مهرجان القاهرة السينمائي يعود للأضواء بعد إلغائه العام الماضي

انتقادات لعملية إدارته ومفاضلة بين «أبو عوف» و«حسين فهمي» لرئاسته

ملصق المهرجان
TT

بعد مخاوف من سحب الصفة الدولية عنه، وتهديدات بإلغائه للعام الثاني على التوالي نظرا لعدم استقرار الأوضاع السياسية في مصر، أعلن وزير الثقافة المصري الدكتور محمد صابر عرب عن تدخل الوزارة لإنقاذ مهرجان القاهرة السينمائي الدولي من مشكلة قانونية كادت تلغيه هذا العام.

وقال الوزير في بيان صحافي أمس، تلقت «الشرق الأوسط » نسخة منه، إنه طلب من إدارة المهرجان والأطراف المعنية بإقامته أن تتضافر جهودها لإنجاح المهرجان في دورته المقبلة الخامسة والثلاثين التي تحل في نهاية هذا العام، وإبعاد المصالح الخاصة الضيقة، والنظر إلى الموضوع باعتباره مصلحة وطنية عليا، بعيدا عن المصالح الشخصية التي يتمسك بها البعض.

وأكد وزير الثقافة أن الوزارة عازمة على إقامة المهرجان في موعده والتعاون مع كل شخص أو جمعية يمكن أن تخدم إنجاح المهرجان، متمنيا من كل قلبه أن يثبتوا قريبا أنهم يعملون من أجل بقاء المهرجان على قيد الحياة، والاتفاق على أن مصلحة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي هي الأهم والخروج بالمهرجان إلى بر الأمان.

ومن جهته، أكد منيب الشافعي، رئيس غرفة صناعة السينما المصرية، في تصريحات صحافية، أن مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الحالية، يواجه أزمة شديدة تتمثل في تخوفات بسحب صفة الدولية من المهرجان، بسبب حالة عدم الاستقرار في مصر، ولكون المهرجان تأجل العام الماضي.

وحذر الشافعي من أنه «إذا لم يتم إقامة المهرجان هذا العام فسوف يتم سحب صفة الدولية منه ونزوله من القائمة (أ) إلى القائمة (ب)، أي من الدولية إلى المحلية. وهو ما نحاول تفاديه للحفاظ على مكانة المهرجان الذي استمر طيلة 34 عاما، وحقق خلال دوراته تلك نجاحات كثيرة، واستطاع أن يستقطب من خلالها الكثيرين من نجوم العالم في أوروبا وأميركا».

وأكد الشافعي أن إدارة المهرجان تعكف حاليا على اختيار رئيس له من بين الفنانين عزت أبو عوف وحسين فهمي، خاصة أنهما سبق أن توليا هذا المنصب وهما أكثر دراية بالعلاقات مع الفنانين الغربيين، كما أن لديهم خبرة التعامل في المهرجان.

وحول صعوبة اختيار الأفلام المرشحة للعرض من دول العالم خلال فترة الشهرين المتبقيين، أوضح الشافعي أن إدارة المهرجان تواصل عملها منذ عدة أشهر لاختيار هذه الأفلام، لافتا إلى أن هناك بعض القضايا التي وقعت وكان لها تأثير على عملية الاختيار، منها صدور حكم محكمة القضاء الإداري بوقف قرار وزير الثقافة القاضي بمنح تنظيم مهرجان القاهرة السينمائي الدولي لـ«جمعية مهرجان القاهرة» مع إلزام وزارة الثقافة بإعادة الإعلان عن إسناد إدارة المهرجان بين واحدة من إحدى الجمعيات المتخصصة، شريطة أن تكون المؤسسة أو الجمعية المتقدمة غير مرتبطة بتنظيم أي مهرجان آخر.

وأكد الشافعي قائلا: «سنبذل قصارى جهدنا لإقامة المهرجان في موعده المقرر بداية من 27 نوفمبر (تشرين الثاني) إلى 6 ديسمبر (كانون أول) المقبلين، تجنبا لسحب صفة الدولية لأن سحبها سيكون بمثابة الطامة الكبرى على رأس المهرجان».

