«النساء العربيات في الرياضة».. التحدي الناعم

50 صورة فوتوغرافية لبطلات عربيات في معرض لندني

لاعبة المبارزة سارة بسبيس من تونس وبهية الحمد من قطر بطلة الرماية ولاعبة السلة الصومالية مريم حسين (تصوير: بريجيت لاكومب)
TT

تستضيف قاعة «سوذبيز» بمقرها بوسط لندن معرض الصور الفوتوغرافية «هيا.. النساء العربيات في الرياضة»، الذي يأتي في وقت تتأهب فيه مجموعة من الرياضيات العربيات للمشاركة في أولمبياد لندن الذي ينطلق غدا الجمعة.

الثقة والتحدي سمة واضحة في صور المعرض عكسته المصورة الفرنسية بريجيت لاكومب عبر لقطات صورت بها رياضيات عربيات أثناء ممارستهن الألعاب المختلفة. بعض الفتيات شاركن بالفعل في دورات سابقة وبعضهن مبتدئات. وعبر 50 صورة معروضة لا بد أن يترك المرء المعرض يملؤه شعور بالتفاؤل والثقة. الصور تعتبر توثيقا اجتماعيا ورياضيا لرحلة النساء العربيات مع الرياضة، وفيها نرى صورا لبطلات الرماية والفروسية من قطر، وصورة بطلة مبارزة من لبنان، وأخرى في السباحة من مصر، وأكثر من صورة للفارسة السعودية دلما ملحس التي رشحت للاشتراك في أولمبياد لندن ثم اعتذرت بسبب إصابة جوادها، وأيضا صور فريق كرة السلة السعودي للفتيات. تشير المصورة إلى أنها استخدمت صورا لفتيات يمارسن الرياضة بشكل عام ولم تركز فقط على حاملات الألقاب لتنقل فكرة الاهتمام بالرياضة النسائية في المجتمعات العربية.

اللافت في الصور هو التنوع في الرياضات والثقة والشجاعة التي تعكسها هؤلاء الفتيات اللواتي يأتين من أكثر من 20 دولة عربية.

وقالت المصورة لاكومب عن صورها التي يضمها المعرض: «إنها صور نساء.. نساء مختلفات.. لأن بين قطر والمغرب والسعودية والجزائر اختلافات ضخمة، وأنا حاولت أن أضم الجميع من كل تلك البلاد لأكوّن صورة كاملة للنساء في العالم العربي».

وأضافت في حديث لوكالة «رويترز»: «لم أكن أعرف الكثير عن الرياضة وعن هذا العالم، لذلك أدهشني كثيرا تصميمهن وعلامات الفرح الاستثنائية بممارسة الرياضة وإتقانها بفخر كبير».

الصور تشغل مساحة ضخمة في الدور الأرضي لـ«سوذبيز» وتمتد على مساحة قاعتين وينتهي المعرض بغرفة شبه مغلقة يعرض بها شريط فيديو يتضمن لقاءات مع مجموعة من الرياضيات اللواتي ظهرن في الصور. العرض ممتع ينتقل بخفة من فتاة إلى أخرى ومن حالة مجتمعية إلى أخرى.

الأفلام قامت بتسجيلها شقيقة بريجيت، ماريان لاكومب، ونكتشف من خلالها شخصيات فذة لفتيات واعدات كل في مجالها. تتحدث كل بطلة منهن حول الرياضة التي تمارسها ولماذا اختارتها والصعاب التي واجهتها في البداية وما الذي استفادته منها، التركيبة سهلة وبسيطة ولكن الإجابات التي نخرج بها مدهشة فعلا.

الأفلام تساهم في عرض بعض المواضيع الأخرى التي تتعلق بالاختلاف بين الجنسين في الثقافة وفي الرياضة في العالم العربي، وهو ما انعكس في حديث عدد من الفتيات، فإحداهن قالت إن الكثيرين يبادرونها بالسؤال حول اختيارها للرياضة قائلين إن الرياضة للشباب، وأخرى حاربت الإحباط الذي أصابها جراء إعاقة جسدية وتغلبت عليها لتمارس هواية الرمي، وأخرى أشارت إلى أن ممارستها لرياضة التايكوندو أثرت في شخصيتها بشكل كبير وأنها منحتها القدرة على الدفاع عن نفسها إذا ما احتاجت. أما العداءة الفلسطينية ورود صوالحة التي تشارك مع وفد بلادها هذا العام فتشير إلى الصعوبات التي تواجهها في ظل عدم توفر مناخ مناسب في ظل الاحتلال الإسرائيلي.

الأفلام تكمل وبشكل متميز العرض الذي بدأته الصور، فتحولت كل واحدة من تلك الصور إلى قصة متكاملة، قصة حياة فتاة عربية نشأت في مجتمع لم يتأقلم بالكامل مع فكرة ممارسة النساء للرياضة، وعبر كل لقطة من الفيديو تتكشف لنا ملامح جيل قادم يبحث لنفسه عن مكان ودور.

السمة العامة هنا هي الحماسة والإخلاص والصبر والتفاؤل بالنجاح الكبير في المستقبل، كل ذلك مغلف بابتسامة واثقة نحملها معنا حتى بعد مغادرتنا للمعرض.

بدأ التحضير للمعرض في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2011 في قرية الرياضيين خلال دورة الألعاب العربية في الدوحة، وقد استغرقت عملية التصوير سبعة أشهر قامت خلالها بريجيت وماريان لاكومب بالعمل جنبا إلى جنبا في الاستوديو الذي أنشئ في الهواء الطلق خصيصا لإنجاز هذا المشروع، من ثم سافرتا لمقابلة وتصوير بعض الرياضيات من جميع الأعمار والمستويات الرياضية في جميع أنحاء العالم العربي. كما أنهما وبدعم من أكاديمية «اسباير» في قطر التي تهتم بتعزيز الفرص الرياضية للشباب قامتا بمقابلة بعض الرياضيات الشابات الموهوبات اللواتي يتطلعن إلى تحقيق الكثير من الإنجازات الرياضية في المستقبل.

والمصورة بريجيت لاكومب تتخذ من نيويورك مقرا لها وعملت مع مخرجين عالميين على غرار ستيفن سبيلبرغ ومارتن سكورسيزي وسبايك جونز ومايك نيكولز وسام مندس وكوينتن تارانتينو.

* معرض (هيا.. النساء العربيات في الرياضة)، في دار «سوذبيز» في لندن من 25 يوليو (تموز) وحتى 11 أغسطس (آب) 2012