شاهيناز حسين تمزج تراث العلاج بالأعشاب الهندية بمستحضرات التجميل المعاصرة

منتجاتها تباع في 150 ألف محل بالهند وفي أكثر من 150 دولة

TT

هذه هي قصة أميرة الجمال، التي أدخلت تراث العلاج بالأعشاب الهندية العظيم «الأيورفيدا» (نظام الطب الهندي التقليدي) في مستحضرات التجميل اليومية الحديثة.

لقد أدخلت شاهيناز حسين، ملكة التجميل بالأعشاب في الهند، صناعة مستحضرات التجميل الهندية إلى الخريطة العالمية من مجموعتها الشهيرة من منتجات التجميل التي تجمع فيها كل أنواع العلاج العشبية القديمة الهندية في أحدث ابتكارات في عالم التجميل.

وبوصفها عملاقة في مجال التجميل، التي تشكل شبكة التجميل خاصتها تهديدا كبيرا لعالم مستحضرات التجميل، تبدو قصتها أشبه بحكاية خيالية.

ولانحدارها من أسرة ملكية، حيث كان والدها من الأسرة المالكة الأفغانية وأمها من الأسرة المالكة الحاكمة لحيدر آباد، فقد نعمت شاهيناز بطفولة خيالية إلى أن قلبت صحة والدتها المتدهورة حياتها رأسا على عقب. تمت خطبتها في سن الثالثة عشرة وتزوجت في سن الرابعة عشرة، وأصبحت أما في سن الخامسة عشرة، لكن على عكس التوقعات، شقت طريقا لنفسها.

تسترجع ذكريات تلك الفترة من حياتها قائلة: «كنت أبكي كل يوم؛ كنت في حالة من الملل الشديد. أدركت أنني لا يمكن أن أكون ربة منزل. سرعان ما بدأ روتين العمل الشاق الممل. أيقنت فجأة الحقيقة المرة للكلمات التي كتبتها من قبل: يجب ألا أدع حياتي تكون عبارة عن سلسلة من الأيام والليالي، من الأمل والحسرة، بحيث عندما توافيني المنية، أغلق عيني وأقول إنها كانت تستحق العناء.

بدأت دراسة التجميل في سن السابعة عشرة وانتقلت من لندن إلى باريس وألمانيا والدنمارك ونيويورك، خلال 10 سنوات. لم أتوقف حتى شعرت بأنني قد وصلت إلى القمة. بعدها، في سن السابعة والعشرين، تقلد زوجي منصب رئيس قسم التجارة الخارجية بشركة (إس تي سي) في طهران. كنت بحاجة للمال للدراسة الجامعية. لم يكن بإمكاني تحدث الفارسية، لذلك، لم يكن حصولي على وظيفة بالأمر الهين. كنت دائما كاتبة منتجة. أخيرا، حصلت على وظيفة محررة في باب التجميل بصحيفة (إيران تريبيون). طلب مني أن أعطيهم 500 كلمة أسبوعيا. كنت أعطيهم 10.000 كلمة أسبوعيا! كتبت عن كل المواضيع. في النهاية، كتبت 6 مقالات عن موضوع واحد. وتحت أسماء مستعارة، زادت ثقتي بنفسي، وبالمثل زاد دخلي. فجأة، تم إخباري بأن كتابتي غير مقروءة وأن بإمكاني كتابة مقالاتي على الكومبيوتر. توجهت إلى مكتبة أبراهام لينكولن واشتريت كتابا عن الكتابة على الكومبيوتر بطريقة بيتمان. ظللت أكتب طوال الليل، بإصبع واحد، وطوال النهار حتى نزفت أناملي. وكانت الطريقة الوحيدة لوقف الألم والنزيف هي ربط عصابات. كانت عزيمتي هي مرشدي.

كنت بحاجة لكسب المال لاستكمال دراستي الجامعية بالخارج. في النهاية، تمكنت من تحقيق دخل من خلال عامين من التخصص في مستحضرات التجميل ومبحث الشعر». تقول: «لم أرغب في تعلم فنون العناية بالشعر والماكياج، إنما أردت فقط القيام بأنواع العلاج التجميلية مثل التدليك». وتضيف: «إنني لست خبيرة تجميل، بل معالجة».

مع مواصلة دراستها، أدركت الآثار الضارة للمواد الكيميائية على جسم الإنسان. درست «الأيورفيدا» وأدركت أنه أفضل بديل لمستحضرات التجميل المصنوعة من مواد كيميائية.

