كاظم الساهر: لأني أحبكم أغني نزار

في «مهرجانات بيبلوس».. قصيدة جديدة لشاعر الحب لحنها الفنان العراقي

TT

الجمهور اللبناني كان على موعد مع نزار قباني، مساء أول من أمس (السبت)، على مرفأ جبيل. بعد 13 سنة على رحيله حضر شاعر الحب مكرما، مغنى، بعد أن خصصت له «مهرجانات بيبلوس» حفلا خاصا مستفيدة من استضافة كاظم الساهر، وارتباطه الوثيق بالشاعر المحبوب.

على تذكرة الدخول عبارة بتوقيع كاظم الساهر تقول: «لأني أحبكم أغني نزار»، وهو العنوان الذي رافق حفله في «فورورم دو بيروت» في فبراير (شباط) الماضي، وأقيم بمناسبة عيد الحب. البعض ربما لم يدرك أن الحفل سيقتصر على قصائد قباني، وظل يمني النفس بشيء آخر. البداية كانت نزارية، وهكذا بقي الأمر حتى النهاية.

التأخير المعتاد الذي وصل إلى ساعة قبل بدء الحفل، لم يعكر مزاج الجمهور. فما إن أطل كاظم الساهر وبدأ بغناء «إني خيرتك فاختاري» حتى استنفر الحضور تصفيقا وتشجيعا. لم يغن أحد شعر نزار بقدر ما غناه هذا الفنان. ثمة ما كان يدعو للتأمل في حفل مهرجانات جبيل؛ آلاف الناس، غالبيتهم من اللبنانيين، جاءوا للقاء هذا الفنان العراقي الذي يغني قصائد لشاعر سوري باللغة الفصحى. خلطة عربية سورية لبنانية عراقية، تثبت كم هي قدرة الفن على إسقاط الحواجز الوهمية وإعادة الناس إلى جوهر ثقافتهم ولغتهم. كيف لكل هؤلاء أن يعشقوا الفصحى ويغنوها، في الوقت الذي تبدو فيه العربية، حتى العامية منها، ثقيلة على أبنائها. كان من الجميل أيضا رؤية الناس يغنون القصائد التي حفظوها عن ظهر قلب. فمع اللحن والموسيقى صار نزار قباني أكثر شعبية وأقرب إلى قلوب الناس، بل صار معشوقا ينتشون معه دون كلل أو تعب.

غنى كاظم الساهر «زيديني عشقا زيديني» ثم «علمني حبك سيدتي أسوأ عادات»، «أشهد أن امرأة»، «قولي أحبك كي تزيد وسامتي»، «أحبك جدا وأعرف أن الطريق إليك مستحيلا»، «يدك التي حطت على كتفي كحمامة»، «صباحك سكر»، «هل عندك شك»، «قاتلتي ترقص حافية القدمين»، وقصائد قبانية أخرى جعل منها الساهر جزءا من ريبرتواره وسجله الغنائي، أسمعها لجمهوره الذي ظل يطالب بأغان أخرى، من بينها «يا مستبدة» و«بغداد»، لكن الساهر قال منذ البداية إن الحفل مخصص لنزار قباني ولتكريمه، «وأنا عبد مأمور أنفذ ما قيل لي افعله».

قصيدة جديدة لنزار أضيفت إلى سجل الساهر لحنها وغناها للمناسبة تقول كلماتها «لو لم تكوني أنت في حياتي.. كنت اخترعت امرأة مثلك يا حبيبتي.. قامتها كالسيف.. وعينها صافية مثل سماء الصيف» ألقى الساهر القصيدة ليتعرف عليها الجمهور، ومن ثم غناها ملحنة، بعد أن أوضح أنها جديدة وصعبة وتحتاج شيئا من الإنصات، متمنيا أن تصبح هذه القصيدة صديقة الناس وأليفتهم، كما كان حال قصائد أخرى سبقتها.

شاشة كبيرة شغلت خلفية المسرح، خصصت لنقل مباشر لصورة الفنان وهو يغني، أو في لحظات أخرى كانت تعكس صورة القوارب التي تمخر البحر، إضافة إلى مشهد الواجهة البحرية لشاطئ جونية بأضوائه ومبانيه والمرتفع الجبلي الذي يمتد خلفه. وهي فكرة بديعة نراها للمرة الأولى في حفلات بيبلوس. فالمكان بحد ذاته فاتن خصوصا أن المدرجات نفسها، كما المسرح، كلها منتصبة فوق البحر.

ساعتان مع نزار، لتكريم هذا الشاعر السوري في لحظة حزن كبيرة لسوريا. سوريا كانت حاضرة أول من أمس لا بالمجازر والدماء، وإنما بالحب والعشق وعبقرية أحد أدبائها الكبار الذين فتنوا العرب شعرا وجمالا.

على ألحان «أجيبيني بلا عقد»، و«قل لي ولو كذبا كلاما ناعما»، تمايلت النساء اللواتي شغلن غالبية الأماكن. وبلا كلل أو استراحة غنى الساهر الحب والمرأة، ليودع جمهوره معيدا أغنيته الجديدة على مسامعهم طمعا في جعلها جزءا من وجدانهم «لو لم تكوني أنت في حياتي، كنت اخترعت امرأة مثلك».