الفارس عبد الله بن متعب لـ «الشرق الأوسط»: الملك عبد الله فارس واستطاع فهم نفسياتنا كفرسان فتحقق الإنجاز

بعد فوز الفريق السعودي للفروسية بالميدالية البرونزية في قفز الحواجز في أولمبياد لندن

خادم الحرمين الشريفين يكرم حفيده الفارس عبد الله بن متعب الأمير عبد الله بن متعب في طريقه لتحقيق الإنجاز الأولمبي
TT

تظل رياضة الفروسية من الرياضات التي تحتاج لصفات معينة في من يريد الانخراط فيها، ليس أقل من صفتي الشجاعة والإقدام، بالإضافة إلى مقدرة الفارس على أن يتمكن من خلق علاقة انسجام وتفاهم مع الخيل التي يركبها. ولرياضة الفروسية أشكال وأنواع، وتعد رياضة قفز الحواجز من أصعبها، حيث إنها تحتاج إلى مهارة خاصة من قبل الفارس وكذلك الخيل.

الأمير عبد الله بن متعب بن عبد الله بن عبد العزيز هو فارس بمرتبة عاشق في هذا الفن، كيف لا وهو من أسرة تربت على الفروسية وعاشتها؟.. فيكفي أن جده خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز هو داعم الفروسية الأول في السعودية، أما والده فهو الأمير متعب بن عبد الله الذي تشهد ميادين الخيل في السعودية وجوده الدائم بهدف إرساء منافسات الخيل للظهور بصورة زاهية لمحبيها.

الأمير الفارس عبد الله بن متعب له مشوار متميز مع هذه الرياضة الأصيلة شهد العديد من الإنجازات، كان آخرها الإنجاز الكبير الذي حققه مع زملائه في فريق الفرسان السعودي رمزي الدهامي وكمال باحمدان وعبد الله الشربتلي في عالم الفروسية في أولمبياد لندن 2012 الذي اختتم مؤخرا بالعاصمة البريطانية لندن، والمتمثل في حصد الميدالية البرونزية في مسابقة قفز الحواجز للفرق، وحظي الإنجاز بمتابعة عالمية، في ظل تنافس حاد. الأمير عبد الله يؤكد في حديثه لـ«الشرق الأوسط» التي التقته في لندن أن «التحضير للمنافسة والاستعداد كان بهدف الظهور بأفضل مستوى، من خلال توفير أفضل ما يمكن إيجاده سواء من ناحية نوعية الجياد، أو الأجهزة المساندة في المجالات الفنية والطبية والإدارية، وتهيئتنا نحن كفرسان لتقديم أفضل المستويات».

ويتطرق لمشاعر الفريق السعودي قبل البطولة ويبين «نحن عادة لا نبالغ في آمالنا، خاصة في ما نظهره تجاه الرأي العام، وذلك حتى نتلافى ظهور نتائج عكسية، خاصة في رياضة مثل رياضة قفز الحواجز في الفروسية، فالسقوط في حاجز واحد قد يؤثر تأثيرا كبيرا خاصة إذا ما كانت المشاركة في المنافسة الجماعية».

ويواصل «قبل المشاركة في الأولمبياد كانت الرغبة قوية لدي ولدى كل زملائي، من خلال الشوق للمنافسة وتحقيق إنجازات، ولا يخفى أنه واجهتنا ظروف صعبة، كما حدث مثلا مع جواد زميلي الفارس خالد العيد قبل التسجيل بيومين فقط، ومع ذلك فقد تحولت مثل هذه الظروف إلى جانب إيجابي، وهذا بفضل موقف جيد من زميلي خالد العيد نفسه، حيث حرص على أن يشعرنا بأنه مستمر معنا من خلال تشجيعه لنا، وتواصله المستمر كالعادة وأكثر، فانعكست هذه المشاعر علينا جميعا كأعضاء فريق، وبالمناسبة فإن إحدى المميزات لفريق الفروسية السعودي هي روح العمل الجماعي بين أفراده، وهذه بلا شك ميزة مهمة جدا».

