المتسولون «المغتربون» مصدر إزعاج في كشمير

السكان المحليون نظموا مظاهرات يطالبون فيها إدارة الولاية باتخاذ إجراءات رادعة

لمعظم المتسولين وكلاء يأتون بهم كل عام من دلهي بالشاحنة إلى كشمير قبل بضعة أيام من شهر رمضان ويأخذون 40% من الأموال التي يجنونها وبعد العيد يقومون بترحيلهم (أ.ب)
TT

لقد تحولت كشمير إلى مركز للتسول في شهر رمضان المعظم من خلال مشهد المتسولين القادمين من ولايات راجستان وماهاراشترا وبيهار أوتار براديش وغيرها من الأماكن الأخرى.

وعادة ما يملأ هؤلاء المتسولون «المغتربون»، الذين تقدر أعدادهم بالآلاف، المساجد حول المدينة خلال أوقات الصلاة، حيث يستغل معظمهم الروح الدينية والمشاعر الخيرة في جني المال بسهولة. علاوة على ذلك، فإنهم يتجهون أيضا إلى مناطق أخرى، من بينها إشارات المرور والمستشفيات والمتاجر ومراكز التسوق، بل وحتى المناطق السكنية.

لقد أصبح خطر التسول مصدر إزعاج شديد إلى حد أن السكان المحليين قد نظموا مظاهرات يطالبون فيها إدارة الولاية باتخاذ إجراء رادع ضد هؤلاء المتسولين.

ربما لا يتبع أي شخص إشارات المرور التي تم تركيبها حديثا في سريناغار بالدرجة نفسها لتصميم زليخة، 10 سنوات، وأخيها لقمان، 8 سنوات، اللذين يكسبان أكثر من 200 روبية يوميا أثناء شهر رمضان في صورة صدقات. تقول زليخة: «نحن ننتمي إلى بيهار. وشعب كشمير طيب القلب وثري، ومن ثم يمنحنا الصدقات عن طيب خاطر في شهر رمضان الفضيل».

وهؤلاء المتسولون، لا سيما الصبية والفتيات الصغار، لا يتورعون عن جذبك من ملابسك ورجليك لطلب المال منك.

ومن خلال إظهارهم حاجتهم وفقرهم المدقع وقلة حيلتهم، يطلبون المساعدات وينطقون بصوتهم الخافت اسم الرسول صلى الله عليه وسلم، وبعضهم يحمل لافتات أو رسائل قصيرة يقدمونها لكل شخص يطلبون منه المساعدة.

ومعظم أهالي كشمير يجدون أن من الصعوبة بمكان عدم الاستسلام لاستجداءات المتسولين، خاصة الأطفال، في هذه الولاية، التي أودى فيها العنف بحياة آلاف الشباب خلال العقدين الماضيين.

«ليحمي الله أطفالك من الأذى؛ ليحقق الله الأحلام التي تتمناها لأطفالك»؛ تلك أمثلة لبعض التوسلات التي ينطق بها المتسولون الأطفال عند دنوهم من سكان كشمير.

يقول محمد رمضان، 56 عاما، وهو أحد سكان وسط مدينة سريناغار: «في أرض مضطربة تسودها حالة من الشك التام، لا يمكن لأحد تجاهل تلك الاستجداءات وتحمل لعنات المتسولين التي تصب عليهم».

السكان المحليون يمنحون المال والملابس، بل وحتى الطعام، للمتسولين من الأطفال، لنيل بركات الخالق.

وقالت شيلا، وهي متسولة من راجستان غيرت اسمها إلى شاكيلا، التي تأتي إلى كشمير منذ عدة سنوات خلال شهر رمضان، إنها قد وجدته مكانا أفضل لجمع المال أثناء هذا الشهر.

تزور شيلا وزوجها وثلاثة من أطفالهما الوادي في رمضان من كل عام. تقول شيلا: «نحن أفراد الأسرة الخمسة نكسب مبلغا يتراوح بين 800 وألف روبية يوميا هنا. والناس هنا أكثر إنسانية من أي مكان آخر في الهند. اعتدت التسول في دلهي، لكني كنت أحصل على مبلغ يتراوح بين 100 إلى 150 روبية يوميا. إن كشمير أشبه بجنة بالنسبة للفقراء أمثالنا»، هذا ما قالته شيلا.

كذلك، لديهم وكلاء يأتون بهم كل عام من دلهي بالشاحنة إلى كشمير قبل بضعة أيام من شهر رمضان، ويأخذون نسبة 40 في المائة من الأموال التي يجنونها، وبعد العيد، يقومون بترحيلهم ومعهم القدر الكافي من الأموال، وهو الأمر يكون مستحيلا بالنسبة لهم في ولايتهم الأم.

