«المتحف الأولمبي» بالقاهرة.. بطاقة محبة دائمة للرياضة

تأسس عام 1960 ويوثق لتاريخ الحركة الأولمبية مصريا وعربيا

يضم المتحف مقتنيات خاصة بالدورات الأفريقية منذ دورة برازفيل 1965
TT

رغم كثرة المتاحف الموجودة بمصر، فإن هذا المتحف له مذاق خاص، فهو بمثابة بطاقة محبة متجددة للرياضة، كما يوثق لتاريخها في حضارات مصر المتعاقبة، وفي دورات الألعاب الأولمبية، لذلك يعتبر المتحف الأولمبي بالقاهرة من أهم المتاحف الرياضية، ليس بمصر فقط، وإنما في الشرق الأوسط وأفريقيا، حيث يعد مزارا تاريخيا وثقافيا ومرجعا للمتخصصين، ووسيلة مهمة لنقل الفكر الأولمبي والمفاهيم الصحيحة للنشاط الرياضي لغير المتخصصين، بما يضمه من وثائق ومعلومات تتعلق بتاريخ الحركة الأولمبية قديما وحديثا.

أنشئ المتحف الأولمبي عام 1960، على يد المهندس أحمد الدمرداش توني، رائد الرياضة المصرية والعربية، عضو اللجنة الأولمبية الدولية ومؤسس دورات ألعاب البحر المتوسط، لذا فهو يطلق عليه أيضا «متحف توني الأولمبي». وقد تأسس المتحف بداية داخل مبنى استاد القاهرة الدولي، وفي عام 1993 تم نقله إلى مبنى اللجنة الأولمبية المصرية الجديد، وتم إعادة افتتاحه عام 1994 بعد تجهيزه بأفضل الوسائل، وتطوير العرض المتحفي بما يتناسب مع كونه أقدم المتاحف الرياضية العالمية.

تقوم فكرة المتحف على عرض كل ما يخص الرياضة المصرية قديما وحديثا من خلال المشاركة في الدورات الأولمبية الإقليمية والقارية من حيث الدعوات الرسمية وملفات الترشيح لاستضافة الدورات، والميداليات والأعلام والملصقات والدروع والهدايا التذكارية والنياشين والشارات، وصور للأبطال الأولمبيين والشخصيات الرياضية المصرية.

وبفضل المتحف، فازت اللجنة الأولمبية المصرية بجائزة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للإبداع الرياضي لسنة 2010، كأفضل منشأة شاركت في دعم الرياضة على مدار أجيال وكان لها أثر كبير في إثراء الحركة الأولمبية العربية وليست المصرية فقط، ونظرا لدعمه وتعزيزه الدور المجتمعي للرياضة.

ويضم المتحف أقساما متعددة؛ فهناك قسم الرياضة عند قدماء المصريين، ويعرض هذا القسم الرسوم والنقوش الفرعونية الموجودة على جدران المعابد والمقابر، التي تدل على أن الفراعنة اهتموا بالألعاب الرياضية ومارسوها منذ آلاف السنين، مثل المصارعة والملاكمة ورفع الأثقال والجمباز والقوس والسهم والمبارزة والفروسية والعدو.

وقسم اللجنة الأولمبية الدولية، الذي يعرض صور رؤساء اللجنة الأولمبية الدولية منذ عام 1896، واجتماعات اللجنة الأولمبية الدولية السنوية، بالإضافة إلى الشارات والبطاقات والدبابيس والميداليات ومعروضات للأكاديمية الأولمبية الدولية والمتحف الأولمبي بلوزان.

أما قسم اللجنة الأولمبية المصرية، فيعرض تاريخ اللجنة الأولمبية المصرية، التي أسسها أنجلو بولاناكي عام 1910 برئاسة الأمير عمر طوسون، مما يجعلها من أقدم اللجان الأولمبية على مستوى العالم، فهي رقم 14 دوليا من حيث الإنشاء. وكيف أن أول اشتراك لمصر في الدورات الأولمبية كان في الدورة الخامسة باستوكهولم عام 1912 حيث كان الاشتراك رمزيا بلاعب واحد في لعبة السلاح وهو أحمد حسانين، ويضم القسم لوحة الشرف للأبطال المصريين الأولمبيين الحاصلين على الميداليات الأولمبية منذ عام 1928، وبعض الشخصيات الرياضية المصرية التي أسهمت في التاريخ الرياضي المصري. ويعرض قسم الدورات الأولمبية المقتنيات الخاصة بالدورات الأولمبية الصيفية والشتوية من الدعوات الرسمية والميداليات التذكارية والأعلام والدبابيس والبطاقات والتقارير وكل ما يخص الدورة؛ بدءا من أول دورة أولمبية عام 1896 بأثينا.

