معركة أحذية نسائية ونعال حمراء بين مصممين فرنسيين في نيويورك

محكمة الاستئناف تحكم لصالح «لوبوتان» ضد «سان لوران»

كريستيان لوبوتان
TT

أعرب مصمم الأحذية الفرنسي كريستيان لوبوتان، في بيان صدر في باريس أمس، عن بالغ سروره للحكم الذي أصدرته محكمة الاستئناف في نيويورك وأقرت له فيه بالحق في تسجيل الأرضيات الحمراء لأحذيته النسائية ذات الكعب العالي على أنه علامة تجارية خاصة به. وكان لوبوتان قد أقام الدعوى ضد شركة «إيف سان لوران» متهما مصمميها بتقليد اللون الأحمر الذي ابتكره لنعال أحذيته.

واشتهرت الأحذية ذات الكعوب الرفيعة والنعال الجلدية الحمراء بين النساء منذ أن ارتدتها باقة من شهيرات نساء العالم؛ وأولاهن كارلا بروني، زوجة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، عندما رافقته في زيارة رسمية إلى إسبانيا، في ربيع 2009. وقد تركزت كاميرات المصورين على حذاء كارلا وهي تصعد، برفقة الأميرة ليتيزيا زوجة ولي العهد الأمير فيليب، الأدراج الخارجية للقصر الملكي في مدريد. وكتبت إحدى الصحف الباريسية، يومذاك، أن حذاء كارلا سرق الأضواء من المناسبة كلها. ثم انتشر الحذاء ذو النعل الأحمر بين نجمات السينما وعارضات الأزياء والمرفهات من النساء، ذلك أن ثمنه يتألف من عدة أصفار.

في العام الماضي، لجأ لوبوتان إلى المحكمة الفيدرالية في مانهاتن مشتكيا ضد «سان لوران» الذي كان قد أطلق مجموعة «كروازيير» للأحذية ذات النعال الحمراء.. وطالب بتعويض قدره مليون دولار، لكن الحكم الابتدائي صدر في غير صالحه، حيث اعتبر القاضي أن مصمم الأحذية الفرنسي لا يمكنه منع أهل المهنة من صبغ النعال باللون الذي يريدون، كالأحمر مثلا، ما دامت الألوان تدخل في صلب الإبداع الفني والجمالي وتتناسب معه. ورفض القاضي منح المدعي حق تسجيل لون النعل باسمه رغم أنه اشتهر به في عالم الأحذية. لكن لوبوتان استأنف الحكم ضد علامة «سان لوران» التابعة، بعد رحيل صاحبها، لمجموعة صناعية كبرى متعددة الجنسيات، يملك الصناعي الفرنسي فرانسوا بينو أغلب أسهمها.

جاء في حيثيات الحكم الجديد أن لون أحد مكملات الزينة قابل للتسجيل على أنه علامة تجارية خاصة بصاحبها ما دام لم يسبقه أحد إليه. وكان لوبوتان قد عمد إلى تسجيل هذه العلامة تحت اسم «ريد سول»، أو النعل الأحمر. لكن الحكم منح لوبوتان الحق في الحماية التجارية لصناعة أحذية ملونة ذات نعل أحمر مغاير للونها. وبهذا، فإن القائمين على الشركة المنافسة أخبروا وكالة الصحافة الفرنسية أنهم، وتبعا لمنطوق الحكم، قادرون على تسويق أحذية حمراء بنعال حمراء.

لوبوتان (48 عاما) الرجل الخلاسي المولود في مقاطعة برتاني، غرب فرنسا، عمل في بدايات شبابه متدربا لدى شارل جوردان، صانع الأحذية الراقية ومبتكر الكعب الرفيع العالي. كما تعاون مع «شانيل» و«لوفيفييه» و«ديور» وكان يحلم بأن تكون له علامته التجارية التي تحمل اسمه. لقد هجر المدرسة في باريس منذ سن السادسة عشرة وراح يحاول صنع أحذية جلدية تصلح للرقص. وقد حصل على دورة تدريبية في مسرح «فولي بيرجير» وحاول بيع تصاميمه للراقصات اللاتي وصفهن بأنهن عصافير تقفز في الفضاء بـ«أجسام رشيقة وثياب من ريش وكعوب عالية».

كان تعاونه مع أستاذه روجيه لوفيفييه ذا تأثير كبير عليه، فقد توقف عن العمل لمدة 6 أشهر وساعد لوفيفييه في التحضير للمعرض المكرس له في متحف الموضة في باريس. وخلال ذلك كان قد جرب مهنا فنية أخرى، وظهر في فيلم سينمائي مع النجمة آرييل دومبال، كما تخصص في تصميم الحدائق والفضاءات المفتوحة، وكان يبحث دائما عن التضاد بين ما هو معتم وما هو مضيء. وفي عام 1991 أطلق شركته الخاصة للأحذية بالتعاون مع عدد من أصدقاء الطفولة، وفتح أول متجر له في باريس في شارع «جان جاك روسو». وفي العام التالي فتح فرعين آخرين. لقد بدأ يلفت الأنظار حتى إن الصحافية الشهيرة آنا وينتور، رئيسة تحرير مجلة «فوغ»، نشرت موضوعين عنه في عام واحد. ومع أواسط تسعينات القرن الماضي كانت فروع متاجره قد وصلت إلى نيويورك. كما راحت تصاميمه من الأحذية تظهر في عروض أزياء «جان بول غوتييه» و«أزارو» و«جيفنشي» و«كلوي». وكان من أبرز تلك العروض واحد أقيم في «مركز جورج بومبيدو الثقافي» في باريس لأزياء «سان لوران» وفيه قرن المصمم الفرنسي الكبير اسمه باسم المصمم الفرنسي في علامة تجارية مشتركة، وكانت سابقة لم تتكرر.

في السنوات الثلاث الأخيرة، امتلأت الأسواق بالأحذية النسائية العالية الكعب ذوات النعال الحمراء والمقلدة في شرق آسيا. وصار في مقدور فتيات العالم السير متباهيات بحذاء كان متاحا لكارلا بروني وفيكتوريا بيكام وكيت موس. لكن العارفين يؤكدون أن النعال الجلدية غير عملية لأنها تسبب الانزلاق وتحتاج لتجديد اللون بين فترة وأخرى. أما لوبوتان فقد أدرك أن دعواه لن تلقى أذنا صاغية في فرنسا نظرا لأن القانون لم يكن يقبل احتكار الألوان الشائعة والمعروفة لصالح شركة بعينها. كما أن اللون الأحمر يتألف من عدة درجات، فأيها هو لون لوبوتان المحمي تجاريا؟ إنه ما يسمى «الأحمر الصيني» أي الفاقع الذي ترصد العين صاحبته وهي تسير، من دون الحاجة لأن ترفع قدمها أو تجلس واضعة الساق على الساق. وحسب الروايات، فإنه توصل إلى هذه الفكرة عندما عمدت مساعدة تعمل معه إلى صبغ نعل أسود بطلاء الأظافر الأحمر اللامع الخاص بها.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن لوبوتان كان قد طرح حذاء عالي الكعب ذا نعل أصفر اللون، وذلك بمناسبة مئوية متجر «سيلفريدجز» الشهير في لندن. وبعد استخدمت شركة «سيزار باتشيوتي» اللون نفسه في عدد من تصاميمها. فهل سيلاحق مصمم الأحذية الفرنسي كل مصممي العالم أمام المحاكم؟