ويتطرق الأمير الفارس عبد الله بن متعب إلى الدعم الذي أحاط بهم قائلا «أول من كان يتابعنا وبشكل يومي هو خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وبكل صدق هذا كان أكبر حافز للجميع، وكان الأمير تركي بن عبد الله نجل خادم الحرمين الشريفين معنا أيضا على اتصال وثيق». ويضيف «هنا أورد معلومة عن خادم الحرمين الشريفين، أنه كان يتعامل معنا ويشجعنا بطريقة تؤدي إلى تفجير الطاقات بداخلنا، والسبب في ذلك أنه حفظه الله في الأصل فارس، فكان يتعامل معنا من هذا المنظار، ولذلك كانت توجيهاته لنا تصب في صالحنا، رغم سخونة المنافسات، لكن لكونه فارسا فهو يشعر بنا تماما، ويعرف نفسياتنا وما نحتاج إليه من توجيهات في خضم المنافسات، لتكون النتائج ناجحة ولله الحمد».

ويكشف الأمير عبد الله بن متعب أن «أول المهنئين لنا بعد تسلمنا للميداليات كان خادم الحرمين الشريفين، حيث تواصلت مع والدي الأمير متعب بن عبد الله، لتكون التهنئة الأولى من الملك عبد الله حفظه الله لي ولزملائي». وفي عودة إلى بداياته وكيفية تمكنه من رياضة غير سهلة كرياضة الفروسية يتذكر الأمير عبد الله «فتحت عيني على الفروسية، فقد عشت في بيتنا في حي الملز بمدينة الرياض، وكان منزلنا يحتوي على إسطبلات للخيول، وكان من ضمنها فصيلة (البوني) وهي نوعية صغيرة من الجياد، وكان والدي يدربنا على كيفية أن نمتطيها، في المنزل نفسه».

ويكمل «الجانب الآخر أن مقر سباقات الخيول في الرياض كان لا يفصله عن منزلنا سوى شارع واحد، ولذلك كنت أتوجه بشكل يومي إلى هناك، وبدأت أمتطي الخيل، وبعد فترة طويلة من التدريبات التي كنت أقوم بها تم إنشاء اتحاد الفروسية في تلك الفترة برئاسة الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد رئيس مجلس الأمناء وزير التربية والتعليم الحالي، وكان الأمير فيصل من الأشخاص الذين شجعوا فكرة مشاركتي في منافسات قفز الحواجز، كما شجعني وجود عدد من أقربائي قد سبقوني في رياضة الفروسية أمثال عمي الأمير منصور بن عبد الله بن عبد العزيز، وكذلك أبناء خالتي الأمير محمد بن تركي بن عبد الله بن عبد الرحمن، والأمير نايف بن تركي بن عبد الله بن عبد الرحمن، وبحكم عشقي للخيل، وكذلك وجودي الدائم مع أقربائي، دخلت في هذا المجال».

ويتحدث عن الصعوبات في مشواره «في الفروسية لا تخلو حياة الفارس من الحوادث والإصابات، لكن الله يسلم وله الحمد، وأحيانا قد تدور بعض المشاعر في ذهن الفارس حول هذه الإصابات وخطورتها، لكن بازدياد الخبرة والتشجيع تتلاشى هذه الأمور تماما. وبصدق، ما يحفزني في مجال الفروسية بالإضافة إلى حبي لها هو أنها مهمة تتعلق بتمثيل الوطن، وهذا الشيء يجعلنا نبذل كثيرا من الجهد لتشريف الوطن، وبالنسبة للإنسان عموما فإنه قد ينجح في بعض الحالات في مجال لا يميل إليه، لكن إذا كان الإنسان يحب المجال الذي هو فيه ولديه الرغبة والإخلاص والجهد، فبلا شك سينجح أيما نجاح، والحمد الله أنني أجد نفسي في مجال أحبه كثيرا».

ويشدد الأمير عبد الله بن متعب على أنه لا مجال للمجاملة في رياضة تحتاج لجهد وبذل، وذلك كونه من الأسرة المالكة، فيقول «لم أعامل في توجهي نحو الفروسية أو التدريبات أو المشاركات التي أقوم بها بشيء زائد أو مختلف عن بقية زملائي، أو أميز لكوني أميرا، بل إن الفارس الوحيد الذي يملك حصانا واحدا فقط من بين بقية الفرسان السعوديين هو عبد الله بن متعب بن عبد العزيز، وهذه الخيول تقدم من صندوق الفروسية الحالي الذي أنشأه خادم الحرمين الشريفين، وأتوقع أن مثل ذلك يأتي كإشارة واضحة على عدم تمييزي عن الغير، وبصراحة لم نتعود في مدرسة الملك عبد الله بن عبد العزيز أن نكون متميزين عن غيرنا، بل الجميع سواسية».

