مدينة المحرس التونسية.. ربع قرن من الفنون التشكيلية

TT

بمشاركة عشرين دولة عربية وأجنبية احتضنت مدينة المحرس التونسية الواقعة على الساحل الشرقي التونسي (قرابة 350 كلم عن العاصمة التونسية) المهرجان الدولي للفنون التشكيلية في دورته الخامسة والعشرين منذ انبعاثه، حتى بات اسم مدينة المحرس مقترنا بهذا المهرجان الذي أصبح قبلة للفنانين التشكيليين من كل أصقاع العالم. فمنذ الدورة الأولى التي رفعت شعار «الفن يخرج إلى الشارع» لم يتوان المهرجان على التأكيد الفعلي على مسألة مواطنة الفنان وضرورة تفعيل دوره في صياغة مشهدية المدينة.

وتمت عملية تحويل شاطئ المدينة من سبخة مليئة بالفضلات إلى متحف فني في الهواء الطلق، وأصبح ذاك الفضاء يتسع إلى أكثر من ستين عملا فنيا علاوة على أعمال أخرى منتشرة في داخل المدينة. وما أنجز خلال هذه السنوات المنقضية، استطاع أن يؤسس لثقافة الفنون التشكيلية وأصبح من السهل معاينة تأثير تلك الفنون والإبداعات، خصوصا لدى أطفال المدينة الذين تزايدت مشاركاتهم من دورة إلى أخرى. كما استطاع المهرجان أن يغير في مشهد فضاءات المدينة الخارجية. وشهدت الدورة الجديدة مشاركة كل من ليبيا والجزائر والمغرب ومصر وسوريا ولبنان والعراق والأردن وفلسطين وقطر والسعودية بالنسبة إلى الدول العربية إلى جانب مشاركة تركيا وفرنسا وإيطاليا والسويد وإسبانيا وألمانيا وروسيا وبريطانيا.

وقد تحدث محمد قدوار رئيس المهرجان إلى «الشرق الأوسط» فأكد على أهمية الفن والإبداع في تغيير طباع الإنسان فقد عاين بنفسه كيف تحول الشباب في المدينة من فضاءات التسلية المضيعة للوقت في المقاهي، إلى التسلية الممتعة من خلال المشاركة الفعالة في نشر الفنون. وقال: إن الفنان التونسي يوسف الرقيق هو الذي أعطى من وقته وجهده لهذا المهرجان عند تأسيسه، وهو اليوم علامة من علامات مدينة المحرس التونسية حيث لا تذكر بها مشاريع اقتصادية ولكن المئات اليوم يقصدونها لاكتشاف أعمال كبار الفنانين الآتين من مختلف بلدان العالم. ويضيف قدوار أن الفنون تفتح صفحات من العلاقات المتينة مع أناس من كل أصقاع الدنيا باتوا يعرفون تونس من خلال مهرجان الفنون التشكيلية. ورأى بنفسه كيف تحولت مناطق وفضاءات من المدينة إلى أعمال فنية عجيبة بعد أن كانت أرضا لا تعني شيئا لمعظم سكان المدينة.

وقد نظمت بمناسبة المهرجان ندوة فكرية دولية تحت عنوان: «الفن المعاصر، رهان للمجتمع وشأن الجميع، أي مشروع بعد الثورة؟» وتناولت دراسة الفن المعاصر كرهان ثقافي واقتصادي كما تناولت دراسة عوامل نجاح هذين الرهانين. كما أنتج المشاركون مجموعة من الأعمال الفنية في شوارع مدينة المحرس، تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات الفضاء. كما نفذت مجموعة من المعالم الفنية على شاطئ المدينة، يخلد ذكرى الثورة التونسية المتزامنة مع مرور ربع قرن على تأسيس المهرجان. ونظمت الهيئة المديرة للمهرجان معرضا اشتمل على عينات من الأعمال الفنية المنتقاة من مخزون المهرجان مع دليل موثق يتضمن علاوة على صور الأعمال الفنية نصوصا عن مسيرة المهرجان خلال 25 سنة.