التكنولوجيا تمكن الأطفال الذين العاجزين عن الكلام من النطق

عبر استخدام تطبيقات تقوم بتحويل النص إلى كلام

قام عشرات الآلاف من الأطفال المصابين ببعض الإعاقات باستخدام تطبيق «Proloquo2Go» الذي يعمل على الأجهزة النقالة التي تنتجها شركة «أبل» الأميركية
TT

قام إنريكي منديز، 9 أعوام، وأخوه الأكبر، كريستيان، 11 عاما، بفرز صندوق بلاستيكي مليء بالألعاب في منزلهم الكائن في ولاية نيوجيرسي، ثم قال إنريكي، بصوت غير صوته ولكنه قريب منه إلى حد ما: «أريد اللعب بهؤلاء المصارعين».

إنريكي مصاب بـ«متلازمة داون» و«أبراكسيا الكلام»، وهو ما يعني أنه لا يستطيع الكلام، باستثناء بعض الهمهمات القليلة، مثل مقطع «ما» في كلمة «ماما». وعلى الرغم من ذلك، فقد تمكن إنريكي من التحدث مع أخيه عن طريق استخدام جهاز «آي باد» يحتوي على أحدث إصدار من تطبيق مستخدم بصورة واسعة، يقوم بتحويل النص إلى كلام، يطلق عليه «Proloquo2Go». يقول منديز، والد إنريكي: «بات الصوت الآن يناسب الطفل».

وحتى وقت قريب، كانت الأجهزة التي تساعد الأطفال، مثل إنريكي، على التكلم تستخدم أصواتا معدلة لأشخاص بالغين، وهو الأمر الذي قد يكون له تأثير مروع على الأشخاص الذين يستمعون إلى الصوت، حيث إن الصوت لا يبدو كصوت طفل. يقول ديفيد نيميجير، الرئيس التنفيذي والمطور الرئيسي في شركة «البرمجيات المساعدة» (Assistive Ware)، التي تقوم بتطوير البرمجيات التي يستخدمها إنريكي، إن معظم أصوات الأطفال الموجودة في هذا التطبيق تشبه «صوت البالغين عندما يتم إدخاله في غاز الهيليوم».

قامت شركة البرمجيات المساعدة، بالتعاون مع شريكتها «أكابيلا غروب» (Acapela Group)، بتطوير الإصدار الحديث من البرنامج، الذي يسمى «Proloquo2Go2.1»، والذي يحتوي على صوت لطفلين (يدعيان جوش وإليا) قام أطفال حقيقيون بتسجيله. يمكن الحصول على هذا التطبيق، الذي يبلغ سعره 190 دولارا، من على موقع «آي تيونز» اعتبارا من يوم الأربعاء، ولكن الأشخاص الذين يمتلكون النسخة القديمة من التطبيق يستطيعون تحميل أحدث نسخة من دون أي مصاريف على الإطلاق.

تقدم القليل من الشركات الأخرى أصوات أطفال حقيقيين، وهو ما يعود بصورة كبيرة إلى التحديات التي تواجه التسجيل للأطفال، حيث إن الطفل الذي يبلغ من العمر 10 أعوام في المتوسط لا يمكنه قضاء مئات الساعات في تسجيلات صوتية لمكتبة كاملة من المقاطع، التي يحتاجها التطبيق لخلق صوت طفل اصطناعي جيد.

تستطيع هندسة الصوت التلاعب بأصوات البالغين، عن طريق إضافة بعض المرشحات التي تقوم بتعديل درجة الصوت المرتفعة الخاصة بأصوات الأطفال على سبيل المثال. ولكن في غياب مجموعة رئيسية من التسجيلات، افتقرت الأصوات الموجودة في التطبيقات إلى الصوت الطبيعي للأطفال حتى الوقت الراهن. ومع وجود القليل من الضغوط التنافسية لنسخ أصوات الأطفال، قررت معظم الشركات أن الأطفال الذين يستخدمون هذه التطبيقات يستطيعون الحصول على أصوات أشخاص بالغين مع بعض التغيير.

يعتبر قيام برنامج «Proloquo2Go» بإطلاق أصوات لطفل وطفلة بمثابة المؤشر على التقدم الجديد الذي حدث في صناعة تحويل النص إلى كلام، التي يبلغ عمرها عقودا طويلة من الزمن. وفضلا عن ذلك، قامت نفس الشركة بتسجيل صوتي لطفلين آخرين يتحدثان بلكنة بريطانية، لطرحها في السوق الإنجليزية.

يعد هذا التقدم أحد الآثار الجانبية للاعتماد على الأصوات الآلية في كل التطبيقات، بداية من خطوط الخدمات الخاصة بشركات بطاقات الائتمان وحتى أكشاك الفحص الموجودة في محلات البقالة. ولكن زيادة سرعة معالجات الكومبيوترات فضلا عن زيادة السعة التخزينية للذاكرة قد مكنتا مهندسي الصوت من خلق بعض الأصوات الصناعية شديدة الشبه بنظيرتها الآدمية. تقدم كثير من كبريات الشركات في العالم، مثل شركة «نيوانس» في ولاية ماساتشوستس و«إيفونا» في بولندا، أصواتا متعددة بلغات ولكنات مختلفة.

