إسبانيا تستعرض نتائج كاميراتها

من خلال معارض «فوتو إسبانيا» للتصوير

قدم مهرجان «فوتو إسبانيا» أعمال ما يزيد على 300 فنان بمن فيهم آندي وارهول، وريتشارد أفيدون، وكارلوس غارايكوا
TT

ربما تبدو الصورة الفوتوغرافية مجرد شيء جامد وثابت، ولكن ذلك الشيء الثابت قادر على عرض قدر غير محدود من المشاعر والقصص، بل والحوارات في كل نقطة ضوء. وقد أكد ذلك مهرجان «فوتو إسبانيا»، أكبر مهرجان للتصوير في البلاد، عبر كافة عروضه (بدأ المهرجان في 1998)، ومن ثم لم يفتح المعرض أبوابه فقط للمصورين الذين اختاروا أن يرووا قصصا جديدة من خلال أعمالهم، بل وأيضا لمن اختاروا استخدام كاميراتهم كفرشاة لتكوين صور بديعة.

ومن خلال المعرض الثالث عشر، حاول المهرجان أن يستكشف النمط الرئيسي لقطاعه الرسمي «السياق والدولية» من خلال 70 معرضا تجولت في كافة أنحاء البلاد تستمر في أغسطس (آب)، وسبتمبر (أيلول).

يقدم مهرجان «فوتو إسبانيا» أعمال ما يزيد على 300 فنان بما فيهم آندي وارهول، وريتشارد أفيدون، وكارلوس غارايكوا وباز إرازوريز، وسانتياغو سييرا، وشين تشين - جين، وألبرتو غارسيا - أليكس، وهيلينا ألميدا، رغم خفض الميزانية التي كان على المعرض أن يقوم به خلال العام الحالي (حيث انخفضت ميزانيته بنسبة 25 في المائة عن عام 2011).

بل ويستضيف المهرجان خلال العام الحالي المزيد من الفعاليات مثل المعرض الذي يقدم ورش عمل بقيادة عباس، وأنطوان داغاتا، وتشيان تشي تشانغ وبروس غيلدن في مدينة مدريد وألكالا دي إناريس.

ومن الأنشطة الأخرى التي تضمنها المهرجان خلال العام الحالي، البرامج التعليمية التي تتضمن ورش عمل في المستشفيات للشبان المصابين بمتلازمة داون. كما تضمن البرنامج جولات بمصاحبة مرشدين وورش عمل عائلية ومنافسات على شبكة الإنترنت، ومعارض افتراضية و«فوتو ماراثون». وكان من أهم المعارض السبعين التي يحتويها المهرجان، المعارض التي تتمحور حول الولايات المتحدة، والمكسيك، وكوبا. وكانت مدريد هي المدينة التي اختارها آندي وارهول. ومن خلال العنوان «اختبارات الشاشة وأفلام المصانع»، سلط ذلك المعرض الضوء حول حقيقة أن المصنع كان مركزا لعالم الثقافة الفرعية الذي يعود تأثيره العالمي وتداعياته إلى حد بعيد إلى الصور والأفلام المنتجة هناك. ويبرز المعرض كيف أن الاستوديو التاريخي، الذي تم تأسيسه في 1962، لم يكن فقط فضاء للعمل ولكنه كان موقعا للتفاعل الاجتماعي والثقافي بين وارهول وعدد كبير من الأصدقاء، والمحبين، والفنانين، والمشاهير، والمشاهدين.

وتضمن المعرض أعمال عدد من المصورين المرتبطين بالاستوديو – محترفين، وهواة، والمارة - عاكسا نطاقا واسعا من التقنيات والأنواع. وربما تكون الصورة الأكثر تميزا من بين المائة صورة المعروضة، هي الصورة التي التقطها وارهول بنفسه.

ومع ذلك، فإن وارهول والولايات المتحدة ليسا المركز الوحيد لـ«السياق والدولية»، بل تظهر المكسيك أيضا وعلاقتها بإسبانيا في معرض رائع من خلال حقيبة مليئة بالصور والقصص.

ويعود الفضل في «الحقيبة المكسيكية» إلى «مركز نيويورك الدولي للتصوير الفوتوغرافي» الذي سمح له بالحصول على ثلاثة صناديق من الصور السلبية للحرب الإسبانية الأهلية التي عادت للظهور في 1995، أي بعد 60 عاما كان يعتقد خلالها أنها فقدت. وتحتوي «الحقيبة» الرائعة على 165 لفة من الأفلام التي تحتوي على 4500 صورة لمصورين مشاهير مثل روبرت كابا، وديفيد «شيم» سيمور، وغيردا تارو. ويعد الفنانون الثلاثة أول مصوري الحرب في العصر الحديث، حتى إن تارو مات خلال معركة في إسبانيا.

ويستطيع الزائر أن يتمتع بنحو 70 صورة فوتوغرافية، و101 من الأفلام السلبية التي تم تكبيرها حديثا للسلسلة الكاملة، واثنين من الأعمال الصوتية البصرية ومادة تسجيلية مصاحبة للمساعدة على استيعاب رحلات كابا، وتشيم، وتارو داخل إسبانيا في الفترة بين مايو (أيار) 1936 ومارس (آذار) 1939.

«معركة ريو سيغري»، «معركة برونيت»، التي مات تارو بها، وصور لهمنغواي، وغارسيا لوركا، وألبرتي، وتيريزا ليون ودولوريس إباروري، جميعها مجرد نماذج لما يمكن أن تراه في أحد المعارض المهمة بذلك المهرجان.

وإذا ما كان يمكن اعتبار «الحقيبة المكسيكية» معرضا جادا، فإن معرض «الأرض الأكثر جمالا: كوبا» هو أكثر المعارض إثارة للمشاعر في ذلك المهرجان، حيث قدم 11 مصورا أعمالهم في عدد متنوع من الأنماط والمقاربات، راسمين خريطة شخصية للجزيرة الكاريبية. وعندما يدخل الزائر إلى القاعة، يشعر على الفور بالسكينة، حيث تنقل الصور في ذلك العرض المشاهدين إلى زوايا مختلفة من جزيرة كوبا العظيمة وتسمح لهم بمشاهدة الأرض والإحساس بها وتذوق ثقافة مختلفة.. وتم تقديم تلك الرحلة المجانية من خلال 66 صورة فقط قدمها 11 مصورا.

ولكن المهرجان لا يرغب في تقديم الصورة من دون تحليل تأثير قوتها. ولذلك، حاول أحد المعارض السبعين التركيز على «قلق الصورة»، حيث يستكشف ذلك المعرض الذي يديره هوانغ دو النقاط العقلانية للقلق التي تتسبب فيها الصور، ناظرا إلى القلق باعتباره نشاطا نفسيا يستحثه الضغط الخارجي. فيقول هوانغ دو: «ليس من الصعب اكتشاف القلق البصري: حيث يخضع الإنسان دائما لتأثير أو نفوذ أو غزو الصورة».

وتكتمل الزيارة بأعمال 14 فنانا من بلدان مختلفة (إيطاليا، ألمانيا، تايوان، إسرائيل، كوريا، الصين، أستراليا، سويسرا)، تم إنتاجها في الفترة ما بين 2005، و2011.