على الصعيد نفسه، تجددت الانتقادات في الوسط السينمائي المصري من عدم تخلص المهرجان من عقدة «التحالفات»، وذلك بعد إعلان وزارة الثقافة تمسكها بتنظيم الدورة المقبلة للمهرجان، وأن تتولى عملية إدارته «جمعية كتاب ونقاد السينما» التي يترأسها الكاتب السينارست ممدوح الليثي، وليس لـ«جمعية مهرجان القاهرة» التي يترأسها الناقد يوسف شريف رزق الله، بعد أن ظل قرابة العام في عمل متواصل واتفاق على تفاصيل الدورة المقبلة من المهرجان، حتى يخرج بصورة حضارية لائقة بوضع مصر وتاريخها الفني. بينما أكد المخرج مجدي أحمد أن إسناد إدارة المهرجان لـ«جمعية نقاد السينما» خلال الدورات القادمة، يكشف عن عملية ابتزاز تخضع لها وزارة الثقافة من قبل ممدوح الليثي.

وأشار الكاتب السينمائي محمد العدل إلى أن هناك تحالفات شخصية بين عدد من الأطراف للاستحواذ على إدارة المهرجان، دون مراعاة إظهاره بشكل يليق بتاريخ مصر الفني.

وأعلنت الناقدة ماجدة واصف رفضها لما سمته «الهيمنة على مقدرات مهرجان القاهرة السينمائي»، مؤكدة أن «جمعية مهرجان القاهرة» برئاسة يوسف رزق الله أرسلت مذكرة لوزارة الثقافة تتضمن موقف الجمعية من إقامة المهرجان ولم ترد الوزارة حتى الآن.

وأضافت واصف: «ما يتم ممارسته الآن في التلاعب بإدارة المهرجان يدلل على أن ثورة يناير لم تغير شيئا، لأن هناك جهات بعينها تريد الاستفادة من وراء استحواذها على المهرجان، رغم أن هناك جيلا سينمائيا لديه كفاءات ومهارات عالية يستطيع إخراج المهرجان في أفضل صورة».

وردا على هذه الانتقادات، قال السينارست ممدوح الليثي، رئيس «جمعية كتاب ونقاد السينما»: « أنا لن أتدخل والقانون سيأخذ مجراه، ووزارة الثقافة تعاملت بكل حيادية وشفافية في تلك المسألة بإعلانها عن إدارة المهرجان الدورة المقبلة، وهناك من يريد أن يجامل البعض على حساب شرف مهرجان القاهرة السينمائي».

وكانت لجنة السينما بالمجلس الأعلى للثقافة، أصدرت بيانا بشأن ما وصفته بالعمليات المشبوهة للاستيلاء على مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وأعربت فيه عن استنكارها للمؤامرة الدنيئة التي يهدف أصحابها لتحقيق مصالحهم الصغيرة على حساب الوطن، بسبب محاولاتهم السيطرة على إدارة المهرجان.

يشار إلى أن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي انطلق إلى النور في عام 1976 برعاية «الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما» برئاسة الكاتب الصحافي الراحل كمال الملاخ، ورأس دوراته الأولى الكاتب المسرحي سعد الدين وهبة، ثم تعاقب على رئاسته الفنان حسين فهمي، والكاتب شريف الشوباشي، والفنان عزت أبو عوف.. ويحتل مهرجان القاهرة مكانة مهمة في أجندة المهرجانات السينمائية العالمية، ويمنح عددا من الجوائز لأفضل الأفلام المتميزة، في التمثيل والإنتاج والإخراج، والسيناريو. وتضم مسابقاته السينمائية عدة أقسام، من أبرزها قسم المسابقات الرسمية للمهرجان، ويتضمن الأفلام الدولية الطويلة، وقسم مسابقة الأفلام العربية الطويلة، وقسم سينما العالم، وهو خارج المسابقة وتعرض فيه مجموعة منتقاة من أهم الأفلام العالمية التي تم إنتاجها على مدار العام الماضي.

ويكرم المهرجان في دورته سنويا عددا من رموز الفن السابع من أصحاب البصمة المتميزة في تاريخ السينما، من مصر والعالم.