دوائر فيديو مغلقة في كولومبيا تنهي الزيارات الشخصية للسجناء

تأمل في تقديمها في المكتبات والكنائس والمراكز الترفيهية وحتى المنازل في المقاطعة الأميركية

TT

في السابق كان الزجاج الواقي من الرصاص يستخدم لفصل النزلاء عن زوارهم في سجن مقاطعة كولومبيا الجالسين على الجانب الآخر منه. والآن يجلس كل منهم في مبنى منفصل أمام حاسبات مزودة بكاميرات إنترنت.

اتخاذ مقاطعة كولومبيا قرارها بالتحول إلى استخدام زيارات الفيديو في الخامس والعشرين من يوليو (تموز)، يشكل توجها متناميا في المؤسسات الإصلاحية.

ويرى أنصار هذا التوجه أن أنظمة الفيديو تقدم بديلا ملائما وأكثر أمنا وأقل تكلفة في الزيارات الشخصية. وتحقق بعض الولايات أرباحا مادية عبر فرض رسوم على زيارات الفيديو، لكن المنتقدين، ومن بينهم المدافعون عن حقوق السجناء ومسؤولو السجون المعنيون بحال السجناء فور الإفراج عنهم، يعبرون عن قلقهم خشية أن تؤدي إلى اتصال أقل مغزى مع العائلة يضر بالروح المعنوية للسجين.

كانت إدارة السجون في مقاطعة كولومبيا قد قامت بتثبيت 180 محطة فيديو نصفها في سجون تضم هذه الوحدات ونصفها في مركز زيارات الفيديو الجديد في مجمع مستشفى كولومبيا العام.

عادة ما يضم سجن كولومبيا 1,800 سجين كلهم من الرجال يقضي غالبيتهم عقوبات لا تتجاوز عاما انتظار للمحاكمة، وهناك آخرون أدينوا وينتظرون الحكم عليهم بمدة السجن ليتم إرسالهم إلى المنشآت الأخرى ليقضوا فيها بقية مدتهم.

وتقول أنجيلا ديفيز (41 عاما)، التي أجرت زيارة الفيديو الثانية يوم الجمعة مع ابنها الذي يمكث في السجن منذ 14 شهرا في انتظار المحاكمة بتهمة بالسطو المسلح، إنها تفتقد رؤية ابنها (21 عاما) وهو يدخل إلى غرفة الزيارة ويجلس في معقده أمامها، كانت تراقبه حتى تتأكد من أنه لم يُصَب بخدش أو ندوب وهي تتفحص لغة جسده وإشاراته. وتقول ديفيز: «لم يكن يشعر بذلك لكن ذلك ما كنت أقوم به. لم يعد بإمكاني أن أقوم بذلك الآن، فكل ما أراه هو وجهه».

الأكثر إثارة للقلق من مجرد رؤية وجهه هو كل شيء آخر تراه، الحراس والنزلاء الذين يتجولون خلفه. وقد شكا لها ابنها بشأن عدم وجود وقت إضافي خارج زنزانته بديلا للذي كان يحصل عليه في طريقه من وإلى الزيارات، بيد أن السيدة ديفيز تقول إن زيارات الفيديو تحمل بعض الميزات مقارنة بالزيارات الشخصية، من بينها أنها كانت تضطر إلى الانتظار لساعتين في الطقس الحار ثم الخضوع لعملية تفتيش غير مريحة قبل الدخول إلى السجن.

وتقول سيلفيا لاين المتحدثة باسم إدارة سجون مقاطعة كولومبيا، إن نظام الفيديو سيضاعف أعداد الزيارات المتوقعة إلى 400 زيارة في الوقت الذي ستقضي فيه على الصفوف الطويلة والتدابير الأمنية وأيضا خفض نفقات العاملين.

وقالت إن النظام الجديد سيوفر 420,000 دولار سنويا، وهو ما يمثل 60 في المائة من الميزانية الموضوعة للزيارات لعام 2012، التي تقدر بنحو 660.000 دولار. وأشارت أيضا إلى أن ذلك سيجعل السجن أكثر أمنا لأن النزلاء ينبغي أن لا يتنقلوا كثيرا، وأن مخاطر وجود الزائرين الذين يهربون ممنوعات إلى السجن تراجعت بشكل كبير للغاية.

