«سان تروبيه».. درة الشاطئ الفرنسي تتمايل طربا على أنغام الموسيقى الهندية

احتفالية لإحياء ذكرى ضابط جيش نابليون الذي قاد قوات مهراجا البنجاب

فرقة موسيقى شعبية هندية تعزف في المنتجع الفرنسي الأرقى
TT

يطلق الفرنسيون على الصيف القائظ الذي ترتفع فيه درجات الحرارة بشكل غير عادي تسمية «الصيف الهندي». إنه تعبير مجازي يناسب موجة الحر الشديد التي تضرب البلاد حاليا. لكن المصطافين في بلدة «سان تروبيه»، درة منتجعات شواطئ جنوب فرنسا، يعيشون طوال الموسم الجاري صيفا هنديا بالفعل، بمناسبة استضافة البلدية لفعالية ثقافية وسياحية بعنوان «سنة الهند في سان تروبيه».

جاءت الفكرة من قرار البلدية بتكريم ذكرى البطل التاريخي جان فرانسوا آلار، الضابط في جيش نابليون المولود في «سان تروبيه» والذي جرى نفيه إلى الهند، في القرن التاسع عشر. وفي الهند، قُدر للعسكري الفرنسي أن يصبح القائد الأعلى لقوات المهراجا الهندي رانجيت سينغ، ملك البنجاب. إن هناك في مسقط رأسه شارعا يحمل اسمه، يمر به السياح وأبناء الجيل الجديد ولا يعرفون من يكون.

تجري الاحتفالية برعاية من سفارة الهند في باريس، وقد انطلقت في 19 من الشهر الماضي، وتستمر حتى أواخر الخريف، أي مع لملمة آخر المصطافين مناشف السباحة استعدادا للعودة إلى العمل. ولأن الهند موطن أشكال متنوعة من الفنون، فإن الاحتفالية تتضمن عروضا سينمائية من إنتاج «بوليوود» وسهرات موسيقية ومعرضين كبيرين يفتحان أبوابهما للزوار مجانا، أحدهما بعنوان «النساء تغيّرن الهند»، عن الهنديات الحاضرات في كل المهن ممن دفعن بلدهن إلى مصاف الدول المتقدمة. والمعرض الثاني عن الجنود الفرنسيين المنفيين الذين وضعوا خبراتهم في تصرف المهراجات. وقد ألقى المؤرخ جان ماري لافون محاضرة عن أولئك العساكر وعن القرويين الفرنسيين الكثر الذين عملوا في ما كان يسمى «شركات الهند الشرقية» ونقلوا معهم، بعد عودتهم، فنون النسيج الهندي إلى مصانع فرنسا.

من دلهي، جاءت وزيرة السياحة سيليا كوماري لافتتاح «سنة الهند في سان تروبيه»، يصحبها وفد رفيع المستوى، قوبل بحفاوة وأقيمت له مراسم التكريم في القاعة الكبرى لمبنى البلدية، وبحضور العمدة جان بيير توفيري الذي كان سعيدا بأن تحتفي بلدته التي لا يزيد عدد سكانها على عدة آلاف من السكان ببلد يزيد تعداد نفوسه على المليار نسمة. وقلد كبار قضاة البلدة الوزيرة الهندية ميدالية «سان تروبيه» الفضية وكتابا يروي تاريخها، بينما قدمت هي للبلدية لوحة تمثل «شجرة الحياة» من تنفيذ فنانين هنود من ذوي الاحتياجات الخاصة. وفي مناسبة تالية، حضر السفير الهندي راكيش سود لمتابعة احتفاء البلدة الفرنسية بفنون بلاده. وألقى السفير محاضرة عن تاريخ السينما الهندية، تلك الصناعة النشيطة التي نافست في غزارتها ما تنتجه استوديوهات هوليوود الأميركية.

يسير المصطافون في البلدة الصغيرة التي عرفت كيف تكبر بفضل المشاهير من عشاقها الكبار، وبدل أن يتوجهوا إلى المراقص الكثيرة التي تقدم أحدث أنواع الموسيقى الإلكترونية، تستوقفهم فرقة من الشباب الهنود الذين ينفخون في المزامير ويقدمون مقطوعات شرقية راقصة وذات نكهة مختلفة. ويحدث أن تخرج عجوز من نساء البلدة لتتسوق من سوق السمك، فتصادف فرقة عسكرية هندية من فرق موسيقى الجيش تسير في أزقة «سان تروبيه» وأفرادها يتفننون في التلاعب بالعصي، وتنسى العجوز نفسها ويفوتها السمك.

وبالإضافة إلى المعارض والأفلام والعروض الموسيقية ومسرح الدمى، يتضمن البرنامج سهرة هندية خالصة في رحاب قلعة البلدة، حيث ينزل القمر المتوسطي لينافس راقصات الهند الحافيات في فن تحريك الأصابع وهز الرقبة.