جمعية الإمارات للفنون التشكيلية تحتفل بمرور 3 عقود على تأسيسها

بمشاركة فنانين عرب وأجانب مقيمين تنتمي تجاربهم لتيارات فنية متعددة

من أعمال ندا دادا و أحمد شريف و وفاء خازندار
TT

بمناسبة مرور 3 عقود على تأسيسها، احتفلت جمعية الإمارات للفنون التشكيلية بمعرضها الثلاثين بمشاركة فنانين من المواطنين العرب، والأجانب المقيمين، الذين تنتمي تجاربهم لتيارات فنية متعددة. إدارة متاحف الشارقة استضافت المعرض بوصفه منصة سنوية تطرح عليها خبرات وثقافات عدد من الشعوب من خلال الفنون البصرية والأعمال الإبداعية المؤثرة التي تعبر عن وجهات نظر متباينة تحت مظلة واحدة.

واعتبر خليل عبد الواحد المدير العام للمعرض أن جمعية الإمارات للفنون التشكيلية منذ تأسيسها عام 1980م وهي تقوم بدور رائد في احتضان الحركة التشكيلية والأجيال المتنامية من المبدعين والرواد الذين لعبوا دورا في صناعة هذه الثقافة بما يثري الفن والنتاج العالمي، وقال إن الجمعية أضحت بمثابة مؤسسة جامعة لأحلام كل الطوائف والتيارات الفنية منذ «لوحة المسند»، مرورا بتيارات الحداثة، وانتهاء بما بعدها، وأوضح أن الدورة الثلاثين استضافت مشاريع فنية للفنان راشد الشعشعي من السعودية وحسن مير من سلطنة عمان، كما أفسحت المجال أمام طلاب الفنون الدارسين بمختلف جامعات الدولة إيمانا منها بدعم فكرة التواصل وتبادل الخبرات والتعرف على الفنانين الخليجيين عن قرب.

من جانبه، وصف يوسف عيدابي، باحث سوداني، تجربة الـ30 عاما بأنها أفسحت المجال لمزيد من النضج إلى حد أنها ذهبت بالفنون إلى الناس من ثقافات مختلفة حتى غدا المتذوق بينهم هو الفنان بسبب ما يراه من التحولات والمتغيرات في التعبير الفني التي كانت تطرح بثوب جديد ورؤى وتيارات جمالية متعددة في الحداثة وما بعدها، جسدت الحصاد وفق أبعاده المحلية والعالمية.

وقال حسن شريف إن مفهوم الفن تطور مع أواسط القرن التاسع عشر وبدأ الفنان يبحث عن بدائل جديدة وباتت عمليات التجريب في أشد حالاتها حضورا، وتناول الفنانون حقولا أخرى من العلوم الإنسانية ليزيدوا بالنتيجة من حصيلتهم وبهدف أن يأخذ الفن شرعية مغايرة يدافع بها عن مصلحته في ظل المتغيرات الجديدة.. وبالتالي، فإن تيارات جديدة تناسخت وتطورت وأصبح الفن أكثر تعددية. وضرب شريف مثالا بالصورة التي تضطلع بها الشاشات الرقمية عبر المحطات الفضائية، و«باستعارة وجهة نظر المفكر الفرنسي بودريلا عن كوننا في بعض الأحيان، نتأثر ونصدق بأن دموع الممثل أو الممثلة هي دموع حقيقية وناتجة عن انفعالات حقيقية، بينما هي دموع اصطناعية مزيفة توقعنا بالمفهوم الفلسفي في أوهام المسرح»، معتبرا أن «الصورة في اللحظة الراهنة ومن هذا المنظور تغزو مشاعرنا وإدراكاتنا إلى درجة أن ثقافتنا أصبحت استهلاكية، ومثلما نستهلك السلع التجارية المتنوعة، نستهلك ثقافات هجينا، فضلا عن الصور المتعددة التي باتت متداخلة ومتشابكة مثل حالة العصر الذي نعيشه».

وشارك في المعرض 34 فنانا جسدت أعمالهم مختلف التيارات البصرية والفنية وجاءت أعمال الفنان أحمد شريف معبرة عن انحيازها نحو التجريدية الخالصة، ووصفها الفنان بأنها «عبارة عن تفكيك للصور اليومية وإعادة ترتيبها من جديد بطريقة تجريدية وبحساسية لونية تمثل حقيقة الواقع الصلب والعنيد للحياة المعاصرة.. إنها بساطة شكلية تتوازى مع التعقيد الدلالي لأن المتلقي يتردد كثيرا في اقتناص فكرة أو موضوع بعينه عندما يتأملها».

أما وفاء خازندار، فاستلهمت أعمالها من ذاكرة الحكاية الشعبية القديمة، معتبرة أن تلك الذاكرة التي يتمتع بها راوي الحكاية ملهمة للإبداع إلى حد مرهف.

في حين جاءت أعمال ندى دادا بالصورة الرقمية نتيجة دراسة أجرتها الفنانة على أمثلة الأنثى في المجتمع العربي وعند المراهقات تتمثل في سرد رواية عن امرأة متزوجة تقوم بزيارة عرافة أو ساحرة تساعدها على استعادة زوجها من يدي عشيقته التي سرقت قلبه.. الساحرة توافق على إنجاز المهمة وتملي على الزوجة شيئا من السحر يضر بالزوج وعشيقته، لكن قبل أن تنهي الساحرة مهمتها، تغادر البلاد من دون رجعة.. الفنانة تترك للمتلقي حرية اختيار المصير الذي تنتصر له ذاكرته ومخيلته البصرية.

وجاء عمل الفنان راشد الشعشي «فيديو آرت» على خلفية العلاقة بين الإنسان والمكان والتحولات البيئية الطارئة، وذلك من خلال تجربة عاشها في أحد شوارع مدينته (جدة) تنطوي على سحب من الدخان تتصاعد من فوهات مداخن سامقة لمحطة التحلية حتى إن الأطفال أطلقوا على تلك المنطقة اسما عفويا هو «مصنع السحاب».

فيما تركزت لوحات إسماعيل الرفاعي على استدعاء العوالم الكونية التي تتمترس في وجدان الفنان بصورتها البدائية وتعيد إليه عالمه الداخلي الذي يتمسك به.

أما باتريشيا ميلنز، فقد استلهمت تجربتها من مقطع لجلال الدين الرومي يقول فيه: «في مسلخ العشق يقتلون الأفضل فحسب، لا الواهن ولا الشاين».. وتندرج بلاغة التجربة في البعد المجازي عن الحب النزيه الذي ترى الفنانة أنه صعب المنال، معتبرة أن الحب في مجمله يتمحور سعيا وراء الجسد، لهذا اختارت عناصر من الملابس والحلي المستخدمة في منطقة الخليج للإشارة إلى هوية الرومي والمكان الذي جسد حضور لغة العمل الفني.