عادت شاهيناز وزوجها إلى الهند واستقر بهما المقام في نيودلهي.

وبعد اقتراضها 35.000 روبية من والدها في أوائل السبعينات، أنشأت حسين متجرا في وطنها. قدمت استشارات مجانية، ثم عملت في مجال تقديم العلاجات الطبيعية، وهو مفهوم جديد بالنسبة لصالون تجميل في تلك الفترة في نيودلهي، على حد قولها. تهافت العملاء لتجربة هذا النوع الجديد من التجميل. تمزح شاهيناز قائلة: «الشيء الوحيد الذي لم يكن لدي وقت للقيام به هو حساب كل أموالي». أطلقت على المحل، الذي كانت تعد فيه كريمات لتقشير الوجه اسم صالون شاهيناز حسين. تقول: «لم أفكر مطلقا في أن أطلق عليه أي اسم آخر».

عندما بدأ زبائن شاهيناز يطلبون أنواعا من لوشن الجلد لأخذها معهم عند عودتهم إلى الوطن، بدأت ترويج منتجاتها في زجاجات صغيرة يتم شراؤها من سوق محلية وضعت عليها ملصقا يحمل اسمها. كان أحد أول ابتكاراتها، وهو «شاغرين»، مستلهما من وصفة أمها المؤلفة من الأرز وبتلات الورد والأعشاب وزيت خشب الصندل لعلاج الوجه خلال الليل. بعدها، أصبحت قصة نجاحها معروفة، فبدعم من رئيسة الوزراء الهندية في ذلك الوقت، أنديرا غاندي، استطاعت أن تجد لنفسها موطئ قدم في مهرجانات الهند وأن تبيع منتجات لشخصيات شهيرة مثل إنغريد برغمان والأميرة ديانا وباربرا كارتلاند ومايكل جاكسون.

واليوم، تتحدث بأسلوب ودود عن العلاقة التي نمت تدريجيا مع زوجها. وفي عام 1987، استقال من منصبه الحكومي للعمل معها في مجالها، في اتفاق غير معتاد في الهند، حيث عادة ما يتوقع أن ترحب النساء بالأعمال المنزلية بعد الزواج.

وتقول إنه عندما عانى زوجها أزمة قلبية حادة في عام 1997، تحطم قلبها وكانت في حالة أقرب للموت. تقول: «لم أعرف الحياة من دونه».

كذلك، تشعر بالأسى على ابنها سمير، الذي توفي قبل أربع سنوات بعد سقوطه من شرفة أحد أقاربهم. وتم إخبار حسين بأن ابنها قد انتحر. لكنها تشك في احتمالات أخرى.

واليوم، تزوجت شاهيناز مرة أخرى براج كومار بوري، الذي يقول إنه مستثمر وإنه ليس مشاركا في إدارة أعمالها.

ورفضت تحديد سنها خلاف قولها إنها في الستينات من عمرها.

تقول بصوت رخيم: «يجب ألا تذكر سنك مطلقا في مجال التجميل».

تعيش شاهيناز، التي تشير لنفسها بلقب «أميرة» (وهو لقب منحته لها أمها)، نمط حياة ملكيا أيضا. فهناك نحو 26 خادما رهن إشارتها على مدار اليوم في منزلها الرئيسي في نيودلهي (بحسب قولها، تملك 19 منزلا في نيودلهي، ومزرعة مساحتها 35 فدانا ومنازل في مومباي ولندن). ويضم طاقم معاونيها الدائمين بائع زهور وسباكا ونجارا وكهربائيا وعامل هواتف وفنانا متخصصا في مستحضرات التجميل ومصورا ومصفف شعر، بالإضافة إلى طهاة وسائقين وخياطين مقيمين. يعمل طاقم العاملين المنزليين النهاريين المؤلف من 60 شخصا من خلال نظام أجراس كهربائية صغيرة موضوعة على مقاعد حسين المفضلة في كل غرفة.

يبدأ يوم شاهيناز بممارسة رياضة اليوغا وتمارين لياقة بدنية لمدة 20 دقيقة. تقول: «من الجيد الحفاظ على مرونة الجسم».

بعدها، تنقع جسدها لمدة 20 دقيقة في ماء استحمام مضاف إليه بتلات الورد وقطرات من زيت خشب الصندل. وعادة ما تكون هناك موسيقى رومانسية ناعمة مصاحبة.