تدير الإدارة الآن زيارات الفيديو من مبانيها الخاصة لكنها تأمل في أن تنجح في نهاية المطاف في تقديمها من المكتبات والكنائس والمراكز الترفيهية وحتى من المنازل.

لم تتحمل المقاطعة تكلفة تذكر في إنشاء النظام الذي أقامته شركة «غلوبال تيل لينك»، التي تحصل على المال من المكالمات الهاتفية التي يجريها النزلاء. وقامت بإنتاج البرنامج الجديد من شركة «رينوفو» للبرمجيات، التي تستخدم منتجاتها في ما يقرب من 100 منشأة إصلاحية على مستوى الولايات المتحدة.

يرجع ظهور أنظمة الفيديو في الولايات المتحدة إلى حقبة التسعينات، ورغم غياب المعلومات حول عدد الأماكن التي تستخدم هذه الأنظمة، تشير المقابلات مع بائعي الأنظمة ومسؤولي العدالة الجنائية والخبراء القانونيين والتقارير الإخبارية إلى مئات من السجون في ما لا يقل عن 20 ولاية تستخدم بالفعل هذه الأنظمة أو لديها خطط لتبني هذه التكنولوجيا.

تتقاضى الكثير من الوكالات ما يقرب من 15 دولارا للزيارة التي يبلغ وقتها 30 دقيقة، و30 دولارا للزيارة التي تبلغ مدتها 60 دقيقة. وعادة ما تظل الزيارات الشخصية خيارات.

وتشير الأبحاث الاجتماعية والإصلاحية إلى أن الزيارات تساعد في الحفاظ على الروابط الاجتماعية للنزلاء مع العالم خارج السجن، والمساعدة في إعادة دمج السجين والتقليل من احتمالية نكوصهم. وقالت المتحدثة باسم وزارة العدل إن الإدارة طلبت مقترحات لدراسات هذا العام لدراسة موضوع زيارات الفيديو.

وتقول آيفي فينكنستاتدت، محامية في مشروع سجناء العاصمة التابع للجنة محامي واشنطن، إن زيارات الفيديو تشكل عائقا آخر أمام عائلات النزلاء الذين نقلوا إلى السجن الفيدرالي مؤخرا لأن مقاطعة كولومبيا لا تملك سجنا فيدراليا.

وقالت: «هناك شيء أكثر واقعية بشأن الجلوس في غرفة، والتواصل مع الأحباب».

ويعتقد آرثر والينستين، مدير إدارة الإصلاح والتأهيل في مقاطعة مونتغومري بولاية ميريلاند، بضرورة أن لا يقتصر السجناء على زيارات الفيديو، التي تعد الآن الخيار الوحيد في مقاطعة كولومبيا.

وقال: «أعتقد أن الاتصال المباشر بالعائلة ضروري، لكن الجيل الجديد من مديري السجون الأكثر تركيزا على التكنولوجيا قد يعتبرون ذلك نهجا جديدا أكثر من مقبول».

لكن جيرمي ترافيس، رئيس كلية جون جاي والمدير السابق للمعهد الوطني للعدالة، يصف أنظمة الفيديو بأنها تتمتع بإمكانات هائلة.

وقال: «وضعنا الكثير من الأفراد في السجن خلال الثلاثين عاما الماضية. وقد أنشأنا الكثير من الأطفال الذين دخل أحد آبائهم إلى السجن، وهو ما يؤثر على عملية تطورهم. لماذا لا نستخدم هذه التكنولوجيا لتحسين العلاقة بين الآباء السجناء وأبنائهم؟».

في فلوريدا تبنت مقاطعة بروارد نظام زيارات الفيديو عام 2007، وتشير كيم سبادارو، مديرة إدارة الاحتجاز في المقاطعة ورئيسة اتحاد السجون الأميركية، التي تمثل أكثر من 3,200 سجنا، إلى أنها ترى أن تراجع العلاقة الحميمة في زيارات الفيديو ليست بالقضية المؤثرة. وقالت: «في كلتا الحالتين هم لا يتمكنون من التواصل الجسدي مع أفراد عائلاتهم، لكن يمكثون في زنزاناتهم ويظهرون على شاشة الفيديو ويتمتعون بالخصوصية ويحظون بنفس الزيارة التي كانوا يحظون بها عندما كان يفصلهم الزجاج العازل».

* خدمة «نيويورك تايمز»