رموز العلم والفن والغناء والرياضة وجيمس بوند مع الملكة في افتتاح أولمبياد لندن

قصر باكنغهام قال إن «الملكة سعيدة بالدور الذي قدمته»

TT

نجح افتتاح الألعاب الأولمبية ليلة أول من أمس في التغلب على النزعة التشاؤمية التي سادت في الفترة الأخيرة بين البريطانيين، وأطفأت حماستهم للاستعراض المبهر الذي قدمه المخرج داني بويل سلسلة من الشكاوى والمخاوف حول الحالة الاقتصادية والطقس وتكاليف الحفل وازدحام وسائل المواصلات. الحفل الذي شاهده ما يقارب 26 مليون مشاهد في بريطانيا وحدها نجح في «رفع الروح المعنوية للشعب» حسب تعبير أحدهم.

ومع بداية الحفل وظهور الدراج البريطاني برادلي ويغينز الذي فاز قبل أيام قليلة ببطولة فرنسا للدراجات (تور دو فرانس) ليصبح أول بريطاني يفوز بها في التاريخ، وقيامه بقرع الجرس الضخم إيذانا ببداية الحفل، سرت موجة من التفاؤل والفخر بين جماهير المشاهدين.

الحفل بالتأكيد ضم رموز بريطانيا في العلم والفن والغناء والرياضة عبر حفل مبهر نجح فيه المخرج داني بويل في رسم لوحة شاملة للحياة البريطانية، بدأها بمشهد ريفي، تبعته مشاهد لأشخاص يلعبون الكريكيت وأطفال يلعبون في الحدائق. تتابعت المشاهد لتتناول الثورة الصناعية التي غيرت ملامح الحياة تماما، وأيضا غيرت ديكور الملعب الضخم، فاندفعت مداخن المصانع العملاقة تشق طريقها تتعالى منها أعمدة الدخان، وانشغل مجموعة من العمال بطرق دوائر حديدية ضخمة ما لبثت أن رفعت إلى الأعلى لتشكل الشعار الأولمبي. ويقول مخرج الحفل بويل إن «الثورة الصناعية بدأت من هنا، والعالم تغير منذ تلك الفترة»، مؤكدا أن «هذه الثورة أطلقت العنان لقدرات هائلة، والمدن والطبقة العاملة تطورت بفضلها. تغيرت حياتنا رأسا على عقب». ويضيف «بفضلها تم سن قوانين التعليم، وإمكانية تعلم القراءة الكتابة».

المشهد الذي ثار حوله الجدل كان مشهد دخول مجاميع من الممرضات والأطباء من العاملين في خدمة الصحة القومية البريطانية دافعين أمامهم أسرة مستشفيات تحمل أطفالا من مرضى مستشفى «غريت أورموند ستريت» للأطفال. المشهد بدا للبعض واقعيا أكثر من اللازم وغير ملائم لافتتاح الأولمبياد، لكن الإخراج البديع لداني بويل حول تلك الأسرة البيضاء إلى حلقات للوثب تقافز عليها الأطفال، وانطلقت جموع الممرضات والممرضين في الرقص حولهم في تشكيلات بديعة. وبينما استعد الأطفال للنوم وجدنا بعضهم ينشغلون في القراءة، في إشارة إلى كتب أدب الأطفال، وفورا تقافزت حولهم مجسمات لشخصيات شريرة من أشهر قصص الأطفال، وتعالى صوت للمؤلفة البريطانية جي كيه راولينغ صاحبة أشهر كتب أطفال في الوقت المعاصر «هاري بوتر» وهي تقرأ سطورا من قصة «بيتر بان» الشهيرة. الشخصيات الشريرة ما لبثت أن دحرت بعد أن هبطت عليها ممثلات يحملن مظلات وهن يجسدن شخصية ماري بوبينز الشهيرة.

ويبقى مركز الصدارة لمشهد لم يتوقعه أحد على الإطلاق، عندما ظهرت الملكة إليزابيث في مشهد فيلمي قصير مع الممثل دانييل كريغ الذي يجسد شخصية جيمس بوند، واصطحبها بطائرة مروحية إلى أعلى الاستاد لحضور الحفل. تزامن هذا المشهد مع ظهور طائرة مشابهة لتلك التي في الفيلم هبط منها بالباراشوت ممثلان يرتديان ملابس الملكة وجيمس بوند إلى الملعب، وهي اللحظة ذاتها التي دخلت فيها الملكة إليزابيث إلى المقصورة الملكية في الاستاد.

وفي تعليق على الفيلم الذي كان مفاجأة الحفل قالت متحدثة باسم قصر باكنغهام إن الملكة سعيدة جدا بالدور، وإنها «كانت سعيدة أن يطلب منها المشاركة في عمل خاص». الفيلم القصير صوره داني بويل في شهري مارس (آذار) وأبريل (نيسان) الماضيين، وتم التصوير في غرف قصر باكنغهام.

