علماء ألمان ينتجون مادة صلبة أخف من الستايروبو بـ75 مرة

أخف مادة صناعية في العالم

المادة الصلبة الجديدة (الصورة من جامعة هامبورغ)
TT

ذكر الباحث الألماني، ماتياس ميكلنبورغ، من جامعة هامبورغ التقنية، أن فريق العمل الذي يترأسه نجح في إنتاج مادة يقل وزن الغرام الواحد منها 4 مرات عن وزن أي مادة صناعية أخرى معروفة. فضلا عن ذلك فهي مادة صلبة، ثابتة، ناقلة للكهرباء، غير شفافة ومطواعية، يمكن تحوير شكلها كما يلزم.

أطلق العلماء على المادة الخفيفة الجديدة اسم «ايروغرافيت»، وذكروا أنها أخف من مادة الستايروبور 75 مرة. وبالأرقام يبلغ وزن السنتيمتر المكعب الواحد من المادة بالضبط 0.2 ملليغرام. وحسب تصريحات ميكلنبورغ فإن منتجي المادة يبحثون الآن عن مجالات الاستفادة منها، وإمكانية إنتاجها بكميات كافية للسوق.

تألف فريق العمل من باحثين من جامعة هامبورغ التقنية وجامعة كريستيان - البريشتز في كيل (كلاهما في شمال ألمانيا). وستنشر نتائج البحث حول «ايروغرافيت» في مجلة «أدفانسد ماتيريالز» المتخصصة في مجال صناعة وإنتاج المواد الجديدة.

واستخدم التقنيون مادة الكربون وتقنية الأنابيب المنمنمة (النانو) في إنتاج المادة، التي أثارت جدلا علميا في العالم، حسب تصريح ماتياس ميكلنبورغ. وتكون «ايروغرافيت» قد تفوقت بوزنها على مادة مماثلة صنعت من مادة النيكل، التي كانت تعتبر المادة الأخف في العالم. وما يميز «ايروغرافيت» هو أنها موصلة للتيار الكهربائي، وتكون مؤهلة، من ثم، للاستعمال في صناعة الأجهزة الكهربائية، وفي صناعة الطيران وسفن الفضاء.

الباحث ارمين شوكاردت، من جامعة كيل، أشار إلى أن جزيئة النيكل أثقل بشكل كبير من جزيئة الكربون، وهو ما أهل المادة الجديدة للتفوق على مادة النيكل النانوية. فضلا عن ذلك، يجهد العلماء أنفسهم الآن لإنتاج أنابيب نانوية، من نفس مادة «ايروغرانيت» تتخلل الفقاعات جدرانها الدقيقة، وهذا ما يكسبها قوة أكبر ووزنا أقل.

البروفسور لورينزو كينله وزميله اندريه لوتنيك، من جامعة كيل، توليا عملية إنتاج «ايروغرافيت» كمادة موصلة للكهربائية. ويقول كينله إنهما نجحا في تحقيق ذلك عبر التلاعب بذرات الكربون باستخدام مجهر يستخدم أشعة الليزر. كما أثبتت المادة الخفيفة مختبريا صلابة كبيرة أمام الضربات، وفي تحمل الضغط المسلط عليها، وذلك بما يفوق قدرة كل المواد الخفيفة، مثل الستايروبور.

المهم أيضا هو أن «ايروغرافيت» مادة مطواعية إلى حد كبير، ويمكن الضغط عليها بغية تغيير شكلها تماما، لكنها تعود إلى شكلها الأصلي حال توقف الضغط المسلط عليها. هذا يعني أيضا أنه من الممكن إنتاج المادة بكثافات معينة، وحسب المجال الذي تستخدم به. هذا في حين أن المواد الخفيفة الأخرى تتهشم أو تتفكك عند تعرضها لضغط كبير. وثبت عند الفحص أن المادة الكربونية الخفيفة تمتص الضوء إلى حد كبير، كالثقوب الفضائية السوداء، لكنها تبقى سوداء ولا تغير لونها.

لا تتوفر تصورات واضحة حتى الآن عن مجالات استخدام «ايروغرافيت» في الصناعة، والصناعة التقنية منها على وجه الخصوص، لكن العلماء يعتقون أن بإمكانهم صناعة بطاريات كهربائية صغيرة وخفيفة وقوية من هذه المادة. وربما سيعتمد إنتاج وصناعة السيارات الكهربائية المستقبلية، وبطارياتها أيضا، على مادة «ايروغرافيت» الخفيفة.

مجال الاستخدام الآخر هو في المواد الكهربائية، وحيثما يتطلب الأمر استخدام مواد خفيفة موصلة للكهربائية. بل إنه من الممكن استخدامها داخل مواد غير موصلة (سندويتش) بغرض إيصال الكهربائية إلى أجهزة معينة.

المجالات الأخرى ستكون صناعة الطائرات والصواريخ وسفن الفضاء، إضافة إلى أجهزة إنقاذ الغرقى، وأجهزة حضانة الأطفال الخدج، لأنها توفر مكانا واسعا لخزن الهواء وبأقل وزن ممكن.

وعلى أي حال، فإن الأبحاث على «ايروغرافيت» لم تنته بعد، وربما تتكشف التجارب المقبلة عن مزيد من التقدم على صعيد تخفيف الوزن وعلى مستوى متانة المادة. وكتب العلماء في مجلة «ادفانسد ماتيريالز» أن إضافة المزيد من مركبات أكسيد الزنك بدرجة حرارة عالية إلى «عجينة» المادة الأولية يجعلها أكثر فقاعية وخفة ومتانة.