«نحن نمنح نسبة 30 في المائة مما نكسبه. إن التسول أفضل هنا منه في أي مدينة هندية أخرى. الطقس هنا رائع، والأمر لا يحتاج منا قدرا كبيرا من الوقت لكسب مبلغ جيد من المال. ونحن نعود أدراجنا بعد العيد. ويقدم لنا الوكيل المال ويقلنا مرة أخرى إلى دلهي»، هذا ما كشفه جالان خان من ولاية بيهار الواقعة شرقي الهند، الذي يقوم بالتسول في كشمير.

بينما يدفع للعاملين في الهند الريفية أجرا يوميا قيمته 110 روبيات بموجب برنامج ضمانات التوظيف الريفي الوطني الخاص بالمهاتما غاندي، وهذا أيضا لمدة 100 يوم فقط سنويا، يعتقد أن المتسول في سريناغار يكسب نحو 200 إلى 300 روبية يوميا مقابل الأيام التي يأمل أن «يعمل» فيها.

يقول نزار أحمد شاه، وهو طبيب محلي: «التسول لا يتطلب قدرا كبيرا من الجهد البدني. كل ما يقوم به المتسولون هو الاستجداء وإثارة المشاعر النبيلة لدى الناس. يصبح هذا سهلا جدا في رمضان، حينما يمضي الناس معظم وقتهم في الصلاة والتكفير عن ذنوبهم».

ينص قانون منع التسول في جامو وكشمير لعام 1960 على التالي: «أي متسول، يتظاهر بأي نوع من الألم أو الجرح أو التشوه أو المرض لكسب المال، يمثل انتهاكا مدركا ويحق لأي ضابط شرطة بموجب البند الرابع من القانون إلقاء القبض عليه من دون أي إنذار قضائي، وتتم معاقبته على انتهاكه ويحكم عليه بالسجن لمدة تتراوح بين عام وثلاثة أعوام بموجب محاكمة جزائية».

يقول الناشط البارز بشير أحمد بشير، الذي طالب بمنع التسول في الدولة، إنه صادف عددا كبيرا من المتسولين. وقال بشير: «التسول من الجرائم المنصوص عليها، وأي ضابط شرطة يمكنه بموجب الفقرة الرابعة القبض على المتسول دون أي تصريح، وهذه الجريمة يعاقب عليها القانون من عام إلى ثلاثة أعوام بمحاكمة قصيرة». وتساءل: «إذا أمكن اعتقال أي شخص لحماية النظام السياسي، فلماذا لا يمكن اعتقال هؤلاء المتسولين لحماية النظام الاجتماعي؟».

ونظم المواطنون الكشميريون مظاهرات احتجاجية ضد المتسولين الذين جعلوا حياة السكان المحليين مستحيلة. وردد المتظاهرون الذين سدوا طريق المطار قبل يومين: «دعوا الحكومة تقرر إما نحن أو المتسولون».

وقال المتظاهرون إن أعداد المتسولين تزداد كل يوم، مشيرين إلى أنهم جعلوا حركة الأفراد في الشوارع بالغة الصعوبة.

وقال المتظاهرون: «هؤلاء المتسولون لا يتركونك حتى تعطيهم بعض المال، لكنهم يعودون إليك مرة أخرى».

وقال السيد غلام نابي، مدير مدرسة متقاعد، 69 عاما: «قبل يومين رفضت منح مستول المال قائلا ليس معي فكة، فسألني كم تريد فكة. قلت له ألف روبية، قال لي إن معه فكة».

وتقول المتسولة البالغة من العمر 15 عاما، والتي دعت نفسها آنجالي من أوتار براديش إن الكشميريين يملكون الكثير من المال، وإن ذلك السبب وراء حضورها إلى كشمير مع عائلتها.

وتقول آنجالي، التي تتجول في ضاحية لامبرت لاين، مضيفة أنه لا يوجد كثير من المتسولين في كشمير: «في ولايتهم، يعطيهم الأفراد خمسين بيسة، أو بالكاد روبية، لكن الجميع هنا يعطوننا روبيتين إلى 5 روبيات، مما يعني أن الكشميريين يملكون الكثير من المال».

المثير للسخرية، أن غالبية المستولين الأطفال الذين يحضرون إلى هنا مع آبائهم مسجلون على أنهم سائحون، حيث يعتبرون تقنيا زوارا لكشمير. ويتركون الوادي مع سقوط الثلوج كل عام.

ويرى الكشميريون أن هذا النوع من التماس الصدقات غطاء لأنشطة تافهة، وقالوا إن الجريمة والأمراض والشرور الاجتماعية تنتشر في المناطق الحضرية والريفية من كشمير نتيجة هذا التدفق غير المنضبط.