ويزيد «بالمناسبة، رياضة قفز الحواجز في الفروسية ليس فيها قط مجال للمجاملة أو التمييز عن الغير، فكل شخص بحسب جهده وعطائه، وعلى مرأى من الجميع، وليس هناك مجال لتغيير النتائج». ويوضح الفارس السعودي أنه لم يجد أي حواجز تمنعه من المشاركة في رياضة الفروسية كونه من الأسرة المالكة، ويقول «لم أدخل إلى عالم هذه الرياضة لكوني أميرا، وفي المقابل لم تكن هناك حواجز تمنعني من المشاركة لهذا السبب، بل على العكس وجدت كل تشجيع من عائلتي، وأتمنى مواصلة النجاح بإذن الله».

وحول علاقته بخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يقول «لا أستطيع أن أشرح علاقتي بوالدي والملك عبد الله، فمهما قلت لن أوفيه حقه، سواء في اهتمامه تجاه عائلته، أو تجاه الناس عموما، وهذا واضح للكثير، فالملك عبد الله هو إنسان بسيط متواضع، وهو كأي أب يعامل أبناءه بحنان وحب وعطف. لكن نحن كأبناء له نجتهد أن نقوم بدورنا تجاهه، وهو ألا نحمله حملا إضافيا، في ظل المهام الجسيمة التي يقوم بها كملك للبلاد ومسؤول عن هذه الرعية، وبالمناسبة وبحكم معاصرتي له فهو لا يشعر بالراحة أبدا عندما يسمع عن موقف محزن لأي من أبنائه المواطنين، بل في كثير من المواقف مصلحة المواطن هي الأهم، وهو يطلب منا أن نقوم بدورنا تجاه إخواننا المواطنين، وبكل صدق وأمانة الجانب الإنساني الكبير الذي أراه في الملك عبد الله لم أشاهد له مثيلا، وبصراحة في داخلي مقولة دائما ما أرددها: من أراد أن ينجح في خدمة بلدنا فليضع الملك عبد الله بن عبد العزيز قدوة له».

ويضيف «رغم مشغولياته الكبيرة فهو يجلس معنا ويستمع إلينا، وكذلك يوجه النصائح، ولا أنسى تواصله الدائم معي منذ الصغر، في مناسبات مختلفة، وقت تخرجي في المدرسة، والجامعة، وكذلك مناسبة زواجي، فهو دائما أول من يقدم لي التهنئة حفظه الله، ويحفزنا للأفضل».

وينتقل ضيفنا للحديث عن والده الأمير متعب بن عبد الله، رئيس الحرس الوطني عضو مجلس الوزراء، فيقول «والدي الأمير متعب بن عبد الله هو امتداد لمدرسة خادم الحرمين الشريفين، فقد تعلمت منه أبجديات الحياة، وكذلك أبجديات الفروسية، ولا أنسى تواصله الدائم معي حتى أثناء منافسات الأولمبياد، فاتصالاته لم تنقطع قبل كل شوط أشارك فيه، أما قبل الخلود للنوم فإن آخر اتصال يجب أن يكون بوالدي ووالدتي، والكلمة التي أجدها من والدي الأمير متعب في كل بطولة أقبل عليها هي جملة: أنا متفائل.. وتفاءلوا بالخير تجدوه».

ويختتم الأمير عبد الله بن متعب حديثه بقوله «الملك عبد الله هو راعي الفروسية، فلولا الله ثم دعمه لما رأينا هذا الاستمرار الناجح للفروسية من سباقات، وجمال الخيل، ومختلف الأنشطة، ووالدي الأمير متعب متعلق بالفروسية، وبالجياد وسباقاتها ومنافساتها، وهذا الجانب فجر الطاقة بداخلي رغم أن رياضة الفروسية على كل حال تحتاج لمجهود كبير جدا بلا شك. والجميل في رياضة الفروسية أنها عرفتني بالناس، من خلال الرسالة التي أقوم بها مع بقية زملائي من خلال تمثيل أنفسنا كفرسان، بالإضافة إلى هدفنا الأول وهو تمثيل وطننا العزيز».