النبطية اللبنانية تضيء أكبر فانوس رمضاني وتتخطى به «فانوس الحرية»

في محاولة لدخول الموسوعة العالمية للأرقام القياسية «غينيس»

الفانوس الرمضاني العملاق في النبطية («الشرق الأوسط»)
TT

في رحاب شهر رمضان المبارك، ووسط إطلاق المفرقعات النارية وتصفيق الحضور، أضاءت مدينة النبطية (جنوب لبنان) في النصف الأول من شهر رمضان أكبر فانوس رمضاني، في محاولة لدخول الموسوعة العالمية للأرقام القياسية «غينيس» بوصفه أكبر فانوس في العالم.

ويبدو أن هذه المبادرة الجماعية ستكون بمثابة البوابة السياحية الدينية للمدينة التي حضرت نفسها لجذب الأنظار هذا العام.. أمر تنبه إليه القيمون من خلال حرصهم على استعادة كل «القديم»، راسمين خطوطا جديدة للسياحة الدينية التي لطالما ارتبطت بها المدينة.

الإعلان الرسمي عن الفانوس جاء في احتفال نظمته الجهات الراعية لإنجاز الفانوس؛ وهي بلدية النبطية، و«جمعية تجار النبطية»، و«جمعية دايز»، و«إسعاف النبطية» و«مؤسسة حسن حسين للمعدات»، بحضور حشد من شخصيات المنطقة.

ويقول حسن حسين (صاحب المؤسسة المصنعة) في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «تم وضع الفانوس وسط ملعب المدينة وبلغ ارتفاعه 18 مترا ونصف المتر، وعرض قاعدته خمسة أمتار، واستلزم تصنيعه 34 طنا من الحديد، وأحيط بـ340 م.م. من الفلكس (تلبيس البلاستيك)، فيما استخدم لإنارته 25 بروجيكتور، تحتاج إلى كهرباء تقدر بـ25 ك. ف. أ. مصدرها مولد كهرباء خاص به، والفانوس مجهز بمروحة تبريد لمنع انحباس الحرارة بداخله».

ويتابع أن نخبة من المهندسين شاركوا في صناعته وبلغ عددهم خمسة واستمرت مدة التصنيع 180 يوما بمعدل 6 ساعات يوميا، مقابل ثلاثة أيام تطلبتها مرحلة التصميم وإجراء الدراسات، فيما عملت 6 شاحنات متوسطة الحجم على نقله من مكان التصنيع إلى الملعب.

«ها هو الحلم يتحقق.. حلم رسمه مجموعة من الشباب المحلي، الذي أبى إلا أن يبرهن للعالم أجمع أن مجتمعنا المحلي هو مجتمع نام لديه كثير من الطاقات والإبداعات» يؤكد رئيس جمعية «دايز» وسيم شميساني، كاشفا أن الحلم بدأ منذ إنشاء الجمعية عام 2010، حين وضعت من أجل ذلك استراتيجية تنفذها من خلال مشاريع تصب في هدفها الأساسي، أي تنمية المجتمع المحلي، فكانت فكرة إنارة الفانوس ومحاولة تسجيله في كتاب «غينيس» بوصفه أكبر فانوس في العالم، بصفته نشاطا نوعيا يحصل لأول مرة في منطقة النبطية.

ويعد الفانوس تحفة جمالية رمضانية تدخل السرور على قلوب المارين به ويضفي جوا روحيا مؤنسا.. إنجاز لم يكن ليتم لولا تضافر جهود الجمعيات والجهات المشاركة التي شكلت في ما بينها فريقا واحدا عمل بتفان ومحبة وانسجام.

بدوره، يعزو حسين موافقته على المباشرة في تصنيع فانوس النبطية العملاق إلى روح المنافسة وتخصصه بصفته صناعيا: «بعد أن اتفقنا على تقديم شيء مميز للمدينة مع جمعيتي (دايز) و(تجار النبطية)، وبلدية النبطية، قمنا بدراسة الفكرة لمدة ثلاثة أيام، حيث صممنا خلالها 5 أشكال ليرسو الرأي على هذا الشكل».

