90 عملا لـ30 فنانا بمعرض «ضوء من الشرق الأوسط» في لندن

مجموعة مشتركة من الصور الشرق أوسطية بين «المتحف البريطاني» و«متحف فيكتوريا آند ألبرت»

TT

أعلن «متحف فيكتوريا آند ألبرت» العريق في لندن و«المتحف البريطاني» عن تكوين مجموعة مشتركة من الصور الفوتوغرافية من منطقة الشرق الأوسط قبل المعرض المقبل بعنوان «ضوء من الشرق الأوسط» الذي ستبدأ فعالياته في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي. وذكرت مارتا ويس، أمينة قسم الصور في «متحف فيكتوريا آند ألبرت»: «في الأعوام القليلة الماضية، شكلت أنشطة التصوير الفوتوغرافي المعاصرة من وعن الشرق الأوسط بعضا من أكثر الفنون إثارة وابتكارا وتنوعا في أي مكان من العالم».

وسوف يقدم المعرض المجموعة المشتركة بالكامل تقريبا، في إطار تعاون فريد من نوعه بين المتحفين، وبدعم من «صندوق الفنون»، وهي مؤسسة خيرية بريطانية تجمع التبرعات لصالح المتاحف والمعارض الفنية. وقد استمر العمل في تكوين هذه المجموعة منذ عام 2009، تجاوبا مع ازدياد الاهتمام بالفنون البصرية في المنطقة، ليعوض بذلك ضعف تمثيل التصوير الفوتوغرافي الشرق أوسطي في مجموعات العروض البريطانية، ولسد أوجه النقص في المجموعات الخاصة بكل من المتحفين. ورغم أن «متحف فيكتوريا آند ألبرت» دأب على جمع الصور الفوتوغرافية منذ خمسينات القرن التاسع عشر حينما بدأ التصوير الفوتوغرافي فعليا، فإنه كانت هناك فجوة في التمثيل الشرق أوسطي هناك، رغم كونه أيضا أقدم جامعي الأعمال الحرفية من المنطقة، حيث بدأ في هذه الفترة نفسها تقريبا. وتوضح ويس: «الشرق الأوسط ممثل في المجموعة، لكن معظمها مشاهد من فلسطين ومصر تعود إلى القرن التاسع عشر، بالإضافة إلى الأعمال الإثنوغرافية والصور الفوتوغرافية للأسفار والرحلات. وفي هذه الجوانب، كان الشرق الأوسط يمثل تاريخيا في الأساس، باستثناء القليل من جيوب الصحافة المصورة في القرن العشرين.» ويستمر «المتحف البريطاني» في تكوين مجموعة مختلفة إلى حد ما، فبداية من ثمانينات القرن العشرين، أصبحت مجموعته من «الأعمال على الورق» من الشرق الأوسط من بين أولى هذه المجموعات في العالم، وقد شملت نحو 200 فنان، إلا أنها لم تكن تتضمن أي تصوير فوتوغرافي على الإطلاق. وتعلق فينشيا بورتر، المسؤولة عن المجموعة الإسلامية والشرق أوسطية في «المتحف البريطاني»: «بفضل هذا الصندوق، أصبح التصوير الفوتوغرافي جزءا أساسيا مما نقوم بجمعه في ما يتعلق بالأعمال على الورق. إذا كنت تتطلع إلى رؤية ما يحاول الناس في الشرق الأوسط أن يقولوه من خلال فنهم، فسوف تجد أن المزيد والمزيد من الفنانين يستخدمون التصوير الفوتوغرافي بطريقة أو بأخرى.» وتشمل مجموعة الصور الفوتوغرافية أقساما مختلفة؛ من الصور الوثائقية، إلى التصوير الصحافي، إلى الصور المعالجة. ولكن رغم هذا التنوع الكبير في الأساليب، فإنه تبرز موضوعات ذات قيمة ومناسبة ومثيرة للاهتمام. تقول ويس: «المجموعة عبارة عن لقطة لما كان يجري خلال الفترة التي نستكشفها». ويقدم كل متحف من المتحفين الدعم للآخر من خلال ما يملكه من خبرات مختلفة؛ ففي حين يهتم «المتحف البريطاني» أكثر بالقيمة الثقافية للأعمال، فإن اهتمام «متحف فيكتوريا آند ألبرت»، باعتباره متحفا للفنون والتصميم، ينصب على الأسلوب، إلا أن أوجه التماثل في الموضوعات تظل مثيرة للشغف.

