري (شمال لبنان) - بالزمن للتعرف على نجوم الفن والأدب والسياسة والعلم من قارات العالم الخمس، وبالصوت والصورة، نجوم شكلوا مادة لمتحف أصبح قبلة أساسية للسياح العرب والأجانب.

«متحف المشاهير» الواقع قرب مغارة جعيتا السياحية (شمال لبنان) هو ثمرة تعاون ستة إخوة من آل المعلوف، أنجزوا المشروع الحلم عبر شركة «معلوف أنترناشيونال»، ثلاثة منهم يشرفون في الولايات المتحدة الأميركية على تجسيد الشخصيات وإعدادها على أيدي اختصاصيين، وثلاثة في لبنان يقومون بتجهيز المتحف «الفيلا» بما يلزم لبرمجة الشخصيات وجعلها تتكلم وتتحرك وتغني.

ويقول جورج معلوف، رئيس مجلس إدارة الشركة، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «متحفنا يتميز عن غيره بتماثيله المصنوعة من مادة السيلكون وليس من الشمع أو الخشب، وقد أصبح فريدا من نوعه ليس فقط في لبنان بل على مستوى الشرق الأوسط والعالم ككل، ففي متحفي (غرافان) في فرنسا و(تيسو) في لندن، وهما أهم متحفين للشخصيات العالمية، لا وجود لتماثيل متحركة وناطقة، بينما قسم كبير من تماثيلنا يتحرك ويتكلم ويغني على طريقة الروبوت، مما يضع الزائر والسائح أمام مشهد بانورامي فريد».

عند دخولك المتحف يستوقفك رجل الأمن تقابله المضيفة، لكنهما ليسا حقيقيين كما يظهران بل مصنوعان من مادة السيلكون، وذلك إيذانا ببدء رحلة بين شخصيات رحلت أو ما زالت، لكنك في معظم الأحيان لم تتح لك الفرصة أن تقف أمامها وجها لوجه.

أول تمثال يستقبلك في الطابق الأول هو للأديب جبران خليل جبران، يجلس على مكتبه متصفحا كتابه «النبي» وهو يحرك رأسه بهدوء، بينما تتوزع مؤلفاته الأخرى أمامه، وإلى جواره يقف رسامان تشكيليان عالميان هما فان غوخ الذي انتحر لشدة الفقر وقدم أذنه هدية لحبيبته، وليوناردو دافنشي صاحب «الموناليزا»، ومعهما توماس أديسون مخترع المصباح الكهربائي وحسن كامل الصباح اللبناني صاحب الاختراعات السبعين.

وعند ولوجك نهاية القاعة يطالعك الفنان وديع الصافي بأغنية «عالبـال يا عصفورة النهرين»، مما يعيدك إلى أيام الفن الراق-ي، لترد عليه «الشحرورة» صباح بأغنية «هيهات يا بو الزلف»، بينما كوكب الشرق أم كلثوم تطرب الحاضرين بأغنية الأطلال.

التعريف بكل شخصية تقوم به المرشدة السياحية، لكنك قد لا تحتاج إلى مساعدتها، عندما تسمع عبارة «بغداد آمنة ولا وجود للجنود الأميركيين في شوارعها، والعلوج سينتحرون على أسوار بغداد»، العبارات الشهيرة لوزير الإعلام العراقي السابق محمد سعيد الصحاف ببدلته العسكرية.

كما تلتقي في هذا الطابق المعمر اللبناني الأكبر سنا، إلى جانب أسمن وأقصر وأطول رجل في العالم مسجلين في كتاب «غينيس» للأرقام القياسية.

ومن مشاهير المتحف الرؤساء الأميركي جورج بوش، الكوبي فيدل كاسترو، المصري محمد حسني مبارك، الفرنسي جاك شيراك، الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير، والأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان، والرئيس العراقي السابق صدام حسين.

ومن الراحلين رؤساء وشخصيات، منها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز، الزعيم المصري جمال عبد الناصر، الرئيس الإماراتي الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الملك الحسين بن طلال، والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، والبابا يوحنا بولس الثاني.

أما الشخصيات السياسية اللبنانية، فكان أبرزها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، والرئيس السابق أمين الجميل، والرئيس الراحل بشير الجميل، والنائب وليد جنبلاط، والبطريرك الماروني السابق نصر الله بطرس صفير.

وحول بداية المشروع، يوضح بيار معلوف: «الفكرة انطلقت عام 1999 عندما صنعنا أول تمثال من السيلكون لـ (حنا السكران) وهي شخصية مأخوذة من أغنية للرحابنة غنتها السيدة فيروز، ووضعناه على مدخل أحد مشاريعنا الترفيهية، فلاقى رواجا كبيرا خاصة أنه يغني ويتحرك، مما دفعنا إلى إنشاء متحف يضم مشاهير من لبنان والعالم».

ما يقارب الـ50 تمثالا يتوزعون في أنحاء المتحف، اعتمد الإخوة معلوف في صناعتها على مادة جديدة محتفظين لأنفسهم باسمها، أضيفت إلى مادة «السيلكون» القريبة جدا لطبيعة جلد الإنسان، التي تتيح إظهار تفاصيل الوجه واليدين بدقة، علما أن العمل بـهذه المادة هو أكثر تعقيدا من العمل بمواد أخرى كالشمع والـ«فيبر غلاس» الممزوج بالشمع كما درجت العادة في المتاحف الأخرى وفق تعبير بيار.

بدوره، يشير جورج إلى أن الشخصيات مبرمجة على الكومبيوتر، مبديا فخره بأن هذه العملية تتم بجهد شخصي من قبل شقيقيه بيار، إذ بإمكان الشخصية أن تتحرك أو أن تتكلم عند وقوف الزائر أمامها بواسطة إشارة ضوئية تتلقاها. وهي مسألة مترابطة ومعقدة ومستوحاة من «الروبوت».

ومن الحوادث الطريفة التي شهدها المتحف، هي قيام الفنان السوري دريد لحّام عند زيارته المتحف وبـ«هضامته» المعهودة، بتقليد وضعية تمثاله، فظنه الزائرون في ذلك النهار تمثالا لا يختلف عما هو مجسد في المتحف من تماثيل. واليوم ينتظر الإخوة معلوف تحسن الأوضاع الأمنية والسياسية في بلدهم الأم كي يتسنى لهم صناعة تماثيلهم فيه بأنفسهم.

وفي الختام، يؤكد بيار أن الرعاية المطلوبة للمتحف غائبة من الدولة، باستثناء إدخاله مؤخرا على قائمة الخريطة السياحية في لبنان، ليبقى التمويل الذاتي سيد الموقف، حيث يكلف التمثال الواحد بين 22 و25 ألف دولار، كاشفا أن بعض الشخصيات العربية قامت بإرسال من يهتم بالرعاية من قبلها عندما علمت بتجسيد تماثيل لها في المتحف.