«شتاء الغضب» المصري يظهر تجدد الأمل

يسرد الفيلم قصة ناشط وصحافية وضابط في أمن الدولة

فيلم يحمل رسالة أمل تمثل ابتعادا عن فكر محدد لمخرج أمضى نحو 20 عاما وهو يصور اليأس الذي تسببه الحروب
TT

وقف المخرج المصري إبراهيم البطوط بين الحشود في ميدان التحرير بالقاهرة، عشية الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك العام الماضي.. وكان أول ما فكر فيه هو التصوير. اتصل سريعا بالممثل عمرو واكد، الذي كان من أوائل من أيدوا الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بمبارك، والممثلة فرح يوسف، وخلال ساعات محدودة كان الثلاثة يصورون مشهدا في التحرير يبحث فيه رجل عن صديقته وسط الحشود.

كانت النتيجة هي فيلم «شتاء الغضب»، وهو فيلم يحمل رسالة أمل تمثل ابتعادا عن فكر محدد لمخرج أمضى نحو 20 عاما وهو يصور اليأس الذي تسببه الحروب. وقال البطوط: «في كل ما شهدته لم أر سوى أناس مكسورين.. لم أر سوى أرواح مكسورة.. في ذلك اليوم في التحرير رأيت أناسا يخرجون للحياة مرة أخرى، وكان هذا رائعا». وأضاف: «نظرت في عيونهم وقلت لنفسي كنتم أمواتا قبل 18 يوما. عدتم الآن للحياة مرة أخرى. لم أر هذا في أي مكان آخر».

يسرد الفيلم قصة ناشط وصحافية وضابط في أمن الدولة عام 2009 والطريقة التي يتجمعون بها بعد عامين، خلال الثورة التي اندلعت يوم 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011 ضد مبارك وجهاز أمن الدولة، الذي كان يقابل بقدر كبير من الكراهية.

وفي مقابلة مع «رويترز» قال البطوط وواكد إن الفيلم لا يتناول التطورات السياسية في مصر، ولكنه محاولة لإيصال الطريقة التي يمكن أن تسفر بها آلام إنسانية عن شيء إيجابي. وقال واكد: «إنها رسالة عن قدرة الإنسان على البقاء»، وتظهر واقعية أول مشهد خلفية البطوط؛ فقد وثق أكثر من 12 حربا في أنحاء العالم، بما في ذلك البوسنة ورواندا. ونال جوائز عن فيلمه السابق «عين شمس»، ووصل إلى النهائي في جائزة سوني للأثر الدولي عام 2003، عن فيلمه الوثائقي «المقابر الجماعية في العراق».

والعرض الأول لفيلم «شتاء الغضب» سيكون في مهرجان فينيسيا الدولي يوم 29 أغسطس (آب)، ويتنافس في قسم أريزونتي المخصص للاتجاهات الجديدة في السينما العالمية.

وقام واكد، وهو سفير للنوايا الحسنة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى صندوق الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز، بدور رجل دين أصولي مع نجم هوليوود الأميركي جورج كلوني في فيلم «سيريانا» عام 2005، وشيخ يمني ثري مع إميلي بلانت في فيلم «صيد السلمون في اليمن» عام 2011.

تظهر ملصقات فيلم «شتاء الغضب» واكد الذي يقوم بدور البطولة وهو معصوب العينين ويرقد على أرض خراسانية، ويداه مقيدتان وراء ظهره، وصدره عليه ندوب. والأرض والجدار وراءه عليهما بقع من الدماء.

ويتضح من هذا المشهد الإشارة إلى الاعتقالات والتعذيب للمعارضين السياسيين خلال عهد مبارك. وعندما سئل البطوط عن المكان الذي تدور فيه أحداث الفيلم أجاب: «القاهرة».

وقال واكد الذي كان من بين أول المشاهير الذين دعموا الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بمبارك: «لا نعرف أين كانوا يرسلون من يخطفونهم أصلا». ويستلهم الفيلم اعتقال أمن الدولة شقيق البطوط دون توجيه اتهامات له عام 1996، بعد عودته من البوسنة. وقال: «سجن وعذب وصعق بالكهرباء لمدة 15 يوما، لأننا كنا نغطي أخبار البوسنة معا. أخذوه من المطار. بعد ذلك عانى شقيقي بشدة».

بدأ اهتمام البطوط بالحرب عندما فرت أسرته من مدينة بورسعيد في القاهرة في صيف عام 1967 لدى اندلاع الحرب مع إسرائيل. وقال البطوط: «كنت لاجئا وعمري ثلاث سنوات.. عدت مرة أخرى لبلدتي عندما كان عمري عشر سنوات. كانت صورة الحرب دائما حاضرة في ذهني، وكانت تمثل بالنسبة لي لغزا دائما». وقال إنه أمضى سنوات كثيرة لاحقة سعيا لفهم الحرب وهو يشير فيما يبدو إلى ميلاد الأمل لديه شخصيا مرة أخرى في «شتاء الغضب». وأضاف: «لم يعد التعذيب والقمع أداة للسيطرة ويمكن للإنسان أن ينهض مرة أخرى بعد انكساره».