أما روح المنافسة، فتكمن في تخطي المقاييس التي يمتاز فيها فانوس غزة الرمضاني الذي أضاءه أهالي قطاع غزة منذ نحو عام، بعد أن أطلق عليه صانعه مؤمن حجازي لقب «فانوس الحرية» تخليدا لذكرى شهداء «أسطول الحرية» الذي جاء آنذاك مناصرة لقطاع غزة، معتبرا أنه رسالة للعالم بأن الفلسطينيين محبون للسلام والخير، وعندهم مبدعون رغم الحصار المفروض عليهم.

«فانوس الحرية» الذي تم وضعه في ساحة الكتيبة في القطاع، دخل موسوعة «غينيس» بوصفه أكبر فانوس في العالم بطول بلغ 15 مترا و40 سم، وعرض 6 أمتار، وهو يتكون من الخشب والجلد الأصفر والأزرق والأحمر، وتم تزيينه بأسماء المدن الفلسطينية وأحبال الزينة، إضافة إلى الإضاءة القوية، فيما بلغت تكلفته 400 دولار.

وبالعودة إلى فانوس النبطية العملاق، يوضح رئيس البلدية أحمد كحيل أنه «سيبقى مضاء طيلة الشهر الفضيل بعد موعد الإفطار، خاصة في ظل الإقبال اليومي لسكان المناطق المحيطة بالمدينة بهدف التأمل وأخذ الصور التذكارية بجانبه. ومنذ بضعة أيام قصد الفانوس مجموعة من شبابية من مدينة طرابلس (شمال لبنان) وهذا ما دفعنا إلى التنسيق مع حسين للتفكير في مبادرات عدة».

وأضاف أن «إنجاز الفانوس بهذا الحيز الزمني الضيق وبهذه التقنية العالية والحجم العملاق، يدل على المستوى العالي لصناع الجنوب وقدرتهم على التفوق والإبداع».

وردا على سؤال، يؤكد حسين أن الفانوس غير معروض للبيع أبدا، نظرا للشعار والرمزية التي يمتاز بهما وتمجيدا لهذا الشهر الفضيل، لافتا إلى أن «الهدف من ورائه إنمائي واجتماعي للمنطقة، وليس غريبا علينا أن نعيد النبطية إلى أمجادها، وإعادتها ليس إلى الخارطة الوطنية فحسب؛ بل إلى الخارطة العالمية».

وإلى جانب الفانوس، أعادت النبطية ذاكرة المدفع برمزيته التاريخية، وعاد «المسحراتي» حسن كريكر ليجول في الأحياء والأزقة مطلقا العنان لطبله ورندحات كلماته: «يا نايم وحد الدايم قوم تسحر»، «رمضان كريم»، وسط عشرات من الأسر والشباب الذين يقضون سهراتهم الرمضانية في الهواء الطلق.

ويتزامن مع حركة كريكر قيام مجموعة من الشباب بتقديم رقصة التنورة خلال فترة السحور، كذلك تقوم فرقة فنية بأداء الرقصة المولوية الجذابة.

حسين الذي نال عشرات التهاني على إنجازه هذا لا سيما من نواب المنطقة وفاعلياتها البلدية والإنمائية ومن أفراد عائلته، يبدي تفاؤله بالحصول على جواب إيجابي من القيمين على موسوعة «غينيس»، بعد أن زاره ممثلان عنها، مصطحبين معهما كل المعلومات المطلوبة.

ويختم بأن ثمة تفكيرا جديا في تطبيق مبدأ الإعارة على الفانوس الذي تحول إلى معلم تراثي في المدينة، من خلال إعارته السنة المقبلة لمدينة صور وبعدها لمدينة صيدا بهدف تعريف الناس به، وفي حال نجاح التجربة، سيجول على باقي المدن اللبنانية، متوقعا إنجاز تصاميم رمضانية جديدة ابتداء من العام المقبل.