حواجز أمنية وازدحامات في وسط لندن مع تهديد بإضرابات عمالية

منظمو أولمبياد 2012 يؤكدون أن أمن الدورة ليس في خطر

رئيس اللجنة الأولمبية الدولية قال إنه واثق أنها ستكون ألعابا ناجحة وجوها سيكون إيجابيا (أ.ف.ب)
TT

تمر العاصمة البريطانية هذه الأيام بأجواء أمنية وإضرابية غير مسبوقة، خصوصا في وسط المدينة. حواجز تفتيش على الطرق الرئيسية تعطي انطباعا خاطئا لضيوف الألعاب الأولمبية، بأن المدينة أعلنت نوعا من حالة الطوارئ الأمنية، على الرغم من تطمينات رسمية وتنظيمية بأن كل ذلك هو مجرد إجراء احترازي، وأن أمن الدورة ليس في خطر.

ورجح رئيس اللجنة الأولمبية الدولية جاك روغ أن ينسى الأمر ما إن تنطلق الألعاب «أعتقد أن لندن ستكون ألعابا ناجحة. كان ثمة تحضير جيد، والمنشآت حديثة جدا، والقرية الأولمبية جيدة جدا. أعتقد أن روحها ستمسح كل علامات الاستفهام. سيكون ثمة جو إيجابي جدا».

الحواجز والمسارات الخاصة التي أنشئت على الطرق لتسهيل وصول المنظمين والمتنافسين والشخصيات المهمة إلى القرية الأولمبية بسرعة لم تكن وحدها هي التي أعطت هذا الانطباع، فقد تم أيضا إعلان مناطق وشوارع بأنها مسارات خاصة بالأولمبياد، مما أزعج أصحاب سيارات الأجرة، الذين نظموا مظاهرة احتجاج أمام البرلمان.

الاتحاد البريطاني لنقابات سائقي القطارات هدد أمس الخميس بتنظيم إضراب عمالي أثناء الأولمبياد، بعد أن وافق مسؤولو الجوازات يوم أول من أمس الأربعاء على إضراب آخر، مما أثار تكهنات بتكدس صفوف طويلة أمام مكاتب فحص جوازات السفر في مطار هيثرو ونقاط العبور الأخرى.

وكان قد بدأ يوم الاثنين الماضي وصول الرياضيين إلى القرية الأولمبية، أي قبل 11 يوما من بدء الألعاب، ووضعت السلطات اللمسات الأخيرة على الاستعدادات. ومن المقرر أن يشارك 10 آلاف و490 رياضيا، في 26 منافسة أولمبية، في الألعاب التي تنطلق في 27 يوليو (تموز) الحالي.

وعلى الرغم من هذه الإجراءات والأجواء الأمنية، أكدت اللجنة المنظمة للدورة أن أمن الأولمبياد لن يواجه خطرا رغم المشكلة المتعلقة بأفراد الحراسات الخاصة. وقال سيباستيان كو، رئيس اللجنة المنظمة، بعد اندلاع المشكلة ولجوء الحكومة إلى أفراد الجيش والشرطة لتسلم المهام الأمنية «الترتيبات الأمنية لم يطرأ عليها أي تغيير. وإنما سيشهد المجمع (الأولمبي) مزيجا من قوات الأمن».

وبعد أن أخفقت شركة «جي 4 إس» للحراسات الخاصة، في تقديم العدد المتفق عليه من رجال الأمن، اضطرت اللجنة المنظمة للجوء إلى الشرطة والقوات المسلحة لسد الفجوة. ونتيجة لذلك تحمل الجيش مسؤولية أغلب المهام الأمنية في المجمع الأولمبي في ستراتفورد في شرق لندن. وفي بقية أنحاء بريطانيا، تتولى الشرطة حماية المشاركين في الأولمبياد بالملاعب وأماكن الإقامة، بعد أن أخفقت «جي 4 إس» في الاستعداد للقيام بهذا الدور.

وكان رئيس اللجنة الأولمبية الدولية جاك روغ قد أعلن هذا الأسبوع أن التعامل مع المشاكل الأمنية المحيطة بألعاب لندن جرى بشكل جيد. وقال إن أمورا طرأت في كل الألعاب الأولمبية التي شارك فيها كرياضي أو إداري. وظهرت المشكلة الأمنية الأسبوع الماضي بعد الكشف عن أن الشركة التي تم التعاقد معها لتأمين الألعاب لن تتمكن من توفير الحراس الـ10 آلاف في الوقت المحدد، وأن 3500 جندي بريطاني سيتولون ملء الفراغ. وتعهدت الشركة التي حصلت على 442 مليون دولار بموجب العقد بدفع المستحقات المالية للجنود.

مع ذلك، أكد روغ أن اللجنة الأولمبية الدولية تلقت الضمانات التي طلبتها. وقال «بالتأكيد الأمن هو مسألة ذات أهمية قصوى بالنسبة إلى الحكومة والمنظمين».

