تونس: رسوم ومنحوتات قيروانية على الخشب في معرض نادر

40 قطعة أثرية نادرة قادمة من جامع عقبة في جناح خاص بمتحف باردو

إحدى المنحوتات النادرة من جامع عقبة بن نافع بالقيروان
TT

أربعون قطعة أثرية ذات قيمة فنية وتاريخية تعرض حاليا في المتحف الوطني بباردو (العاصمة التونسية) وهي من بين مئات القطع المخزنة لدى فرع المعهد الوطني للتراث بالقيروان. المعرض ضم رسوما ومنحوتات على الخشب آتية من مدينة القيروان ذات الصيت التاريخي العريق وما زال قرابة ثلاثة آلاف قطعة خشبية أثرية أخرى محفوظة لدى فرع المعهد الوطني للتراث بنفس المدينة.

المعرض أشرف على افتتاحه المهدي مبروك وزير الثقافة والمحافظة على التراث ليلة السبت الماضي وحضره عدد من سفراء البلدان العربية والإسلامية بتونس. وكشف هذا المعرض الفريد من نوعه عن كنوز أثرية لا تزال تنام في مخازن وزارة الثقافة تشمل مدينة القيروان وغيرها من المدن التونسية. وهو يهدف حسب عدنان الوحيشي المدير العام للمعهد التونسي للتراث إلى دراسة المنحوتات الخشبية الأثرية في تونس وإلقاء الضوء على مجال غير معروف من التراث الفني والثقافي التونسي والإسلامي. وقال: إنه المعرض الأول من نوعه في تونس وفي العالم العربي، وقد تمثل منعرجا في مجال تثمين التراث التونسي ومن المتوقع أن تمكن هذه التظاهرة من فتح الآفاق أمام البحوث في مجال التراث التونسي العريق وقد تتيح تعميق الدراسات حول تاريخ الفن في تونس وخاصة تطور فن الخط الإسلامي في أفريقية.

معرض رسوم ومنحوتات قيروانية على الخشب يقدم تاريخ الخشب الذي زين ولا يزال يزين وينمق إلى يومنا هذا جامع عقبة بن نافع بالقيروان وهو أول جامع بالمغرب الإسلامي يرجه تاريخ بنائه إلى سنة 670 للميلاد، يضم 40 قطعة أثرية من بينها أدوات مستعملة في تزيين الأسقف، ومعدات استعملها حكام الدولة الإسلامية بتونس على غرار صندوق مزخرف لحفظ المصحف الكريم وهبته فاطمة مرضعة الأمير باديس إلى الجامع الكبير بالقيروان.

ويضم المعرض الذي احتل جناحا خاصا داخل متحف باردو، الذي أعيد فتحه أمام الزائرين منذ أيام قلائل بعد غلقه للصيانة والترميم مدة أربع سنوات، مجموعة من القطع الخشبية الأثرية التابعة لجامع القيروان وعددها هو الأكبر في العالم الإسلامي. وتعرض كثير القطع الخشبية الأثرية المهمة لمدينة عقبة في متاحف أخرى من بينها متحف رقادة (القريب من القيروان وبها مركز الدراسات الإسلامية) والمنستير (وسط شرق تونس). ومن خلال جولة في هذا المعرض الفريد أشار الكثير من الزائرين إلى ضرورة التعجيل بترميم بعض الرسوم والمنحوتات وذلك بعد خضوعها لعمليات ترميم يرجع تاريخها إلى عقد الستينات من القرن الماضي حين تم إخضاع جامع عقبة بن نافع إلى الترميم بدوره، وهي اليوم في حاجة أكيدة إلى إعادة الترميم وبصورة مستعجلة وهذا يشمل آلاف القطع الخشبية النادرة.

ولا يمكن المرور على هذا المعرض مرور الكرام دون التذكير بأهمية الرسوم والمنحوتات التي تظهر بالجامع الكبير بالقيروان (جامع عقبة بن نافع) فالزخرف الداخلي غزير ومدهش ومتنوع وهو يحمل نماذج هندسية ونباتية منحوتة من المرمر الرقيق وهو يحلي محراب الجامع وبالمنقوشات فراغات تسمح بدخول الضوء وقد زين جدار المحراب بمربعات من الخزف ذي البريق المعدني المذهب وكذلك لوحات الخشب النفيس المطبوع على المنبر.

ويذكر أن المنبر قد صنع من خشب «الساج» المستورد من الهند ويتكون من أكثر من 300 لوحة منقوشة تتميز بلونها الزخرفي الفريد وهذا المنبر من أبدع ما أنتجته المدرسة القيروانية في ظل الحكم الأغلبي ويعود عهده إلى عام 248 للهجرة. وتغطي قبة جامع عقبة بن نافع زخارف نباتية على شكل ساق متوسطة أو فروع متموجة تتدلى منها عناقيد من العنب. أما المقصورة الموجودة على يمين المنبر فهي من أقدم المنحوتات في العالم الإسلامي وهي حسب الخبراء في عالم الرسوم والمنحوتات الأثرية بمثابة تحفة فنية قدت من خشب الأرز المحفور والمصقول وقد زينت بنقيشة كتبت بالخط الكوفي المورق وتعد من أروع نماذج الخط في الفن الإسلامي.