طلاء جديد بخاصية التصليح والتنظيف الذاتي لحماية الهواتف الجوالة والسيارات والطائرات

يبقيها نظيفة ويحميها من الخدوش والأضرار اليومية

السيارات لن تحتاج أبدا لغسلها والطائرات سيقل تكرار طلائها
TT

تمكن باحثون بجامعة إيندهوفن للتكنولوجيا في هولندا، من تطوير طلاء جديد له سطح يمكنه تنظيف وإصلاح نفسه ذاتيا، عند حدوث أي تلف له، ويتميز الطلاء بإمكانية استخدامه في كثير من التطبيقات، مثل حماية الهواتف الجوالة والسيارات والطائرات من الخدوش والأضرار اليومية، وإبقائها نظيفة، وتجنب تكرار طلائها. فالهواتف الجوالة سوف تظل نظيفة دائما من بصمات الأصابع، والسيارات لن تحتاج أبدا لغسلها، والطائرات سيقل تكرار طلائها، وقد نشرت نتائج الدراسة في عدد 17 يوليو (تموز) الحالي من مجلة «المواد المتقدمة» العلمية الشهيرة «Advanced Materials».

وفقا لما نشر على موقع جامعة إيندهوفن الهولندية، يقول الباحثون إن «الطلاءات الوظيفية» (Functional coatings) التي تتمتع بخصائص فريدة، مثل المقاومة العالية للمياه أو المقاومة للبكتيريا، يوجد في سطحها مجموعات من الجزيئات النانوية الحجم، التي تمنحها هذه الخصائص، ولكن، حتى الآن، فإن هذه المجموعات الجزيئية يمكن أن تتلف بسهولة وبطريقة لا يمكن إصلاحها، بسبب أي لمس صغير كالخدش، ويعد هذا أكبر معوق للتطبيقات الممكنة لهذه الطلاءات.

ولكن الباحثة كاتارينا ستيفز وزملاءها في قسم الهندسة الكيميائية والكيمياء في جامعة إيندهوفن الهولندية، قد تمكنوا من التوصل إلى حل لهذه المشكلة، وذلك عن طريق تطوير أسطح ذات طاردات خاصة، تحمل مجموعات كيميائية وظيفية في نهايتها، وخلطها من خلال الطلاء. فإذا تم إزالة الطبقة الخارجية السطحية عن طريق الخدش، فإن الطاردات (stalks) في الطبقة التحتية السفلية تتوجه لتصليح السطح الجديد، وبالتالي تستعيد وظيفتها.

ويقول الفريق البحثي إن هذا التطور الجديد يمكن أن يكون ذا أهمية كبيرة لكثير من التطبيقات؛ فعلى سبيل المثال، يمكن تصنيع سيارة ذاتية التنظيف باستخدام طلاء ذي مقاومة عالية للمياه، الذي من شأنه أن يبقي على خاصية التنظيف الذاتي إلى فترات طويلة، فالخدوش السطحية سيتم تصليحها ذاتيا، وقطرات المياه سوف تتدحرج ببساطة من على جسم السيارة، آخذة معها الغبار والأوساخ، ودش مياه الأمطار في بعض الأحيان هو كل ما هو مطلوب للحفاظ على نظافة السيارة. وبنفس الطريقة سوف تظل المنتجات، مثل الهواتف الجوالة والألواح الشمسية وحتى الطائرات، نظيفة لفترات طويلة، فبالنسبة للطائرات، السطح النظيف يعني مقاومة أقل للهواء، والذي بدوره يقلل من نسبة استهلاك الوقود. وهناك تطبيقات أخرى، منها العدسات اللاصقة التي تصلح خدوشها ذاتيا، وطلاءات تقاوم تكوّن الطحالب، التي تعد ميزة ذات قيمة عالية بالنسبة لحماية السفن.

ويقول الفريق البحثي إن تقنية الطلاء الجديدة، تعمل فقط مع الخدوش السطحية التي لا تخترق الطلاء تماما. ويعمل الآن الفريق البحثي على تطوير هذه النتائج مع جامعات أخرى وشركاء في قطاع الصناعة، ويتوقع أن تكون الطلاءات الأولى جاهزة للإنتاج في فترة من 6 إلى 8 سنوات.

جدير بالذكر أن علماء أميركيين، كانوا قد أعلنوا خلال الاجتماع السنوي لجمعية الكيمياء الأميركية، الذي عقد في سان دييغو بولاية كاليفورنيا الأميركية، في الفترة من 25 إلى 29 مارس (آذار) الماضي 2012، عن توصلهم إلى تطوير نوع جديد من البلاستيك مستلهم من النظم البيولوجية، يمكنه إصلاح نفسه والالتئام ذاتيا، مثل جلد الإنسان، حيث يحاكي قدرة جلد الإنسان على الشفاء من الخدوش والجروح، ويقدم هذا النوع من البلاستيك وعودا جديدة لسطوح كثير من المنتجات في قدرتها على الالتئام والإصلاح الذاتي، مثل الهواتف وأجهزة الكومبيوتر المحمولة والسيارات وهياكل الطائرات وغيرها.

وقد أعلن الباحثون أن البلاستيك الجديد يمكنه تغيير لونه للتحذير من الخدوش أو القطوع الحادثة، ثم يلتئم ويصلح نفسه ذاتيا عند تعرضه للضوء.

