لوحة «الصيادين في رشيد» تعرض بـ600 ألف دولار

إبداعات محمود سعيد تتصدر مزاد «كريستيز» بدبي في أكتوبر المقبل

لوحة «الصيادين في رشيد» للفنان محمود سعيد
TT

ستتصدر لوحتان لرائد الفن المصري الحديث، محمود سعيد (1897 – 1964)، مزاد الأعمال الفنية العربية والإيرانية والتركية الحديثة والمعاصرة الذي تنظمه دار «كريستيز» بدبي في 23 و24 أكتوبر (تشرين الأول) 2012، وقد تم إيداع كلا العملين للبيع من ضمن مجموعة مصرية خاصة وفاخرة في مصر توارثتها أسرة الفنان الذي أبدع في صياغة عناصر دلالية تجسد لغته التصويرية، حيث تعد لوحة «الصيادين في رشيد» أحد أعمال الفنان الأكثر شمولا، إذ تظهر المشهد المصري بتفاصيله الغنية قرب نهر النيل مع الصيادين المنهمكين بإفراغ صيدهم، لتبرز تعبيرا مثاليا عن الهوية المصرية الوطنية. وكان الفنان قد رسم اللوحة عام 1941، وتقدر قيمتها بـ400.000 – 600.000 دولار أميركي، هذه اللوحة تنطق فنا وتجسد بحرفية عالية المرأتين اللتين تحملان الجرار، والفلوكات التي تبحر بسلاسة في نهر النيل الذي يعج بالزوارق وأشجار النخيل، والسلة المليئة بالسمك الطازج، وشبكة الصياديين المثقلة بالصيد، وشجرة النخيل المحملة بثمار التمر الذهبية الباذخة.

أما لوحة «الزار»، فهي لوحة زيتية أولية أعيد اكتشافها مجددا وترصد عملا فنيا أكثر شهرة، حيث تصور مجموعة من الراقصين والموسيقيين، وهي لوحة تمتزج فيها الروحانية والغموض، وتبلغ قيمتها 150.000 – 200.000 دولار أميركي، وهذه اللوحة ترصد كما يظهر إحدى الخطوات الأولى لحفلة «الزار»، وقد رسم سعيد النساء وهن يدرن حول أنفسهن في الخلفية بينما تمتد أيديهن.

وتعد هذه المرة الأولى التي تعرض فيها اللوحتان في المزاد العلني، إذ لم تعرض لوحة «الزار» نهائيا من قبل، في حين تم عرض لوحة «الصيادين في رشيد» في عام 1964 وهو العام ذاته الذي توفي فيه الفنان، ومن المقرر أن يقام المزاد في فندق أبراج الإمارات في دبي، حيث سيتم عرض اللوحتين قبل المزاد ابتداء من السبت قبيل موعد المزاد.

وقال مايكل جيها، المدير التنفيذي لدى «كريستيز» في الشرق الأوسط والخبير المسؤول عن المزاد: «لوحة (الصيادين في رشيد) إحدى التحف الفنية القليلة جدا لسعيد التي حفظت في أياد أمينة، وقد حظينا بشرف إيداعها لدينا إلى جانب لوحة (الزار) لتكون من بين أبرز اللوحات المعروضة لدينا في مزادنا المقام في شهر أكتوبر». وكانت دار «كريستيز» قد باعت في مزاد دبي 2010 لوحات لسعيد تضمنت لوحة «الدراويش» 1929، التي بيعت برقم قياسي بلغ 2.5 مليون دولار أميركي، ولوحة «الشادوف» 1934، التي بيعت بمبلغ 2.4 مليون دولار أميركي في العام نفسه. وتعد لوحة «الصيادين في رشيد» أحد أكبر أعمال سعيد الفنية التي ظهرت في المزاد على الإطلاق، ويمكن اعتبارها من مستوى لوحة «الدراويش»، و«الشادوف». وتأتي لوحة «الصيادين في رشيد» ضمن ثلاثة أعمال فنية شهيرة لسعيد يصور فيها الصيادين وهي أكثرها تمثيلا لعمله الإبداعي، إذ إها ترصد بصدق جوهر مصر ضمن عمل فني متناغم ومتجانس. وكما يشير العنوان، يقع المشهد في منطقة «رشيد»، وهو ميناء على الساحل المصري الشمالي الذي تم فيه اكتشاف حجر رشيد الشهير عام 1799. ويوفر هذا الموقع التاريخي بيئة مثالية للوحة محمود سعيد، مع الإشارة إلى اسم المدينة في العنوان، مما يجعلها صورة لماضي مصر العريق. ويؤكد سعيد في لوحته «الصيادين في رشيد» الجهود المضنية التي يبذلها الصيادون وهم يسحبون شباكهم بعد عمل يوم طويل ومرهق. ولكنه لا يظهرهم بمظهر رث، وإنما يبرز أجسادهم الضخمة والقوية. ويمتلئ المشهد بالحيوية والقوة الرجولية، يوازيها في المقابل الوقوف الجليل والجميل للسيدة على يسار من يحمل السلة المليئة بالسمك الطازج. في حين يغطي المشهد برمته أشعة الشمس الذهبية الدافئة. وهناك عدة عناصر دلالية تجسد لغة محمود سعيد التصويرية، المرأتان اللتان تحملان الجرار، والفلوكات التي تبحر بسلاسة على نهر النيل الذي يعج بالزوارق وأشجار النخيل، والسلة المليئة بالسمك الطازج، وشبكة الصياديين المثقلة بالصيد، وشجرة النخيل المحملة بثمار التمر الذهبية الباذخة.

في حين تشكل النباتات الخضراء المورقة تذكيرا بغنى المنطقة الزراعية في دلتا النيل ومدى خصوبتها. أما من حيث بنية العمل الفني، فتمثل لوحة «الصيادين في رشيد»، منتجا صريحا لدراسة سعيد المتأنية عن الفلمنكية والبدائيين الإيطاليين في فترة العشرينات، عندما حضر دروسا فنية في متحف اللوفر وأكاديمية «جراند شومير» فضلا عن جوبه مختلف أنحاء أوروبا لزيارة المتاحف الفنية.

وتمثل لوحة «الزار» رسما زيتيا أوليا مذهلا لعمل فني أكبر يحمل العنوان نفسه، أما موقعها فهو غير معروف. وتماما كما رسام الباروك الفلمنكي، بيتر بول روبنز، الذي هو محط إعجابه، أنتج سعيد «النماذج» أو أنهى الرسوم الزيتية لبعض أعماله الفنية الأكثر تحديا وذات الحجم الكبير. ويعود تاريخ «النموذج» الحالي للوحة «الزار» في الأغلب إلى العام نفسه للوحة النهائية في 1939، (وتبلغ القيمة التقديرية: 150.000 - 200.000 دولار أميركي).