قام عشرات الآلاف من الأطفال المصابين ببعض الإعاقات، مثل التوحد والشلل الدماغي، باستخدام تطبيق «Proloquo2Go» الذي يعمل على الأجهزة النقالة التي تنتجها شركة «أبل» الأميركية. وبحسب تقديرات الشركة، فإن نحو 80 في المائة من مستخدمي تطبيقاتها تحت سن 18 عاما، فضلا عن أن 60 في المائة من المستخدمين تحت سن 11 عاما. تعود الأصوات الجديدة التي يحتوي عليها التطبيق لأطفال تتراوح أعمارهم من 6 إلى 14 عاما. وفي شهر ديسمبر (كانون الأول) سوف تبدأ مجموعة «أكابيبلا غروب» في إعطاء تراخيص لبعض الشركات باستخدام هذه الأصوات على أجهزة أخرى.

تقول جانيس لايت، وهي أستاذة علوم التخاطب والاضطرابات في جامعة ولاية بنسلفانيا، إن تطبيق «Proloquo2Go» «قد يكون تطبيقا جيدا ومناسبا لبعض الأشخاص، ولكنه لا يتناسب مع الجميع».

يقول نيميجير، الرئيس التنفيذي لشركة «البرمجيات المساعدة»: «أنتم بالتأكيد بحاجة للنظر إلى هؤلاء الأطفال والتفكير مليا فيما هو الوضع الجيد بالنسبة لهم. يعتبر قيام الآباء بالمقارنة بين الأجهزة المختلفة أمرا ضروريا بكل تأكيد، حيث يقوم الآباء في معظم الأحيان بالخروج وشراء أي جهاز، ولكنه يتبين فيما بعد أنه لا يعمل بصورة جيدة. عادة ما يكون سقف الآمال مرتفعا للغاية عند الآباء».

أحست شاناي فيني، البالغة من العمر 30 عاما، ببعض المشاعر المختلطة عندما علمت بأن ابنها داهمير، البالغ من العمر 10 سنوات والمصاب بمرض التوحد، قد يكون قادرا على الحصول على صوت مناسب لعمره، فعلى الرغم من أن ابنها سيتمكن من الحديث بنبرة صوت طبيعية بصورة أكبر، فكل الأطفال الصغار الذين يستخدمون تطبيق «Proloquo2Go» يستطيعون الحصول على نفس الصوت أيضا.

تقول فيني: «سوف أجعل هذا الأمر يبدو حقيقيا، حيث إن هذا الصوت ليس صوت ابني، ولكنني أدرك تماما أنه قد يساعده».

دفعت شركة «البرمجيات المساعدة» نحو 100.000 دولار لتطوير هذا التطبيق، حيث قام مهندسو الصوت بتجميع الآلاف من الجمل والمئات من الكلمات خلال جلسات التسجيل الخاصة بتطبيق «Proloquo2Go2.1» واعتمدوا على هذا البنك من الكلمات، حيث يستطيع التطبيق التوليف بين أي عدد من الكلمات باللغة الإنجليزية، فعلى سبيل المثال، تتألف كلمة «مثير للإعجاب» من كلمات «مستحيل» و«رئيس» و«مخبر».

تعطي معظم الأجهزة، التي تقوم بتحويل النص إلى كلام، المستخدمين القدرة على نطق كل الكلمات تقريبا، بينما يسمح كثير منها للمستخدمين بالاختيار بين الرغبة في نطق الكلمة بصورة سعيدة أو حزينة أو غاضبة. يتمثل التحدي الأكبر الذي يواجه هذه الصناعة، التي سيشهد يوم السبت القادم انعقاد مؤتمرها الذي يعقد مرة كل سنتين في مدينة بيتسبرغ، في كيفية تطوير تقنيات تحويل النص إلى كلام بصورة تستطيع التنبؤ بالعواطف أو نغمة الكلام أو ما قد يريد الشخص القيام به.

يوافق كثير من اللاعبين الرئيسيين في هذه الصناعة وغيرهم من الخبراء في هذا المجال على أن الأصوات الصناعية، وحتى تلك التي تعبر عن بعض العواطف الرئيسية، تعد غير كافية للسماح للأشخاص المصابين بالقدرة على التحدث بصورة طبيعية، ناهيك بإضفاء ذلك الطابع الشخصي على تلك الأصوات.

ويقول غراهام بولين، المصمم الذي قام بمشروع رائد يدعى «التحوط في الكلام»، الذي يهدف لإضفاء الطابع الشخصي على نبرة صوت الأشخاص الذين يستخدمون التطبيق: «عندما ندخل في محادثة، نستخدم نبرات صوتنا للتعبير عن كل الأشياء، مثل الاحترام والامتنان، وذلك للتأثير على الطريقة التي تسير بها المحادثة».

كتب مارتن بيستوريس، وهو مطور برامج على الإنترنت ومؤلف يبلغ من العمر 36 عاما، في إحدى الرسائل الإلكترونية: «لا يمكنك حقا التلفظ ببعض الكلمات بنبرة حادة أو ساخرة». فقد بيستوريس القدرة على النطق عقب الإصابة بمرض الالتهاب السحائي عندما كان في الـ12 من عمره وظل يستخدم تقنيات تحويل النص إلى كلام لنحو 10 أعوام. يضيف بيستوريس: «عندما تتمكن من كتابة الكلمات التي تود قولها، تكون اللحظة المناسبة قد فاتت ولم تعد كلماتك تبدو مضحكة أو مناسبة بأي حال من الأحوال. أنا أتمتع بسرعة كبيرة في كتابة الرسائل الخاصة بي، ولكنني على الرغم من ذلك لا أستطيع مجاراة وتيرة الحديث العادي».

* خدمة «نيويورك تايمز»