المعرض الدولي للصيد والفروسية يتحول إلى مظاهرة عالمية كبرى

رايات 40 دولة تخفق في سماء أبوظبي ممثلة بـ630 عارضا وشركة

بفضل المعرض الدولي للصيد والفروسية استطاعت الإمارات أن تسجل الصقارة كتراث عالمي («الشرق الأوسط»)
TT

استطاع المعرض الدولي للصيد والفروسية في دورته العاشرة، والذي افتتح أبوابه أمس (من 5 إلى 8 سبتمبر/ أيلول) الحالي في أبوظبي، بتنظيم من نادي صقاري الإمارات، في مركز أبوظبي للمعارض، أن يتحول إلى مظاهرة عالمية كبرى تجتذب الزوار من أنحاء العالم وتخدم الصقارة في جميع ميادينها. وتسعى هذه المظاهرة النادرة من نوعها في العالم العربي إلى الحفاظ على رياضة الآباء والأجداد العريقة، بل وبعثها في حاضر الأجيال، فهو الحدث المتخصص الوحيد الذي يقام على مستوى العالم خارج القارة الأوروبية.

وتأتي الدورة العاشرة من هذا المعرض على أعقاب النجاح الكبير لمهرجان «الصداقة الدولي الثاني للبيزرة» والذي أقيم في ديسمبر (كانون الأول) الماضي 2011 بمدينة العين بمشاركة 80 دولة. ويحظى الحدث بدعم ورعاية من هيئات محلية وإقليمية ودولية في آن واحد، منها: هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، ومهرجان الشيخ منصور بن زايد آل نهيان للخيول العربية، والمؤتمر العالمي الرابع لسباقات الخيول العربية «فرنسا 2013»، ومزرعة الوثبة ستود، ومجلس أبوظبي الرياضي، وشركة أبوظبي للاستثمار، وقسم أسلحة الصيد في المعرض، الشركة الرائدة «توازن».

رئيس اللجنة العليا المنظمة للمعرض محمد خلف المزروعي، مستشار الثقافة والتراث في ديوان ولي عهد أبوظبي، عضو مجلس إدارة نادي صقاري الإمارات، قال لـ«الشرق الأوسط»: «نحتفي للعام العاشر على التوالي بأجمل مهرجان عرفه جمهور الصيد والفروسية، حيث تخفق رايات 40 دولة في سماء أبوظبي، ممثلة بـ630 عارضا وشركة، وتلتقي حضارات من مختلف قارات العالم، ضمن مجموعة من الفعاليات التراثية والسياحية والاقتصادية التي ترتقي باسم العاصمة الإماراتية عاليا كراعية للثقافة والصيد المستديم، وكمركز تجاري له مكانته المرموقة على الخريطة الدولية».

الآلاف من هواة الصيد والفروسية بدأوا يتوافدون على أبوظبي لزيارة معرضها الدولي المتخصص الذي باتوا يترقبونه سنويا، وبات موعده يعلن عن بدء موسم المقناص. فقد انطلق المعرض في دورته الأولى عام 2003، حيث دشنها المرحوم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وأمر بأن يكون المعرض على مستوى عالمي، وينطلق من أبوظبي مرة كل عام. أما راعي الحدث فهو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في المنطقة الغربية، رئيس نادي صقاري الإمارات، الذي يسعى لإظهار المعرض في أفضل مستوياته وأرقاها. وقد صنفت مؤسسات بحثية وأكاديمية دولية هذا المعرض كأحد أهم المعارض العالمية المتخصصة في مجال هوايات الفروسية والصيد بمختلف أنواعه، وحقق نجاحا باهرا بشكل فاق كل التوقعات.

وتفوق مساحة المعرض هذا العام الـ38 ألف متر مربع، وهي المساحة الأكبر في تاريخ المعرض، وتضاعفت عدد الشركات بأكثر من 15 مرة مقارنة مع الدورة الأولى التي شارك فيها 40 شركة فقط، وذلك بفضل الخطط الترويجية والتسويقية والإعلامية. وتنتشر في أروقة المعرض كل ما يمكن أن يخطر على البال من معدات الصيد والفروسية التي تم إنتاجها في العالم، مع جميع فنون الصيد ومهاراته منذ بدء التاريخ وحتى الوقت الحاضر. لذلك يؤمه الصقارون، ومحبو الصيد والفروسية من جميع أنحاء العالم.

وبفضل هذا المعرض، استطاعت الإمارات أن تسجل الصقارة كتراث عالمي، باعتبارها أول دولة في العالم سعت لذلك، وقادت جهود 12 دولة عربية وأجنبية لإعداد الملـف الدولي للصقارة على مدى أكثر من 5 سنوات، بجهود كل من هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة ونادي صقاري الإمارات، إلى أن تكللـت تلك الجهود بالإعلان رسميا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2010 عن إدراج الصقارة في قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية في منظمة اليونيسكو.