ولأن مصر كانت صاحبة فكرة إقامة دورات المتوسط، بدءا من الدورة الأولى التي أقيمت بمدينة الإسكندرية عام 1951، تم تخصيص قسم بدورات البحر المتوسط يعرض المقتنيات الخاصة بكل دورة من دعوات رسمية وميداليات تذكارية. وهو ما يتكرر في قسم الدورات الأولمبية الأفريقية، فمصر صاحبة فكرة إقامة الدورات الأفريقية عندما شيدت استاد الإسكندرية في عام 1929 لإقامة الدورة الأفريقية الأولى، ولكن الاستعمار لم يسمح بإقامتها في ذلك الوقت، ويعرض القسم المقتنيات الخاصة بالدورات الأفريقية تبعا منذ دورة برازفيل 1965.

أما قسم الدورات الأولمبية العربية، فيوضح كيف أن مصر صاحبة فكرة إقامة الدورات الرياضية العربية، عندما تقدم السيد عبد الرحمن عزام أول أمين عام لجامعة الدول العربية، بمذكرة يعرض فيها إقامة دورة رياضية عربية تتنافس فيها الأقطار العربية، ويعرض القسم المقتنيات الخاصة بالدورات من الدعوات الرسمية والميداليات والدروع، بدءا من الدورة الأولى التي أقيمت بالإسكندرية في عام 1953.

أما قسم المهندس أحمد الدمرداش توني فقد خصص ليعرض متعلقاته الشخصية، من خلال مكتبه بالإضافة إلى الدبلومات والنياشين والأنواط والميداليات التي حصل عليها خلال تاريخه الطويل، حيث توفي عن عمر يناهز 90 عاما.

ويحظى المتحف بزيارات كثيرة من جانب الرياضيين والمسؤولين والمهتمين؛ ففي عام 1983 قام بزيارته خوان سمارانش، رئيس اللجنة الأولمبية الدولية وقتها، حيث أعجب بشدة بما رآه قائلا: «ما شاهدته اليوم خلال جولتي في معرض توني الأولمبي لهو في الحقيقة إعجاز يشرف كل مصري.. كما لم أشهد مثله خلال حياتي الرياضية في أي دولة من الدول الـ109 التي زرتها في أنحاء العالم.. حقيقة، إن معرض توني يعتبر معرضا عجيبا غريبا يفوق الخيال، وهو لا يقدر بمال ويجب أن يكون ضمن آثار مصر التاريخية ويدعى لمشاهدته كبار الزوار بجانب مشاهدتهم منطقة الأهرام».

كما حظي المتحف بزيارة جاك روج رئيس اللجنة الأولمبية الدولية في عام 2007، حيث قام بجولة تفقدية للمتحف، ليبدي إعجابه الكبير به مؤكدا أنه رائع للغاية، مطالبا أعضاء اللجنة الأولمبية المصرية بالحفاظ عليه، وكتب في سجل الزيارات: «أسجل إعجابي الشديد بهذا المتحف الرائع، وإنه مَثل لكل اللجان الأولمبية في العالم».

ولا يعد المتحف الأولمبي مزارا فقط، فدوره يتخطى إلى تشجيع الثقافة والفنون، حيث يتعاون المتحف في تنظيم مسابقة بعنوان «الرياضة والفن الأولمبية»، وذلك بشكل سنوي مع اللجنة الأولمبية الدولية، وهي مسابقة هدفها تطوير التعاون بين الفن والرياضة بهدف مزج الرياضة بالثقافة والتعليم، وتتضمن المسابقة تقديم أعمال فنية (نحت، أعمال غرافيك، تصوير زيتي، رسم، طباعة) من جانب الفنانين الموهوبين في مصر.

* يحظى المتحف بزيارات كثيرة من جانب الرياضيين والمسؤولين والمهتمين، ففي عام 1983 قام بزيارته خوان سمارانش، رئيس اللجنة الأولمبية الدولية وقتها، حيث أعجب بشدة بما رآه.

* أنشئ المتحف الأولمبي عام 1960، على يد المهندس أحمد الدمرداش توني، رائد الرياضة المصرية والعربية، عضو اللجنة الأولمبية الدولية ومؤسس دورات ألعاب البحر المتوسط.