الشابة رضوى سعد الدين.. أول راقصة تنورة في مصر

كسرت احتكار الرجال لها وابتكرت رقصة خاصة بها

رضوى سعد الدين
TT

تلقف المصريون فن التنورة عن أصوله التركية، وهضموه بخبرتهم الطويلة في الفنون الشعبية، ثم قاموا بتطويره وتحديثه، بحيث تعكس رقصة التنورة أجواء الحس الإسلامي الصوفي الذي يرجع إلى مفهوم الحركة في الكون، حيث تبدأ الرقصة من نقطة وتنتهي عند النقطة نفسها.

ومؤخرا أصبحت التنورة أكثر رواجا لدى المصريين وتحولت إلى موضة في الأفراح، وتبرز بشكل أكثر رواجا في شهر رمضان، خصوصا في الخيام الرمضانية التي تهتم بتقديم الفنون الشعبية.. ورغم أن هذا الفن الراقي كان قاصرا لفترات طويلة على الرجال، لما يحتاج إليه من مجهود بدني وذهني عالٍ، فإن المرأة استطاعت دخوله والنجاح فيه بجدارة، وهذا ما حققته رضوى سعد الدين، أول راقصة تنورة في مصر. فرغم أن عمرها لا يتعدى 22 سنة وتدرس بالفرقة الثالثة بمعهد نظم ومعلومات، وهي عضو في فرقة النيل للآلات الشعبية، فإنها استطاعت إثبات قدرتها على منافسة الرجال في هذا الفن الرائع.

تقول رضوى: «تعلمت رقص التنورة بالصدفة البحتة في عام 2008، عندما كنت أقدم أحد عروض الرقص الشعبي في قاعة منف خلف مسرح البالون بحي العجوزة، وشاهدني الكابتن سامي السويسي راقص التنورة الشهير وعضو فرقة المولاوية، وعرض علي أن يعلمني رقص التنورة، خصوصا أنه كان يسعى لتكوين فرقة من البنات لرقص التنورة، وبالفعل وافقت رغم أنني لم أكن متحمسة بالقدر الكافي، وتوقعت في البداية أن الأمر سهل وبسيط، لكنني صدمت عندما اكتشفت أن الأمر مختلف تماما، وكان معي نحو 8 فتيات لم تستمررن في التدريبات بسبب صعوبتها.. لكنني أعجبت بالفكرة وقررت الاستمرار في التدريبات بمفردي».

وعن رد فعل أسرتها عندما بدأت تعلم رقص التنورة تقول رضوى: «لم يكن أحد من أفراد أسرتي يعلم بتدريبات رقص التنورة سوى والدتي، ورغم أنها كانت خائفة علي جدا فإنها تركتني أخوض التجربة. وعندما قدمت أول عرض لي في بيت السحيمي بالأزهر فوجئت بحضور والدي مع والدتي لمشاهدتي، ووقتها كنت مرتبكة جدا وخائفة من رد فعله، لكنني رأيت على وجهه سعادة لم أرَها من قبل، ومع نجاحي وتشجيع الجمهور لي تحمس والدي بشكل لم أكن أتوقعه على الإطلاق، وأصبح هو أول المشجعين لي».

تضيف رضوى أنها في البداية كانت تقوم بالدوران لمدة ربع أو ثلث ساعة، أما حاليا فأصبحت تقوم باللف لمدة تتجاوز 45 دقيقة وقد تصل إلى ساعة متواصلة في العرض الواحد. وتؤكد أن التدريب المستمر هو السبب في ذلك، لذا تحرص عليه باستمرار، خصوصا قبل الحفلات.

وعن شروط تعلم رقص التنورة تؤكد رضوى أن تعلم التنورة ليس بالأمر السهل، لكن رغم ذلك لا يشترط في من يرغب في تعلمها سوى التمتع بصحة عامة جيدة بالإضافة إلى انتظام النفَس وعدم وجود أنيميا.

وتوضح رضوى أن وزن التنورة يزيد على 10 كيلوغرامات وما يجعلها لا تشعر بهذا الوزن أثناء الدوران هو سرعة اللف، فكلما كانت أسرع في الدوران أصبحت التنورة أخف. وهذا يتوقف أيضا على التدريبات التي تحرص رضوى عليها يوميا.

وتختلف «التراكات» الخاصة برقص التنورة وفقا للمناسبة التي تعرض فيها، فتعد أشهرها «شراع المركب»، و«الفانوس»، و«ترس فانوس»، و«ترس وسط»، و«تثبيت». وقامت رضوى بابتكار رقصة خاصة بها، لكنها لم تطلق عليها اسما حتى الآن.

أما بالنسبة لأنواع الرقصات، فهناك رقص التنورة الصوفي ويكون بالتنورة الملونة، وهذه الحالة تشبه «حلقة الذكر» إلى حد كبير، أما الرقص «المولوي» فيكون بالتنورة البيضاء فقط، ويكون فيه ما يشبه مناجاة لله، وهذا ليس له علاقة بالدين لكنها مجرد تشبيهات.

وعن الأماكن التي تقدم بها رضوى عروض التنورة تقول: «قدمت الكثير من الحفلات في أماكن مختلفة في القاهرة، أهمها ساقية الصاوي وبيت السحيمي وقصر الأمير طاز، بالإضافة إلى عدد كبير من فنادق الـ5 نجوم، كما سافرت إلى الإسكندرية ومطروح والغردقة وغيرها وعرض علي كثيرا السفر إلى الخارج لتقديم عروض التنورة بعدد من الدول العربية والأجنبية، لكنني أرفض ذلك في الوقت الحالي بسبب انشغالي بالدراسة وعدم قدرتي على السفر لفترات طويلة».

وفي ما يتعلق بجمهور رضوى الذي يحرص على مشاهدة عروضها فتؤكد أن لها جمهورا من جميع الفئات، فمثلا جمهورها في بيت السحيمي هم كبار السن والأسر المهتمة بهذا النوع من الفنون الشعبية الموروثة، أما في ساقية الصاوي فجمهورها من الشباب، بينما يهتم الأجانب بمشاهدة عروض التنورة في أي مكان، فهو بالنسبة لهم فن باهر.

وتذكر رضوى أن راقصي التنورة تباينت حول اقتحام أنثى لهذا الفن المقصور على الرجال، خصوصا مع تحقيقها نجاحا كبيرا وخلال سنوات قليلة، فمنهم من ساعدها وشجعها، خصوصا أنها تعلمت على يد راقص التنورة الأشهر في مصر، ومنهم من عارضوها وانتقدوها واعتبروا دخولها هذا المجال نوعا من التحدي لهم.

وعن أمنياتها في المستقبل تقول رضوى إنها تتمنى أن تنشئ مدرسة لتعليم رقص التنورة، وأن تقوم بتدريب غيرها من الفتيات اللاتي يرغبن في تعلم هذا الفن الشعبي الراقي، الذي يعد من صميم التراث المصري العظيم.