وقد نظمت الإمارات الكثير من الندوات وورش العمل عن هذه الرياضة العريقة بما أسهم في التعريف بالمخاطر التي تهدد رياضة الصيد بالصقور ومواردها الطبيعية، وفي وضع وإعداد استراتيجيات وخطط للحفاظ على الصقور والحبارى. كما أعلنت اللجنة العليا المنظمة للمعرض عن مسابقات إذاعية تراثية ثقافية للجمهور، وذلك عبر كل من إذاعة «إمارات إف إم»، «الخليجية»، «الرابعة»، و«راديو 2».

الجوائز مقدمة من العارضين المشاركين، وهي عبارة عن منتجات ذات جودة عالية تقدمها بعض شركات الصقارة والسفاري وشركات تصنيع أسلحة الصيد ومعداته، فضلا عن أقامات فندقية مميزة تشمل ممارسة بعض الرياضات التراثية. وكذلك أطلقت اللجنة المنظمة مسابقة خاصة على صفحة معرض الصيد على «فيس بوك» مع الكثير من الجوائز العينية القيمة، حيث يتم دخول الزوار للصفحة والإجابة عن الأسئلة المطروحة وتعبئة نموذج الاشتراك، وزيارة المعرض لتأكيد دخولهم المسابقة، على أن يتم إعلان النتائج بعد نهاية المعرض.

وتشارك وزارة البيئة والمياه في المعرض، وتقدم مجموعة من الخدمات أبرزها إصدار تصاريح استيراد وتصدير، وإعادة تصدير الحيوانات والنباتات، إضافة إلى إرشاد الجمهور بالخدمات التي تقدمها والقوانين والقرارات التنظيمية، ضمن اتفاقية سايتس (للحيوانات)، مثل الحبارى الحية والمحنطة والجلود وتذكارات الصيد، وإصدار شهادات استيراد للطيور، أو الحيوانات، أو مشتقاتها التي تندرج بقوائم الاتفاقية.

وتركز على ضرورة أن تكون الصقور المعروضة من مراكز إكثار ومعرفة بحلقات تعريفية، وأيضا التأكيد على العارضين في حال بيع الصقور بضرورة إعطاء نسخة من شهادة تفريخ الصقر إذا كان منشأة دولة الإمارات، أو شهادة تصدير الصقر من البلد الأصلي إلى المالك الجديد. كما تشارك هيئة البيئة والمحميات الطبيعة بالشارقة في المعرض أيضا من خلال مجموعة من صور الفعاليات البيئية التي شاركت فيها طوال الأعوام الماضية بما فيها صور فعاليات حملات التوعية البيئية لمرتادي المناطق البرية والأفلام الوثائقية من إنتاج مؤسسة الشارقة للإعلام (تلفزيون الشارقة) والتي تتناول المحميات الطبيعية التابعة لإمارة الشارقة وما تحتويه من حيوانات وأشجار ونباتات نادرة وأنظمتها البيولوجية المتنوعة.

ويحظى المعرض بمشاركة دولية واسعة من المنظمات والمؤسسات المعنية بالترويج لرياضات الصيد والحفاظ على الأنواع وصون البيئة. وقال عبد الله القبيسي، مدير المعرض الدولي للصيد والفروسية لـ«الشرق الأوسط»: «إن المعرض يستقطب في دورته الجديدة عارضين جددا في مجال السياحة التراثية والمتعلقة برحلات الصيد البري فضلا عن مشاركة واسعة في القطاع البحري من شركات إماراتية وأجنبية إضافة لشركات مختصة في تصنيع التكنولوجيا الخاصة بالصيد بمختلف أنواعه». وتشارك جمعية مستشاري الحياة البرية الدوليين والرابطة العالمية للصقارة والمجلس العالمي للحفاظ على الصيد والحياة البرية اللتان تعملان على إكثار صقور الجير والشاهين والصقر الحر بالإضافة إلى الصقور النيوزيلندية لكافة الصقارين حول العالم كما تأخذ على عاتقها تثقيف وتدريب الصقارين والمختصين وتعليمهم عن بعد عبر سلسلة من الأفلام الخاصة بإدارة الطيور الجارحة. وتتولى الجمعية وبالتعاون مع هيئة البيئة بأبوظبي إدارة برامج للبحوث حول الجوانب الوراثية للصقور وهجراتها وأعدادها وبيئاتها في روسيا وكازاخستان ومنغوليا والصين وأوروبا.. وتوفر التمويل والتدريب لعلماء الأحياء وجماعات الحفاظ على البيئة في البلدان النامية ويعتبر المشروع الأكبر الذي تنفذه في مجال الحفاظ على البيئة هو مشروع للأعشاش الصناعية للصقور الحرة ينتج أكثر من 1000 صقر بري سنويا. ويشمل عمل الجمعية أيضا مشروع التسلسل الوراثي للصقر الحر وصقر الشاهين وبرنامج الأعشاش الصناعية للصقور الحرة في منغوليا وإعادة الصقور الحرة إلى الطبيعة في بلغاريا وهجرة صقور الشاهين ودراسات حول أعدادها في أوراسيا.

وأخيرا يمثل المعرض الدولي للصيد والفروسية في أبوظبي فرصة ثمينة للتركيز على الحرف والصناعات الشعبية، خصوصا من خلال جناح هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، وذلك بهدف الحفاظ على تراث إمارة أبوظبي الثقافي من الضياع والاندثار.