«مقطوعة».. تطبيق إلكتروني يدل اللبنانيين على الطرقات غير السالكة

يشمل أماكن حرق الإطارات والاحتجاجات والقتال المسلح ومواقع الازدحامات المرورية

TT

لم يعد من الممكن أن تتفاجأ وأنت تقود سيارتك في لبنان بطريق مقطوع يجبرك على عودة إدراجك من حيث أتيت لأنك لم تتوقع ذلك أو لأنك لم تأخذ علما به بعد الابتكار الجديد «ma2too3a» الذي أطلقه اللبناني محمد طه من خلال الشركة التي يملكها (لاروش سوفت) المتخصصة بمواضيع البرمجة الإلكترونية وهو عبارة عن تطبيق يمكن تحميله على أجهزة «الآي فون» و«الأندرويد» (مثل هواتف السامسونغ) يسمح لك بالتعرف إلى الأماكن التي تحرق فيها الإطارات مثلا أو تنظم عليها المظاهرات أو تشهد زحمة سير خانقة والتي بشكل أو بآخر تتسبب في قطع الطريق الذي تسلكه في جميع المناطق اللبنانية.

فاللبنانيون الذين اعتادوا أن يعرفوا ماذا يحصل ميدانيا على أرضهم من خلال ملحق إخباري يستمعون إليه كخبر عاجل من أي محطة إذاعية أو تلفزيونية وبعد فوات الأوان أحيانا إذ يكونون قد علقوا في منتصف الطريق التي يسلكونها أصبح اليوم بإمكانهم التحكم بمشاويرهم على الطرقات دون التعرض لأي مفاجآت غير مرغوب فيها تسببت بقطع طريق معين مما يضطرهم لتغيير وجهة سيرهم أو مشاريعهم بين لحظة وأخرى.

يعمل تطبيق «ma2too3a» تلقائيا على إعلام المواطن عن الطريق غير السالك من خلال ثلاثة مصادر تسمى في اللغة الإلكترونية (cloud sourcing) اعتمدتها الشركة المبتكرة له ويأتي في مقدمها المعلومات التي يقدمها الأشخاص الذين يتعرفون إلى حصول الحدث مباشرة من خلال إقامتهم أو سلوكهم المناطق التي تتعرض لأي سبب يقطع طريقها إضافة إلى المعلومات التي تتزوّد بها شركة «لاروش سوفت» المبتكرة للتطبيق من قبل أشخاص يتعاونون معها على مدى 24 ساعة متتالية والتي تفيدها عن أي طريق مقطوع من خلال المواقع الإلكترونية الإخبارية المعروفة في لبنان والتي كل منها تمرر الأخبار الميدانية على مدار الدقائق. أما المصدر الثالث الذي من المتوقع أن يتعاون مع شركة «لاروش سوفت» والذي سيحمل الصفة الرسمية في هذا المجال فهو وزارة الداخلية في لبنان ويشمل عدة مراكز تابعة لها كطوارئ السير والإطفائية ومراكز الشرطة وقوى الأمن الداخلي بشكل عام.

كيف ولدت هذه الفكرة بالتحديد ومن يقف وراءها سؤال ردّ عليه محمد طه صاحب هذا الابتكار في حديث لـ«الشرق الأوسط» إذ اعتبره وليد الصدفة وقد راوده بعد لقاء جمعه مع أصدقاء أجانب كانوا يتابعون أخبار زحمة السير على الطرقات اللبنانية عبر المواقع الإلكترونية فارتأى أن الأمر سيكون أسهل فيما لو تم متابعته من خلال أجهزة الجوالات وهكذا ولدت الفكرة لديه. ويتابع: «التطبيق لاقى رواجا كبيرا من قبل اللبنانيين ونحن اليوم نتصدر البرامج الإلكترونية المشابهة من خلال هذا التطبيق الذي التحق به أو حمّله في أقل من أسبوع 191.11 ألف شخص على جهازه الخلوي والذي يمكّنهم من إعطائهم تفاصيل ومعلومات ميدانية مباشرة عن حالات الطرقات المقطوعة على كامل الأراضي اللبنانية والمسافة التي تفصلهم عنها كما يظهر عند انتهاء الحدث وردة حمراء إشارة إلى أن الطريق بات سالكا. «لماذا وردة حمراء؟» يوضح محمد طه: «لأن اشتعال الإطارات أو المظاهرات يحمل طابعا أمنيا أما الوردة فتحمل رمز الحب وكأننا نقول للناس أحبوا بعضكم البعض».

ويشير محمد طه إلى أن التطبيق استغرق حوالي 20 يوما لتحقيقه وأن إجراءات تسجيله رسميا على موقع apple تطلّبت تبادل رسائل إلكترونية بينه وبين الموقع المذكور وأنه يعمل حاليا على تسجيله على موقع غوغل الإلكتروني وإمكانية تحميله على أجهزة «أندرويد».

أما الخطوة المقبلة التي يهتم محمد طه بتحقيقها في الأيام القليلة المقبلة فهي نشر هذا التطبيق خارج لبنان وفي بلدان عربية مجاورة تجري فيها أحداث ميدانية كثيرة إلا أن صعوبة إيجاد أشخاص وهيئات يهتمون بهذه الخطوة هي التي تؤخّر تطبيقها مشيرا إلى أن شركة «لاروش سوفت» سبق وعملت في هذا الإطار في دولة الإمارات العربية التي ابتكر لها تطبيقا خاصا يعلم مواطنيها عن أماكن ازدحام السير على طرقاتها وقد لاقى تجاوبا كبيرا وتصدّر أيضا موقع أبل الإلكتروني (apple store).

والجدير ذكره أن اللبنانيين استعملوا هذا التطبيق يوم استحداثه مباشرة إذ تم إقفال طرقات كورنيش المزرعة والرينغ بالعوائق والإطارات المشتعلة احتجاجا على انقطاع التيار الكهربائي في تلك المناطق.

وبذلك استغنى اللبنانيون عن شاشات التلفزة أو المحطات الإذاعية التي كانت السباقة في إعلامهم عن حالات الطرقات المقطوعة في لبنان بعد أن لجأوا إلى تطبيق ma2too3a وعلق أحد اللبنانيين الذين عايشوا بدايات الحرب في لبنان بالقول: «يعني في الماضي وإبان اندلاع الأحداث اللبنانية في السبعينات كان لدينا تطبيق من نوع آخر يعلمنا بأحوال الطرقات المقطوعة في لبنان إذ كان يطل علينا يومها عبر إذاعة لبنان الرسمية فقط المذيع الراحل شريف الاخوي بصوته المميز بعبارته المشهورة (الطريق سالكة وآمنة) فالتصقت بمسيرته الإعلامية حتى رحيله أما اليوم فالزمن الإلكتروني حولنا إلى طريق جديد لم نكن نحلم يوما أننا سنعاصره بفضل تفوق شبابنا».