تغسل حسين وجهها باللبن ودقيق الغراهام. وبعد الاستحمام، تستخدم لوشن من الورد، الذي تضم مكوناته الرئيسية الكركم البري. ويعقب ذلك جلسة عناية بأظافر اليدين والقدمين وتدليك للوجه بالألوفيرا.

وتعالج شاهيناز شعرها مرتين أسبوعيا بعدد 16 بياض بيضة ممزوجة بعصير الليمون وزيت الزيتون. وللاحتفاظ بلون شعرها البرغندي (العنابي)، تستخدم بانتظام مزيجا من الحنة وحبوب القهوة المطحونة وعصير الليمون والشاي و20 بيضة.

يعمل ثلاثة خياطين بنظام الدوام الكامل لأجلها، حيث يقومون بأعمال لفق وتطريز الملابس التي تطلبها، وهي الملابس التي غالبا ما ترتديها مرة واحدة دون أن تكررها. تبدو ستراتها وطيات الصدر وأطراف الأكمام والأحزمة فيها مزينة بأجزاء جلدية مقطوعة من حقائب جلدية ماركة «لويس فيتون». هزت شاهيناز شعرها الأسمر المصفر قائلة: «أحب أن تتماشى ملابسي مع حقائبي». وأضافت: «إنني أفضل سفيرة متجولة للويس فيتون».

وتقول، التي عادة ما تصف نفسها بأنها «مدمنة عمل»، إنها تعمل في المعتاد حتى الساعة الرابعة أو الخامسة صباحا، وتنهي يومها بتدليك لقدميها من قبل أحد اختصاصيي التجميل المقيمين بمنزلها.

يظل كبار الاستشاريين في شركتها على اتصال دائم بها عبر هاتفيها الجوالين اللذين عادة ما تتحدث من خلالهما في آن واحد، حتى مع انتظار الكثير من المتصلين على الخط على هاتفها الأرضي.

وعندما تحتاج لإجراء اتصال بعد ساعات الاجتماعات مع مسؤولي الشركة، تطلب من مديريها أن يصطحبوا معهم أفراد أسرهم، الذين توفر لهم كل سبل التسلية من ألعاب وأطعمة وأفلام في طابق مستقل بذاته.

تقول: «الزوجات لا يشعرن بغياب أزواجهن عند قدومهن بصحبتهم». وتضيف: «بتلك الطريقة، يبقى الجميع سعداء».

في محل سكنها الأساسي، جهزت غرفة الجلوس العامة - التي تشير إليها باسم «البيت الأبيض» - بالكثير من الأسرّة البيضاء المغطاة بفراء أبيض مزيف مع وسائد مطرزة بالذهب. تنتشر تماثيل لخيول وتماثيل بوذا وتماثيل لبجع وملائكة، من الكريستال والبورسلين والذهب وطاولات وأرفف منتشرة بمختلف أجزاء الغرفة، تضيئها الكثير من الشمعدانات المصنوعة من الكريستال.

يروق لشاهيناز النظر لنفسها في المرآة دائما. فمعظم الغرف بها مرايا على الحوائط، وتظل مرايا اليد المطعمة بالأحجار الكريمة في متناول يدها. وتوجد أيضا مرآة ملحقة بظهر مسند الظهر في سيارتها، بحيث يمكنها رؤية نفسها أثناء سيرها في الطريق. ومن المتوقع أن يخلف شاهينار، ابنتها نيلوفار كاريمبهوي، التي تشبهها كثيرا. تتحدث كاريمبهوي عن أمها قائلا: «إنها صاحبة هالة مميزة؛ من الصعوبة بمكان وصفها». وتضيف: «سوف تكون هناك مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتقي».

حتى إن جيلا ثالثا قد انضم إلى أصحاب المناصب التنفيذية الرفيعة بالشركة: يشغل ابن كاريمبهوي منصب نائب رئيس الشركة.

وقد ألفت نيلوفار كاريمبهوي، وهي أيضا مؤلفة كتبت سيرة ذاتية عن رحلة والدتها حتى وصولها إلى هذه المرحلة. ويتناول الكتاب، الذي يحمل عنوان «البريق: قصة أمي شاهيناز حسين» طفولتها والسنوات الأولى من زواجها وسنوات كفاحها كسيدة أعمال وحياتها الأسرية.

