مسلمو فرنسا ينفقون 350 مليون يورو في رمضان

يتفقون على الاستهلاك ويختلفون في وجهات النظر

عائلات مسلمة تتسوق في إحدى أسواق مدينة إنين بومون الفرنسية (نيويورك تايمز)
TT

جاء في دراسة أعدتها شركة اقتصادية أن مسلمي فرنسا يستعدون لإنفاق ما مجموعه 350 مليون يورو، تقريبا، بمناسبة شهر رمضان، الذي سيبدأ الأسبوع المقبل. وحسب الدراسة التي نشرت نتائجها أمس، فإن معظم هذا المبلغ يذهب للمواد الغذائية، وبالأخص اللحوم والحبوب ومنتجات الألبان والحلويات.

وتشير الدراسة التي قام بها باحثو شركة «سوليس» التي يديرها عباس بندالي والمتخصصة في اتجاهات الاستهلاك لدى الجماعات الإثنية في فرنسا، إلى أن العائلات التي تصوم في رمضان تطبخ بكميات أكبر خلال هذا الشهر لكي تكون مائدة الإفطار مميزة. كما أن المتاجر الكبيرة المتخصصة في بيع المأكولات واللحوم الحلال تقدم عروضا أوسع من المعتاد في باقي أشهر السنة، وتتفنن في أساليب اجتذاب الزبائن. ومن جهتها، تحاول سلاسل المتاجر الفرنسية الشهيرة، مثل «كارفور» و«كازينو» و«أوشان» أن لا يفوتها القطار، لذلك طبعت منشورات دعائية خاصة بالشهر الكريم، ووسّعت من المساحات المخصصة لعرض المنتجات المحضّرة وفق الشريعة الإسلامية.

وقال بندالي لوكالة الصحافة الفرنسية إن عربة التسوق المتوسطة للعائلة المسلمة في فرنسا تتضخم بنسبة 30 في المائة خلال رمضان. ومن أهم ما تحرص ربات البيوت المهاجرات على اقتنائه رقائق تحضير المعجنات والتمور والألبان الرائبة وأنواع الحساء المجفف المعتاد في بلدان المغرب العربي، مثل الحريرة المغربية والشوربة العربية في الجزائر. وتضاف إلى المواد السابقة قناني المشروبات الغازية والعصائر التي تنتجها شركات محلية يديرها مسلمون أو يجري استيرادها من مصر والمغرب وتركيا. وتشهد هذه المنتجات قفزات في أرقام مبيعاتها مع حلول شهر رمضان.

وتترافق الاستعدادات مع بادرة من المجلس الفرنسي للعقيدة الإسلامية لحساب مواعيد الاحتفال بالأعياد، وبدء شهر الصيام وفق تقويم قمري حسابي، وليس بالطريقة التقليدية التي تعتمد على الرؤية بالعين المجردة. وهم ما زالوا حتى الآن يتابعون ما يصدر من بيانات بهذا الخصوص في المملكة العربية السعودية أو مصر أو إيران، ليقرروا موعد كل مناسبة، مع ما قد يحصل من اختلاف في تحديدها. وتم الاتفاق على تشكيل لجنة لدراسة التقويم الحسابي المقترح الذي من المؤمل أن يبدأ العمل به اعتبارا من السنة المقبلة.

ويأتي رمضان، هذا العام، شاهدا على انقسام جديد في أوساط المسلمين الفرنسيين الذين تقدّر أعدادهم بأكثر من 6 ملايين نسمة. فقد أعلن عميد مسجد باريس الكبير، دليل بوبكر، عن استقالته وسحب ممثليه، الأربعاء الماضي، من المجلس الفرنسي للعقيدة الإسلامية، الذي تأسس عام 2003 ويرأسه، حاليا، محمد موساوي. وحسب بيان الاستقالة، فإن بوبكر يندد بخلل خطير في إدارة المجلس وانفرادها بالقرارات مما أدى إلى تقليص الدور المتاح لمسجد باريس. وما الاستقالة سوى حلقة في مسلسل طويل من الاختلاف في وجهات النظر، يستمر منذ عقود، بين التيارات المختلفة التي تقود مسلمي فرنسا وكانت تتدخل فيها أيد من الخارج. فالقائمون على مسجد باريس الكبير، أقدم مساجد البلاد وأشهرها والذي ساهمت الجزائر في الإشراف عليه، تاريخيا، يعارضون على الربط بين مساحات المساجد وبين عدد ممثليها في المجلس. وهم يرون أن تعداد المسلمين الفرنسيين الجزائريي الأصل هو الأكبر، وبالتالي فإن تمثيلهم لا بد أن ينسجم مع نسبتهم العددية.

وإذا كانت الحكومات اليمينية السابقة قد سعت لتشكيل ما يسمى بـ«إسلام فرنسي» له مواصفاته الخاصة، وبذل الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، ومن قبله الرئيس شيراك، جهودا لتوحيد صوت ممثلي المسلمين، مع الاعتراف بالحساسيات الموجودة بينهم، فإن ما أثار الانتباه نمط الخطاب المباشر والصريح الذي ألقاه وزير الداخلية الاشتراكي الجديد، مانويل فالس، أثناء افتتاحه مسجد ضاحية «سيرجي»، شمال باريس، قبل أيام. فالوزير الذي يعتبر بحكم منصبه مسؤولا عن العقائد في فرنسا، ندد بما وصفه بـ«الانقسام والأنانية والتنافس» بين ممثلي المسلمين في البلد. فهل يكون رمضان مدخلا لإجراءات من نوع جديد في التعامل مع مشكلة عتيقة؟