وقال البروفيسور ماريك إربان، أستاذ علوم وهندسة البوليمرات بجامعة ميسيسيبي الجنوبية وقائد الفريق البحثي الذي قدم تقريرا عن هذه الدراسة، إن «الطبيعة قد وهبت كل أنواع النظم البيولوجية، القدرة على إصلاح نفسها ذاتيا، فيمكننا أن نرى التئام الجلد، وتكوين لحاء جديد عند قطع جذع الشجرة، وبعضها غير مرئي، ولكنها تحافظ على حياتنا وصحتنا، مثل نظام الإصلاح الذاتي في الحمض النووي (DNA)، الذي يستخدم لإصلاح الضرر الوراثي في الجينات، والبلاستيك الجديد يحاول محاكاة الطبيعة، حيث يصدر إشارة حمراء عندما يتضرر، ومن ثم يجدد نفسه عندما يتعرض لضوء مرئي، أو تغييرات في درجة الحرارة أو درجة الحموضة».

وأضاف البروفسور إربان أن «البلاستيك الجديد يمكنه أن يصلح الأضرار التي تلحق بهياكل الطائرات، والخدوش على مصدات السيارات، من خلال تعرضها لضوء كثيف». ويعمل الفريق البحثي الآن على إدخال هذه التقنية الحديثة في مجال المواد البلاستيكية التي يمكن أن تتحمل درجات الحرارة العالية.

وعلى صعيد آخر ذي صلة، أعلن فريق بحثي من مركز الابتكار والبحوث في مجال ألياف المستقبل بجامعة ديكين الأسترالية، عن تطوير طلاء للأنسجة، من شأنه أن يعطي معنى جديدا لعبارة «مقاومة البقع» (stain - resistant)، فسوف يقوم الطلاء بدور نشط في إزالة الشحوم والأحماض القوية وغيرها من المواد اللزجة، كما أن هذا الطلاء أكثر مقاومة وطارد للمياه من شمع طلاء السيارات أو التفلون المستخدم في تبطين أواني الطهي حتى لا تلتصق بها الأطعمة، وفي تبطين الأجهزة والأنابيب لمنع تآكل سطوحها، وقد نشرت نتائج هذه الدراسة في عدد الأول من أبريل (نيسان) الماضي 2012، على الموقع الإلكتروني لمجلة (Langmuir) التي تصدرها «جمعية الكيمياء الأميركية».

وقد أوضح الفريق البحثي أن طريقة التجميع الذاتي لـ«طبقة تلو طبقة» (Layer - by - Layer)، التي تنتج طلاءات للمستشعرات وأجهزة نقل الأدوية وكثير من المنتجات الأخرى، تتضمن وضع طبقات بالتناوب من مواد ذات شحنة موجبة وأخرى سالبة، ترتبط ببعضها بواسطة شحنات كهربائية، وبهذه الطريقة يمكن خصيصا تصميم طلاءات طبقا لتطبيقات محددة، وذلك عن طريق تحديد تكوين كل طبقة، ولكن الجانب السلبي لهذه الطريقة أن هذه الأفلام المتعددة الطبقات ليست مستقرة وثابتة جدا، وبالتالي تنفصل عن بعضها.

ولكن الطريقة الجديدة التي طورها الفريق البحثي، تعمل على تحقيق الاستقرار والثبات، عن طريق الأشعة فوق البنفسجية لتشكيل طلاء ذي مقاومة فائقة للمياه «سوبر هايدروفوبيك» (superhydrophobic)، من خصائصه استخدام قوى السطح الطبيعية لطرد ومقاومة المياه وغيرها من المواد، وبفاعلية عالية.

وقد أظهرت الاختبارات المعملية أن الطلاء الجديد، الذي تم تطبيقه على نسيج القطن، قد تمكن من مقاومة المياه والأحماض والقواعد والمذيبات العضوية، كما تميز الطلاء بالديمومة، فقد استمر على حالته على نسيج القطن، بعد غسله 50 مرة في غسالة المنزل، وعندما وضع الباحثون طبقات كثيرة من الطلاء على النسيج، كانت زاوية التماس (درجة مقاومته للمياه) نحو 145 درجة، مما جعل الطلاء أكثر مقاومة حتى من شمع تلميع أو طلاء السيارات ذي زاوية تماس تصل إلى 90 درجة، والتفلون ذي زاوية تماس تصل إلى 95 درجة، أو منتجات مساحات زجاج السيارة التي تقاوم الأمطار التي تصل زاوية تماسها إلى 110 درجات.

وزاوية التماس (contact angle)، هي الزاوية التي يمس عندها سائل السطح الصلب، وتقاس من خلال السائل عند وضعه على سطح صلب، وإذا كانت زاوية التماس صغيرة، فإن قطرة السائل سوف تنتشر على السطح الصلب، بينما إذا كانت زاوية التماس كبيرة، فإن قطرة السائل سوف تظل مكانها على شكل خرزة، وزاوية التماس هي انعكاس لمدى قوة الجزيئات السائلة والصلبة عند تفاعلها مع بعضها، بالنسبة لمدى قوة تفاعل هذه الجزيئات مع نظيرتها من نفس النوع، ويمكن قياس زاوية التماس باستخدام مقياس أو جهاز زاوية التماس المعروف باسم «جونيومتر» (goniometer).