القمة الأميركية لدعم مجالات العلوم والتكنولوجيا فحص لقضايا معقدة

بهدف تشجيع الاهتمام بها والمهارات ذات الصلة ودفع مستقبل القوى العاملة فيها

في شهر فبراير الماضي، وبمناسبة «معرض العلوم الثاني في البيت الأبيض»، احتفى أوباما، بجمع من الطلبة الفائزين في مسابقات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات من مختلف أنحاء الولايات المتحدة (تصوير: بيت سوزا - البيت الابيض)
TT

اختتمت في مدينة دالاس بولاية تكساس الأميركية، أعمال قمة دعم مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، والمعروفة اختصارا بقمة «ستيم» (STEM)، وهي الأحرف الأولى لكل مجال من هذه المجالات، والتي عقدت على مدى ثلاثة أيام، في الفترة من 27 حتى 29 يونيو (حزيران) 2012، وذلك للخروج بنتائج محددة، من شأنها التشجيع على الاهتمام بالتعليم في هذه المجالات والمهارات المرتبطة بها، وكذلك لاستكشاف الحلول والبرامج الناجحة التي تعزز من التوظيف فيها، ومعالجة أوجه النقص في المهارات ذات الصلة بها في مسار القوى العاملة، وخلق إرادة جماعية لدعم ودفع مستقبل القوى العاملة في الولايات المتحدة في هذه المجالات، على اعتبار أن التعليم في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، هو الذي سيحدد مسارات فرص العمل، ويشكل مستقبل أميركا. وقد نظم القمة، كل من مجلة «يو إس نيوز آند وورلد ريبورت»، بالتعاون مع منظمة (Innovate+Educate)، ومنظمة (STEM connector)، وأكثر من 40 منظمة وطنية أساسية، فقد اجتمع في القمة وللمرة الأولى، الكثير من الشركات الوطنية الأميركية الكبرى، وعدد من الخبراء التربويين البارزين، والقادة وأصحاب الرؤى وصانعي التغيير، وشخصيات بارزة من صناع السياسات، وشركات تكنولوجيا التعليم.

وقال برايان كيلي، رئيس تحرير مجلة «يو إس نيوز آند وورلد ريبورت»: «نحن بحاجة لتشجيع وتعزيز الأفكار والفرص التي من شأنها دعم قدرتنا التنافسية ودفع عجلة النمو الاقتصادي، فعن طريق تسخير قوة قادة الفكر والرأي، يمكننا فحص، وبدقة، القضايا المعقدة، وبناء الأفكار الناجحة التي من شأنها مساعدة وإلهام الفتيان والفتيات والشباب الصغار على النجاح والازدهار في الوظائف المرتبطة بمجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وكذلك بناء قوى عاملة قوية».

وكان من بين الجلسات المهمة في القمة، جلسة بعنوان «القيادة بالقدوة: الحاجة إلى معلمين مرشدين وموجهين وناصحين مخلصين ذوي خبرة»، وهو ما يعرف باسم «مينتورز» (Mentors)، وقد ركزت الجلسة على أهمية هؤلاء المرشدين في اكتشاف وتوجيه المبدعين من الصغار خلال استكشافاتهم وتطلعاتهم للتخصص في أحد مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.

ووفقا لما نشر على الموقع الإلكتروني لمجلة «يو إس نيوز»، في 28 يونيو 2012، قالت بيتي شاناهان، المديرة التنفيذية للجمعية الأميركية للمهندسين من النساء، في قمة «ستيم» إن «هناك حاليا في أميركا نحو 3 ملايين وظيفة شاغرة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وإن نصف عدد الطلبة المتخرجين حاليا في درجاتٍ في الهندسة هم من الرجال البيض، في حين أن 18 في المائة فقط هم من النساء وقلة منهم من الأقليات، ولكي نكون قادرين على المنافسة، لا يمكننا تجاهل ثلثي القوى العاملة لدينا في المستقبل». وأضافت أن «هناك انقطاعا للنساء عن برامج مجالات الهندسة، على الرغم من ارتفاع متوسط درجاتهم، بالمقارنة بالرجال الذين يبقون في هذه البرامج، هم يعتقدون أن هناك شيئا خطأ معهم، ولكن هناك شيء خاطئ في البيئة». وقالت إن «تشجيع الشابات والفتيات والأقليات من الطلبة، على هذه المجالات، لا يكون فقط من خلال المدرسة الثانوية، ولكن أيضا من خلال مواجهة تحديات حصولهم على درجات من الكليات في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، كما أن أصحاب العمل والمربين بحاجة إلى التخلي عن تعويذة (أفضل وأذكى)».