وفي تعبير عن اهتمام «متحف فيكتوريا آند ألبرت» بالتصميم، تعلق ويس على مصورين مختلفين للغاية تشترك أعمالهما في تناول قضية الرقابة، حيث يوجد تشابه بين الإيراني أمير علي قاسمي والسعودية الجوهرة آل سعود في موضوعات أعمالهما، فكلاهما يلتقط صورا شخصية لأصدقاء في مناسبات اجتماعية ثم يخفي ملامحهم حتى لا يتم التعرف على هويتهم. والفارق بين هذه الأعمال في المعظم هو الأسلوب، فبينما تقدم الجوهرة تعليقا اجتماعيا على طريقة الرقابة في حجب أجزاء من الجسم في المجلات وإعلانات الشوارع، فهي أيضا تتحدى الوسيط نفسه، فمن خلال التقاط ما يعد في النهاية وسيطا يسجل ما تتم الإشارة إليه، فهي تستعمله لعمل رسومات يدوية بعيدة تماما عن الموضوع، وإن كانت تظل نتيجة لعمل الكاميرا. وفي المقابل، فإن أمير علي يحتفظ بصورته كما هي، كما لو كان يريد أن يعكس واقع أن الشباب في إيران يمارسون بالفعل السلوك المحرم اجتماعيا بالذهاب إلى حفلات يوجد فيها اختلاط بين الجنسين، وفي الوقت نفسه يعكس جانبا آخر من هذا الواقع بحجب وجوه من يظهرون في الصور، مما يدل على أن النشاط الموجود في الصور هو من المحرمات، أي إنه هنا يقدم الازدواجية التي ينطوي عليها وجود الشباب في إيران.

وفي سياق مماثل، فإن مجموعة «المتحف البريطاني» تهتم أكثر بالتاريخ والتراث، حيث حصل المتحف على أعمال للمصور الفوتوغرافي المصري الشهير يوسف نبيل، المعروف بصوره الساحرة التي يستخدم فيها الأسلوب التقليدي بإضافة الألوان يدويا على الصور الأبيض والأسود. وبدلا من صوره المعروفة لفنانين مشاهير مثل عمر الشريف أو نتاشا أطلس أو منى حاطوم، فما لفت انتباه د. بورتر أكثر بكثير هو صور البحارة اليمنيين، حيث أوضحت قائلة: «القصة مثيرة للاهتمام بالنسبة لنا، لأن البحارة اليمنيين كانوا أول مهاجرين مسلمين إلى المملكة المتحدة في القرن التاسع عشر».

إلا أن المعرض الذي سيقام في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، تحت إشراف ويس، سوف يدور حول 3 موضوعات رئيسية هي: التسجيل أو التوثيق، وإعادة التأطير (من خلال تقديم رد فعل للتمثيل التجميلي للشرق الأوسط)، والمقاومة (حيث يشير هذا الموضوع في بعض الحالات إلى رد فعل تخيلي تجاه مواقف من واقع الحياة). وسوف يستكشف كل موضوع مجموعة من الاستراتيجيات التي استعملها الفنانون للتعامل مع وسيط التصوير الفوتوغرافي. وتوضح ويس: «لم يكن لدي إطار أحصر المعرض فيه، بل جاء الإطار من أبحاث الصور نفسها».

وسوف يكون هذا المعرض، الذي يوصف بأنه معرض طموح، أول معرض بهذا الحجم يخصص برمته للتصوير الفوتوغرافي من منطقة الشرق الأوسط، وسوف يعرض أكثر من 90 عملا لـ30 فنانا من 13 بلدا مختلفا تمتد من شمال أفريقيا حتى وسط آسيا، ومن بينهم ممارسون معروفون دوليا في هذا الوسط من مصورين صحافيين وفنانين وغيرهم. وتعلق ويس قائلة: «سوف يحتفي المعرض بالطرق الإبداعية والمتطورة التي يستخدم الفنانون المعاصرون التصوير الفوتوغرافي فيها للتجاوب مع تعقيدات الشرق الأوسط».

وسوف تجري فعاليات هذا المعرض في «متحف فيكتوريا آند ألبرت» خلال الفترة ما بين شهري نوفمبر 2012 وأبريل (نيسان) 2013.