ولم ينس المخرج الذي غلب الإخراج السينمائي على الحفل أن يشيد بالتراث السينمائي لبريطانيا، وذلك عبر إشارة إلى أشهر الأفلام البريطانية وأيضا عبر فقرة قدمها الأوركسترا الملكي الذي عزف قطعة من الموسيقى التصويرية لفيلم «تشاريوتس أوف فاير» (عربات النار)، وذلك في فقرة مزجت فيها مشاهد مصورة باستعراض كوميدي من مستر بين (الممثل روان أتكينسون).

وبعد ذلك صدحت أغاني أشهر الفرق والمغنين البريطانيين لتضيء على الثقافة الغنائية لبلدهم وأشهر فرقها أمثال الرولينغ ستونز والبيتلز وغيرهما، قبل أن ينشد المغني بول مكارتني الأغنية الختامية.

وظهر نجم الكرة ديفيد بيكام في نهاية الحفل على الشاشة وهو يستقل مركبا سريعا يحمل الشعلة الأولمبية حتى سلمها لبطل التجديف السير ستيف ريدغريف الذي حملها إلى الملعب مارا بجموع من العاملين الذي شيدوا القرية الأولمبية.

* تعليقات على الحفل

* «أحب هذا الحفل في الأغلب لأنه بريطاني صميم وسيحير بقية العالم حول ما يعنيه في كثير من الأحيان».

بيرس مورغان مقدم برامج بريطاني على «سي إن إن»

* «منذ بداية الحفل وجدتني أبكي كالأطفال».

بوريس جونسون عمدة لندن

* «ميت رومني، المرشح الجمهوري الأميركي، كان هناك أيضا لكنه تحول إلى العدو رقم واحد في بريطانيا بعدما تساءل عن مقدرة البريطانيين على تنظيم الحفل.. يبدو أن ذلك فقط أمر لا يسمح به البريطانيون به إلا لأنفسهم».

صحيفة «نيويورك تايمز»

* «لقد أخرجوا لنا ممرضات يرقصن وسخروا من الطقس لديهم وقدموا لنا مستر بين.. الرسالة من بريطانيا كانت عالية وواضحة: قد لا نكون الشيء المفضل لديكم لكنكم تعرفون وفي أغلب الأحيان تحبون ثقافتنا».

صحيفة «واشنطن بوست»

* «من أرض ريفية خضراء ومرورا بأعمدة المداخن التي ميزت الثورة الصناعية ووصولا إلى عصر الإنترنت، حاول داني بويل أن يميز الشخصية البريطانية، الطائشة، السريالية، المتحركة، والملتبسة في الكثير من الأحيان».

صحيفة «الغارديان»

* المرجل الأولمبي.. سر لآخر لحظة

* ظل اسم الشخصية التي ستحمل الشعلة الأوليمبية لتشعل بها المرجل الأولمبي سرا حتى آخر لحظة، عندما تقدم بطل التجديف السير ستيف ريدغريف من سبعة شبان وقع الاختيار عليهم من قبل أبرز الأبطال البريطانيين الأولمبيين، ليوقد كل منهم شعلة مستقلة من لهب الشعلة الرئيسية، وليحملوها ليوقدوا بها المرجل الأولمبي بعد إيقاد 204 مراجل تمثل جميع الدول المشاركة في الدورة.

وعبر الحفل لاحظ المشاهدون البتلات التي حملها الأطفال لدى دخول وفد كل دولة، وهي ذاتها التي جمعت في وقت لاحق لتكون المراجل الـ204 التي ارتفعت بعد ذلك عاليا لتنضم مكونة مشعلا واحدا.

تصميم المرجل ظل سرا لآخر لحظة، ولم يعلن اسم المصمم توماس هيذرويك حتى بعد الحفل. وفي حديث لصحيفة الـ«ديلي ميل» تحدث أخيرا هيذرويك حول التصميم الذي أبهر الجمهور، وقال إنه تلقى الموافقة على المضي في تصميم المرجل من رئيس الوزراء ديفيد كاميرون ورئيس اللجنة الأولمبية البريطانية لورد كو. وقال هيذرويك إن المرجل يعد نسبيا أصغر من سابقيه، موضحا أن طوله 8.5 متر، ويزن 16 طنا مقارنة بالمرجل الذي أشعل في دورة بكين وكان وزنه 300 طن.

وأشار إلى أن الفكرة من التصميم الذي سيفكك بعد الانتهاء من الدورة هو أن يستطيع وفد كل دولة أن يأخذ بتلة من المرجل معه قبل الرحيل.

السرية كانت أمرا مهما خلال فترة البروفات كما أشار هيذرويك، فقد كان يقوم مع فريقه بالتدريب على تركيب وإشعال المرجل بعد أن تنتهي فرق الراقصين من تدريباتها، وهو ما يعني الانتظار إلى الثالثة صباحا.