وقال بيتر كانينغهام، مساعد الوزير لشؤون الاتصالات في وزارة التعليم الأميركية، إنه «لدعم الفتيات والشابات والأقليات من الطلبة، نحو بداية مسارهم في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، فإن أصحاب المصلحة في حاجة إلى أن يظهروا لهؤلاء الطلبة، أن هذه المجالات جيدة ومناسبة لهم وممتعة وذات رواتب مرتفعة».

وقال الخبراء في قمة دعم العلوم والتكنولوجيا، إن المدارس لا تدرس المهارات التي يحتاجها أصحاب العمل في القوى العاملة، مما جعل هناك فجوة واسعة بين الحاجة والمعرفة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، فالكثير من أصحاب العمل يشكون من نقص المهارات وعدم القدرة على إيجاد الخريجين المؤهلين، وبخاصة الذين تلقوا تعليما في هذه المجالات.

جدير بالذكر أن البيت الأبيض الأميركي، كان قد أصدر خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي 2012، تقريرا عن حالة الوضع الوظيفي للمرأة، وناشد فيه المزيد من النساء على التوجه نحو الدراسة والوظائف في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، والمعروفة اختصارا بـ«ستيم»، حيث أشار التقرير إلى أن النساء يشكلن 25 في المائة فقط من القوى العاملة في هذه المجالات، والذي يتوقع أن ينمو بنسبة نحو 20 في المائة خلال الفترة المتبقية من العقد، وأرجع التقرير سبب نقص النساء في هذه المجالات، إلى عاملين، هما أن معدل النساء اللاتي يدرسن في الكليات في هذه المجالات هو أقل من معدل الرجال، كما أن الكثير من النساء ممن يحصلن على درجات في هذه المجالات، يتجهن للعمل في مجالات أخرى. وقال التقرير إنه، منذ تولي الرئيس أوباما مهام منصبه، وأوضح أنه من الضروري إعطاء أولوية عالية لاجتذاب واستبقاء النساء والفتيات في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.

ويذكر أيضا أنه في شهر فبراير (شباط) الماضي 2012، وبمناسبة «معرض العلوم الثاني في البيت الأبيض»، احتفي ورحب الرئيس الأميركي أوباما، بجمع من الطلبة الفائزين في مسابقات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات من مختلف أنحاء الولايات المتحدة، الذين قدموا على البيت الأبيض للمشاركة بمخترعاتهم وإبداعاتهم في معرض العلوم، وأعلن في هذه المناسبة عن التزام القطاعين العام والخاص، بتوفير ما يزيد على 100 مليون دولار لتهيئة 100 ألف معلم في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، خلال العقد المقبل. كما دعا إلى تخريج مليون طالب آخر، خلال السنوات العشر المقبلة، حاملين شهادات في هذه المجالات، ولتحقيق هذا الهدف، أعلن الرئيس أوباما عن مطلبه في الميزانية الجديدة بواقع 80 مليون دولار، لدعم البرامج التعليمية التي تتيح للطلبة أن يحصلوا على درجة جامعية في أحد هذه المجالات الأربعة، وعلى شهادة في التدريس، على حد سواء.

وقال الرئيس أوباما، في مناسبة «معرض العلوم الثاني للبيت الأبيض» إنه: «حينما يتفوق الطلبة في العلوم والرياضيات، فإنهم يساعدون أميركا حينما تتنافس للحصول على وظائف وصناعات المستقبل».

وكان أوباما قد استضاف «معرض العلوم الأول» في عام 2010، كجزء من حملته المسماة «التعليم للإبداع» (Educate to Innovate)، وهدفها: إلهام الفتيان والفتيات للتفوق في العلوم والرياضيات، كما عمل على بث وتعزيز الحماس وتشجيع الإقبال على دراسة العلوم والرياضيات، من خلال اجتماعه شخصيا مع الطلبة المشاركين في معرض العلوم أثناء تنقلاته في أنحاء البلاد، ومناقشاته معهم حول اختراعاتهم وابتكاراتهم.

وجدير بالذكر أنه لدعم الاقتصاد الوطني الأميركي وإثراء قطاع العمل في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، من حيث تعزيز الابتكار والمنافسة، كانت قد أعلنت الولايات المتحدة، في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، عن مبادرة جديدة للدراسة في أميركا، لجذب وتشجيع أفضل الطلبة الأجانب المتفوقين دراسيا والأكثر ذكاء، على الدراسة والإقامة في أميركا، وصنفتهم تحت اسم «ستيم»، وتتيح هذه المبادرة، تبسيط منح التأشيرة لهؤلاء الطلبة، والسماح لهم بالبقاء في الولايات المتحدة بعد تخرجهم للاستفادة من برنامج تدريبي اختياري يصل إلى 29 شهرا بعد التخرج، وممارسة ما اكتسبوه في أميركا وخدمة مجالات العلوم والتكنولوجيا فيها.