مهرجان «على ضوء القمر» الرمضاني يتابع أنشطته

أميمة الخليل لا تزال ثائرة من أجل فلسطين

أميمة الخليل مع الموسيقي هاني سبليني خلال حفلها في «مركز الصفدي الثقافي» (تصوير: سدير عبد الهادي)
TT

الحفل الرمضاني الذي أحيته الفنانة أميمة الخليل في طرابلس، لم يخل من دلالات سياسية. اختيارات الأغنيات، ترتيبها، المقدمات والإهداءات، جاءت موصومة بالهم العربي الذي تحمله هذه الفنانة وتغنيه منذ بدأت حياتها الفنية في فرقة الميادين مع مارسيل خليفة.

«لا ما تنام، لا ما تنام، بسهر أنا وياك لطلوع الحمام. يا ريت تبقى شوي بيروت ترق القمر بالمي»، كانت الفاتحة. بصحبة زوجها الموسيقي هاني سبليني عازفا على البيانو، ودون وجود لأي آلة موسيقية أخرى، تجلى صوت أميمة الخليل نقيا حنونا، تارة تغني مكتفية بحنجرتها، وتارة أخرى يصحبها البيانو، وأحيانا يرافقها الجمهور الذي حفظ بعض الأغنيات عن ظهر قلب، ومرات أخرى يأتي التصفيق بمثابة عنصر إضافي يحيي الأجواء.

قالت أميمة الخليل لجمهورها بعد أن أدت أغنيتها الأولى، «اسمحوا لي أن أهدي هذه الأمسية أنا وإياكم إلى أناس نعرفهم، وآخرين لا نعرفهم في سوريا يعانون». وأضافت «على حد علمي أن فلسطين هي الجرح الكبير. لكن بالأمس كان لبنان والعراق واليوم سوريا، لا أعرف كيف يمكن أن نستمر هكذا، ولا إلى أين تأخذنا هذه الأنظمة؟ هم لا يأخذوننا إلى الحرية، لكننا نحن ذاهبون إليها».

أغنيتان لمحمود درويش إحداهما «شب وصبية»، والثانية جديدة وهي تلك القصيدة الجميلة التي كتبها درويش لمحمد الدرة، وها هو مارسيل خليفة يلحنها وتغنيها أميمة:

«محمد، يعشعش في حضن والده طائرا خائفا من جحيم السماء، احمني يا ربي من الطيران إلى فوق! إن جناحي صغير على الريح.. والضوء أسود» أغنية أهدتها الفنانة إلى كل الأطفال الذين لم يحظ موتهم بصورة كتلك التي حظي بها محمد الدرة.

بلغ الجو الثوري ذروته، خلال الأمسية الرمضانية التي جاءت ضمن مهرجان «على ضوء القمر» بدعوة من «مركز الصفدي الثقافي» بأغنية «أصبح الآن عندي بندقية». هذه القصيدة كتبها نزار قباني ولحنها محمد عبد الوهاب وغنتها أم كلثوم، وجمعت بالتالي ثلاثة من عباقرة الفن العربي، وقد غنتها أميمة بإحساس عال، وعلى طريقتها الخاصة، مما جعل الجمهور يصفق طويلا مطالبا بإعادتها، بعد أن شاركها غناءها. لم تكن اختيارات الأغنيات اعتباطية، كان ثمة رسائل لم ترد الخليل أن تمضي الأمسية دون أن توصلها لجمهورها. «أصبح الآن عندي بندقية إلى فلسطين خذوني معكم» شرحت بأنها تقصدت غناءها «لأن ثمة من يريد أن ينسينا أن فلسطين هي القضية الأساسية».

أغنية جديدة أيضا لأميمة الخليل سمعها الحضور هي «رسائل فقرا». «هنه وعلى كتاف الوطن شافو خيالن مملكة، ما بيقشعوا وجه الوطن زمن خبّا عيونو بالبكي».

غنت أميمة الخليل التي لها جمهورها، رغم كل ما يحكى عن زمن انحدار الفن وتدني الذوق العام، ما يقارب 15 أغنية بينها أغنية أسمهان «يا حبيبي تعالى الحقني وشوف اللي جرى لي»، وأغنيات أخرى مثل «أحمد العربي»، «نامي نامي يا صغيرة»، «قمر المراية»، «عصفور طل من الشباك»، «أحبك أكثر».

مفاجأة الحفل كانت بالتحاق كورال الفيحاء بأميمة الخليل على المسرح بعد أن أنهت الغناء وحيت الجمهور ليؤدوا معها مرة جديدة وعلى طريقتهم الخاصة أغنية «عصفور» بقيادة المايسترو باركيف تاسلاكيان الذي أعرب عن سعادته. وروى أنه كان قد سمع أميمة تغني نفس الأغنية منذ عشرين سنة في عنجر، ولم يكن قد شكل فرقته هذه بعد. وها هو بعد مضي كل هذا الزمن يشاركها أداءها.

جدير بالذكر أن أمسيات رمضانية غنائية كثيرة يشهدها لبنان في شهر رمضان، إلا أن طرابلس بشكل خاص، وبسبب الأوضاع الأمنية الخاصة التي تمر بها، لم تشهد غير مهرجان «على ضوء القمر» الذي تضمن حفل لفتلة الدراويش وحفل أميمة الخليل يوم الأربعاء الماضي وحفل ثالث تؤدي خلاله الفنانة مكادي نحاس أغنيات تراثية، مساء الأربعاء المقبل.