نيلوفار هي التي جمعت أمها وزوجها الثاني ورجل الأعمال آر كيه بوري معا. «يجب ألا يكون أحد وحيدا. وقد أتى بوري لينصحنا بشكل احترافي وفقد زوجته بعد إصابتها بمرض السرطان.

هنا، كان هناك شخصان في مركزين متماثلين تماما. نشأ في إنجلترا، ويعتبر أنيقا ومناسبا لأمي. شجعت والدتي قدر استطاعتي».

طورت الأم والابنة تركيبات جديدة وتعاونتا مع فريق مع الكيميائيين والأطباء المتخصصين في طب «الأيورفيدا». أحيانا، تستشيران دارسين من سانسكريت لديهم خبرة في الوصفات العلاجية المعتمدة على «الأيورفيدا».

تحكي لكل صحافي يزور منزلها قائلة: «تزوجت في سن الرابعة عشرة وأصبحت أما في الخامسة عشرة» والآن، تقول: «ربما لأنني لم أنعم مطلقا بطفولتي، فإنني مولعة بالدمى ولعب الأطفال». ولذلك، احتفظت بمجموعتها من اللعب.

ليس ثمة أدنى شك في أن شاهيناز حسين كانت تتصرف بما يتوافق وشخصية «أميرة»، مبهرة وسائل الإعلام بصورتها الجذابة، بما ترتديه من حلي وذهب، بحيث يتضاءل بجانبها أفراد الأسر المالكة الأوروبيون.

لقد مزجت ببراعة التقاليد الفظة بالتسويق الحديث المغامر لإنتاج إمبراطورية تجميل صغيرة طموحة. تعتبر أعمال الشركة التي تديرها الأسرة سرية، لكن مسؤولين يقولون إنها تضم 300 امتياز لصالونات تجميل و53 مدرسة تجميل و3000 موظف وما يقرب من أربعة عشر خط إنتاج. «إذا سألت أحد المارة في الشارع عما إذا كان يعرفها أم لا، سيجيبك قائلا (نعم) أعرفها». في الهند، تباع منتجاتها في نحو 150.000 متجر. تحقق منتجاتها رواجا كبيرا في مختلف أنحاء العالم. وهي تزعم أنها لا تبيع مستحضرات تجميل فحسب، لكنها تسوق الحضارة الهندية الثرية.

على المستوى الدولي، تعتبر علامة شاهيناز حسين متاحة في أكثر من 150 دولة من سيول والولايات المتحدة وباريس وميلان واليابان والصين إلى العالم العربي ولندن.

«في أوقات الشدة والحزن، أتوجه إلى الله لمساعدتي في مواجهة هذه المآسي الشديدة. وقد ظل عملي الخيري أيضا مركز نجاح شركتي. كنت أشعر على الدوام بأن من لا يستطيعون رد المال يردونه بالدعاء، لأن الدعاء سلعة لا يمكن شراؤها».

تلقت حسين الكثير من الجوائز مثل «آرك أوف أوروبا غولد ستار فور كواليتي»، و2000 ميلينيوم ميدال أوف أونر، وجائزة راجيف غاندي سادبهافانا والمزيد من الأفراد. كما تسلمت شاهيناز حسين جائزة ليونارد دافنشي دايموند أورد، والميدالية العالمية للحرية في المنتدى العالمي السنوي في واشنطن، وجائزة مبادرة الأعمال العالمية وجائزة المدني الهندي، وجائزة بادام شري.

تكرس حسين نفسها لتطوير منتجات وتنويع مصادر شركتها. ويضم خطها الرجالي، الذي أطلقت عليه مان باور، منتجات العناية بالشعر الذي يسمى شالوكس، والذي تزعم أنه يعالج الصلع. وقالت: «الرجال هم الرجال في كل أنحاء العالم. فهم يربطون الشعر بالرجولة». وقد أثنى زوجها الثاني على منتجها. تباع منتجات شاهيناز حسين بأسعار عالية، على الرغم من أن أحد أكبر منتجات الشركة مبيعات هي كحل العين - كحل عين أسود يشبه أحمر شفاه ضخم مصنوع يدويا، بحسب نائب رئيس الشركة سوريش كومار، من رماد الكربون المأخوذ من زيت الخردل الممزوج بزيت اللوز. (ويقول كومار: «لزيادة نمو الرموش») وتريفالا لتحسين الرؤية.