وتقدم نيك باكلز، الرئيس التنفيذي للشركة، بالاعتذار يوم الثلاثاء الماضي خلال جلسة برلمانية. وقال باكلز إنه يشعر بالأسف وخيبة الأمل لعدم تنفيذ الشركة لالتزاماتها. وقال أحد أعضاء لجنة الشؤون الداخلية بالبرلمان إن ما حدث هو «كارثة مخزية»، ورد باكلز قائلا «لا يمكن أن أختلف معك».

وأشار روغ إلى أن أمله لم يخب جراء ظهور المشكلة قبل وقت قصير من الألعاب التي تنطلق الأسبوع المقبل، لافتا إلى أن لجنة التنسيق في اللجنة الأولمبية الدولية طلبت من المنظمين إبقاءها على اطلاع حول الوضع. وقال «لم يخب أملي. هذه الألعاب هي الـ21 بالنسبة إلي. المسائل تظهر دائما. سأقدم مثلا: في سيدني 2000، أفلست الشركة التي كان من المقرر أن تزود الألعاب بالباصات. وفجأة باتت الألعاب من دون باصات. رغم ذلك، عمل المنظمون ليل نهار عبر الهاتف، واتصلوا بالمدارس والمؤسسات الأخرى ووفروا 300 باص، فحلت المشكلة». وأضاف «كانت ثمة مسائل أخرى في ألعاب أخرى. تم التعامل مع هذه المسألة الأمنية في شكل جيد. المنظمون والحكومة كانوا مرنين جدا وقابلين للتأقلم. هذا هو المهم».

وعلى الرغم من هذه التأكيدات فإن التهديد بالإضرابات من قبل بعض النقابات العمالية خلال الألعاب أو قبل بدئها بقليل سيؤدي إلى حالة من الإرباك. وقال الاتحاد البريطاني لنقابات سائقي القطارات، أمس الخميس، إن مئات السائقين في وسط إنجلترا سينظمون إضرابا عن العمل لمدة ثلاثة أيام أثناء دورة الألعاب الأولمبية، وذلك في خطوة من الممكن أن تعرقل الرحلات المتجهة من أماكن أخرى في بريطانيا إلى العاصمة لندن أثناء هذا الحدث التاريخي.

وهذا هو ثاني تهديد بتنظيم إضراب عمالي أثناء الأولمبياد خلال يومين بعد أن وافق مسؤولو الجوازات يوم الأربعاء على إضراب مما أثار تكهنات بتكدس صفوف طويلة أمام مكاتب فحص جوازات السفر في مطار هيثرو. وقال اتحاد السائقين إن نحو 450 من أعضائه سيضربون عن العمل من السادس وحتى الثامن من أغسطس (آب) بسبب خلاف بشأن نسبة المساهمة في معاش التقاعد. وتقام الألعاب الأولمبية في الفترة من 27 يوليو (تموز) إلى 12 أغسطس.

ويمكن أن يعرقل الإضراب، الذي ينظمه سائقو قطارات في شرق ووسط إنجلترا (إيست ميدلاندز) رحلات آلاف المسافرين القادمين من مدن إنجليزية مثل شيفيلد ونوتنغهام وديربي إلى لندن لحضور الألعاب الأولمبية. وسيكون النقل أحد أكبر الاختبارات لمنظمي الأولمبياد. ولا توجد ساحات انتظار في ملاعب لندن، وسيكون على جميع المشجعين المشي أو ركوب الدراجات أو استخدام وسائل النقل العام.

وقال اتحاد عمال الخدمات العامة والتجارية في بريطانيا إن موظفي الحدود قرروا الإضراب عن العمل الأسبوع المقبل، مما يهدد بتعطيل إجراءات وصول مئات الآلاف من الزوار القادمين لحضور الحدث الرياضي الكبير. وقال اتحاد الخدمات العامة والتجارية إن أعضاء الاتحاد بمن فيهم موظفو الجوازات سيضربون عن العمل في 26 يوليو الحالي، وإنهم سيرفضون بعد ذلك العمل لساعات إضافية ابتداء من 27 من الشهر الحالي وحتى 20 أغسطس المقبل بسبب خلافات مع وزارة الداخلية تتعلق بخفض الوظائف والأجور.

أما بخصوص فكرة المسارات الأولمبية في طرق لندن، فقد أعلن مسؤولو المرور في بريطانيا أنها أدت دورها بشكل مرض في الأيام الأولى، ولكن ذلك أثار احتجاجات من جانب سائقي الأجرة الذين لا يمكنهم استخدام تلك الحارات أو المسارات المرورية. وذكر متحدث باسم هيئة النقل أن «سائقي المركبات يدركون جيدا أن هذه الحارات خصصت لمرور الرياضيين والمسؤولين وممثلي وسائل الإعلام». وأوضح أن من يخالف تلك القواعد ويستخدم هذه المسارات خلال الدورة الأولمبية سيجري تغريمه 130 جنيها إسترلينيا (165 يورو). لكن سائقي سيارات الأجرة أبدوا اعتراضهم ومخاوفهم من أن يؤثر الازدحام المروري وإغلاق الطرق على دخلهم. وقد تظاهر عدد من سائقي سيارات الأجرة أمام مقر البرلمان في لندن مطالبين بإلغاء الفكرة والسماح لهم باستخدام المسارات.