«خط ساخن» لاستقبال الشتائم واللعنات في ألمانيا

TT

يقول الألماني رالف شولته، من عاصمة رأس المال الأوروبي فرانكفورت، أنه يسمع منذ سنوات بخطوط ساخنة لاستقبال شكاوى النساء المضطهدات، وقصص الأطفال المعذبين، بل وحتى للاستماع إلى معاناة القلوب المعذبة. سأل نفسه: لماذا لا يوجد «خط ساخن» ينفس فيه الناس عن متاعبهم؟ ثم نفذ الفكرة فعلا.

وهكذا أصبح لألمانيا الآن «خط ساخن» للشتائم واللعنات يجد فيه الجميع «صدرا رحبا» لتقبل فورات غضبهم. ومن يخشى من سب رئيس عمله، أو صب اللعنات على زوجته، أن يتصل برالف شولته، وأن يسمعه كل ما في جعبته من شتائم. ويعد شولته (41 سنة)، القادم من شرق ألمانيا في الأصل، كافة المتصلين بأنه سيستمع إلى شتائمهم ولعناتهم، وإن كانت «تحت الحزام»، بكل صبر وتفهم.

مقابل 1.49 يورو في الدقيقة يستطيع الإنسان الغاضب أن ينفس عن غضبه طوال 16 - 18 ساعة من اليوم، وفي أيام العطل أيضا. ووجد شولته، الذي يعمل طباخا، في مهنته الجديدة مصدر ربح دفعه إلى الاستقالة من عمله في أحد مطاعم فرانكفورت. ويقول: إن الفكرة واتته وهو يراقب رئيس عمله يدخل، كلما ساورته نوبة غضب من العاملين معه، أو من أحد الضيوف، إلى غرفة الثلاجة كي يشتم ويلعن بصوت عال دون أن يسمعه أحد.

تجربته القصيرة حتى الآن تكشفت عن عشرات المكالمات الغاضبة يوميا، والتي يمارسها ناس تتراوح أعمار معظمهم بين 25 و35 سنة. ويضيف أن معظم زبائن خط الشتائم الساخن هم من العاملين في البنوك والشركات الكبرى، وهذا دليل على الضغط النفسي الذي يتعرضون له أثناء العمل.

يشكل الرجال نسبة عالية من السبابين الذين يتصلون برالف شولته، ويجد الأخير الأمر طبيعيا، لأن النساء يعبرن عن غضبهن مباشرة وبصوت عال، في حين يميل الرجال عادة إلى كبت مشاعرهم وكظم غيظهم.

المهم أيضا هو أن المتلقي الطوعي للشتائم واللعنات مقتنع بأن ما يفعله يصب في خير وصحة الناس. فالتنفيس عن الغضب لا يساعد في الحفاظ على العلاقات، وخصوصا الزوجية والعملية، من التفكك، وإنما يقدم أيضا خدمة صحية ونفسية للمعانين من توتر الحياة اليومية وشدة العمل.