المصريون ينشغلون عن السياسة بكعك العيد

زحام شديد في الأسواق.. وارتفاع في أسعار مستلزمات عيد الفطر

مواطن يستعد لعيد الفطر بشراء الكعك («الشرق الأوسط»)
TT

ما إن اقترب شهر رمضان من لملمة أيامه الأخيرة، حتى ترك المصريون كل ما كان يشغلهم من أمور سياسية ساخنة، سيطرت على حياتهم في الفترة الأخيرة، وكرسوا وقتهم وجهدهم لشراء مستلزمات عيد الفطر المبارك.

وتراجعت اهتمامات المصريين بمتابعة الدستور الجديد والجمعية التأسيسية التي تضع بنوده، والحكومة الجديدة وعملها وتشكيلها، ليحل محل كل ذلك، كعك العيد والملابس الجديدة والأسماك، خاصة المملحة والمدخنة منها.

ويمكن لزائر منطقة وسط القاهرة التجارية أن يرى طوفانا من البشر يسد شوارع طلعت حرب وقصر النيل و26 يوليو، حتى إن السيارات تمر من تلك الشوارع بصعوبة بالغة، فباعة الملابس يفرشون بضاعتهم في نهر الشارع، والمحلات التجارية تعج بالزبائن، ومحلات الحلويات التي تبيع كعك العيد لا تجد فيها موضعا لقدم.

ويقول عبد السلام محمد بائع ملابس متجول: «هذه الأيام هي موسم بالنسبة لنا، نكسب فيها رزقا وفيرا يعيننا على مطالب الحياة».

ويضع عبد السلام بضاعته على لوح خشبي في شارع طلعت حرب ويقف على كرسي صغير لينادي على بضاعته، وهو أحد عشرات الباعة الذين يفترشون الشارع التجاري الحيوي بوسط القاهرة. ويقول عبد السلام: «الرزق يحب الخفية، ولو لم أفعل ذلك لما استطعت تدبير نفقاتي»، موضحا أنه يبيع ملابس مستوردة من الصين وهي تقليد لماركات ملابس مشهورة، ويقبل عليها الشباب الذين لا يستطيعون دفع أثمان الملابس الأصلية التي قد يصل سعرها إلى بضع مئات من الجنيهات.

ويضيف: «أبيع القمصان بخمسين جنيها، والملابس الرياضة بمائة جنيه، وأقف في مكاني منذ الثانية عشرة ظهرا حتى الفجر»، مشيرا إلى أنه قبل ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011 كان يتعرض لمضايقات من رجال شرطة المرافق، وكان يضطر إلى رشوة البعض حتى يتركوه يقف ببضاعته.

ويضيف عبد السلام: «الوضع تغير بعد الثورة، ولم يعد يضايقنا أحد، وانتهت مطاردات رجال شرطة المرافق لنا».

عبد السلام لا يعنيه الدستور الجديد ولا يعرف أسماء الوزراء في الحكومة الجديدة، لكنه يريد منهم أن ينظروا لطبقة الباعة الجائلين بعين الرحمة، قائلا: «لنا مطالب كثيرة.. فهم لا يرحمون ولا يريدون لرحمة الله أن تنزل».

أما خالد عبد المجيد، وهو محاسب بأحد البنوك، فاصطحب أبناءه الأربعة إلى أحد المحلات لشراء ملابس العيد لهم، وقال: «السياسة أوجعت قلوبنا وعقولنا طوال الفترة الماضية، ونحن نعيش أياما جميلة في شهر رمضان، لذلك كل تفكيري حاليا منصب على إدخال الفرحة إلى أبنائي». ويضيف خالد: «حادث رفح الإرهابي أدمى قلوب كل المصريين، فالجنود الـ16 الذين استشهدوا دفعوا حياتهم فداء لنا.. وشعرنا بمرارة وغصة في الحلق، ولكن جاء عيد الفطر لكي ينسينا أحزاننا ويجدد فرحتنا».

ويقول خالد: «محاولة إدخال الفرحة إلى قلوب أبنائي لا يعرقلها سوى ارتفاع أسعار مستلزمات عيد الفطر، من كعك وأسماك».

وتتفق معه سهام عبد الله التي اصطحبت ابنتيها لشراء الكعك و«الغُرَيّبة»، قائلة «الأسعار هذا العام أزيد عن العام الماضي بشكل مبالغ فيه، ولكن لا يوجد بديل.. اعتدنا أن نشترى الكعك كل عام».

وترى السيدة سهام أن العيد هذا العام سيكون مختلفا، قائلة: «هذا العيد لدينا رئيس منتخب واستطاع قبل أيام أن يحصل على سلطاته كاملة من المجلس العسكري، وأتوقع تحسن الخدمات الأمنية في العيد، ليصبح الشارع أكثر أمنا ويصبح في مقدرونا أن نخرج لنحتفل».

أما عاصم عبد الحميد، بائع بأحد محلات الحلويات الشهيرة بوسط القاهرة، فقال وهو يناول أحد الزبائن طلبه من كعك العيد: «نعمل في أيام رمضان الأخيرة نحو 20 ساعة يوميا لكي نلبي طلبات زبائننا».

ويبرر عاصم الزحام الشديد في المحل الذي يعمل به قائلا: «لم يعد أحد لديه وقت أو جهد لعمل الكعك في المنزل، كما كان الحال قديما، الكل يفضل شراء الكعك الجاهز، ونحن نشتهر بصنعه بجودة عالية».

ويقول عاصم: «نبدأ في عرض الكعك منذ يوم 15 رمضان، ويتزايد الإقبال عليه كلما اقترب العيد»، ويوضح أن أسعار الكعك هذا العام ارتفعت عن العام الماضي بنسبة بسيطة، حيث يتراوح سعر الكيلوغرام الواحد من الكعك بين 30 و50 جنيها حسب الحشو بداخله.