السينما المصرية في باريس.. حب.. إسلاميون وثورة تحرير

تستمر طيلة الصيف في المتحف السينمائي الفرنسي

خالد أبو النجا في فيلم «ميكروفون»
TT

تشكل العروض الاستعادية للسينما المصرية التي تستمر طيلة الصيف في المتحف السينمائي الفرنسي الحدث الفني العربي الأول في باريس، ويأتي تنظيم التظاهرة في سياق تركيز الإعلام الفرنسي هذه الأيام على انتخاب أول رئيس إسلامي في بلد الفراعنة والأهرام وأم كلثوم وطه حسين والعقاد وعبد الناصر والسيد قطب ونجيب محفوظ. وتحضر ثورة التحرير غير المسبوقة في التظاهرة بشكل يعمق عظمة تاريخ شعب يبدع في كل الحالات بفضل فنانين يتكاملون مع بعضهم البعض، ولا أدل على ذلك برمجة أفلامهم التي واكبت الأحداث والتحولات المصيرية والقضايا أو الأخرى التي خلدت الغرام والغناء والرقص والأخيرة الجديدة التي أرخت لدماء شهداء التحرير ودموع الأمهات والثكالى وتضحيات شبان من أجل مصر كريمة حرة وعادلة.

ويكتشف المطلع على البرمجة ـ التي أشرفت عليها الناقدة والمؤرخة السنمائية المعروفة ماجدة واصف والمديرة الفنية لمهرجان القاهرة السينمائي والمسؤولة السابقة التي أدارت مصلحة السينما في معهد العالم العربي مدة عشرين عاما ـ أن التوازن كان سيد الموقف استنادا لنوعية خمسين فيلما تعطي أكثر من فكرة وانطباع عن مسار وتطور ونزعات فنانين سينمائيين مصريين دخلوا بيوت كل العرب والكثير من الغربيين وأبهروا عشاق الشاشة الفضية في أكبر المحافل السينمائية الغربية كما تشهد مجددا على ذلك عاصمة تريفو وغودار وبونويال. المطلع على برنامج الاستعادة يلاحظ بسرعة دقة الاختيار العاكس للإنتاج السينمائي الضخم الذي خرج من رحم استوديوهات مصر أو ما أطلق عليها بـ«هوليوود النيل» على حد تعبير إلودي ديفور المسؤولة الإعلامية لـ«الشرق الأوسط» التي تحدثت لبعض الفرنسيين الذين حضروا معها عرض فيلم «باب الحديد» للمخرج الشهير يوسف شاهين، وحسب كاترين وبيار مارك وإيزابيل الذين جاءوا رفقة مجموعة من الأصدقاء والصديقات من ضاحية بعيدة لمشاهدة أفلام البلد العربي: «فإن مصر التي أحبوها في أكثر من مناسبة سياحية لا تتغير في نظرهم رغم كل ما يقال من تهويل إعلامي منذ صعود الإسلاميين إلى السلطة وهي أكبر من أي تحول ظرفي لعراقة حضارتها وسمعتها الثقافية والفنية ولا أدل على صحة ذلك من تظاهرة السينما المصرية التي نحضرها» أضافت تقول إيزابيل. وتضمن البرنامج عناوين أفلام أضحت ذاكرة سينمائية محفورة في القلوب والعقول مثل «إسكندرية ليه» و«الأرض» و«العصفور» ليوسف شاهين الأكثر شهرة في فرنسا حسب فريدة، و«حياة أو موت» لكمال الشيخ و«ميت بين الأحياء» و«الزوجة الثانية» و«القاهرة 30» لصلاح أبو سيف و«المومياء» لشادي عبد السلام، و«البوسطجي» لحسين كمال و«السكرية» لحسن الإمام و«البريء» و«ليلة ساخنة» لعاطف الطيب و«الكرنك» لعلي بدرخان و«سلامة بخير» لنيازي مصطفى و«زوجة رجل مهم» لمحمد خان و«عبور المعجزات» لحسن الإمام و«أمير الخديعة» لهنري بركات وغيرها من الأفلام التي تراوحت في مستوياتها وحساسياتها الفنية لكنها عكست توجهات غارقة في الضمير الاجتماعي الجمعي وشكلت تجربة تجازوها جيل الموجة الجديدة بكثير من الالتزام الاجتماعي والسياسي الواضح والمرفق بلغة سينمائية تستقي روحها من مفهوم سينما المؤلف على طريقة الموجة الجديدة التي عرفتها فرنسا بقيادة فرنسوا تريفو، وبذلك يكون الجيل الجديد قد تجاوز الهدف التجاري الذي جسدته الميلودراما والكوميديات الموسيقية ولامس الواقع من منظور نقدي مباشر الطابوهات المختلفة والأمراض الاجتماعية والفساد وكل أشكال الحرمان النفسي والتطرف الديني والكبت الجنسي. كما كان منتظرا، حضرت الأفلام التي تحذر من الإسلام السياسي أو بالأحرى من التطرف والتزمت والإرهاب وكان من الطبيعي أن تبرمج أفلام من هذه الفصيلة في سياق سياسي مصري أصبح حديث العام والخاص في العالم العربي وفي العالم الغربي. تحت هذه العناوين المثيرة إعلاميا والمغرية تجاريا ضمت البرمجة أفلام «الإرهاب والكباب» لشريف عرفة و«عمارة يعقوبيان» لمروان حامد وأفلام شبان السينما المستقلة ورموز الموجة الجديدة مثل «ميكروفون» لأحمد عبد الله البالغ من العمر 34 عاما و «أسماء» لعمر سلامة و«الطيب والوحش والسياسي» الذي أخرجه شبان بصدد تأسيس لسينما جديدة وجريئة وحرة من خلال شركات إنتاج تزاوج بين الالتزام والصناعة السينمائية ومن بين رموز هذه السينما محمد حفظي صاحب شركة «ذي فيلم كلينيك».

فيلم «تحرير ساحة الثورة» للمخرج الإيطالي ستيفانو سافونا الذي سبق أن عرف إقبالا كبيرا في القاعات الباريسية قبل شهور و«مفروزة» لإيمانويال ديموريس، و«نساء الباص 678» لمحمد دياب و«عمارة يعقوبيان» لمروان حامد و«صفر» لكاملة أبو زكري و«1 -2 ثورة» لكريم الحكيم وعمر شرقاوي كلها أفلام مرشحة لجذب عدد كبير من الفرنسيين رغم شتاء وخريف صيف عاصمة ما أصبح يسمى أوروبيا «بالإيجيبتومانيا».