حلم أردوغان الكبير لإسطنبول

جسر ومطار ومسجد جديد رمز لطموحاته

جسر مضيق البوسفور ومسجد في منطقة اورتوكي («واشنطن بوست»)
TT

من قمة أعلى تلة في إسطنبول وسط المطاعم وأبراج التلفزيون تطل حشود السكان المحليين على المدينة الفريدة بالأسفل.

لكن هذا المشهد الفسيح أمامهم - حيث يتلألأ مضيق البوسفور الذي يتدفق بين قارتي آسيا وأوروبا بمياهه ذات اللونين الفضي والأزرق - سوف يتبدل، عقب المبادرة التي أعلن عنها رئيس الوزراء القوي رجب طيب أردوغان فإلى الشمال وعلى مبعدة من الجسرين اللذين يمتدان على البوسفور، سيتم إنشاء ثالثهما قريبا. وعلى مد البصر وبالقرب من البحر الأسود يقع موقع ما يقال إنه مطار إسطنبول الثالث، الذي أعلن رئيس الوزراء مؤخرا أنه سيخدم 100 مليون مسافر سنويا. وبقربه قلب المدينة، ميدان تقسيم، الذي سيعاد تجديده على نحو مثير.

وعلى كامليكا نفسها، التلة التي يبلغ ارتفاعها 885 قدما التي يمكن من خلالها رؤية المشهد ككل، ينوي أردوغان بناء مسجد عملاق مساحته 160 ألف قدم مربع يقول إنه صمم كي يشاهد من جميع أنحاء إسطنبول.

يشير المسجد والجسر والمطار إضافة إلى إعادة تخطيط أشهر ميدان في تركيا إلى حجم طموحات أردوغان نحو مدينة عانت، على الرغم من عظمتها من سوء التخطيط.

وعلى الرغم من تنازل إسطنبول عن موقعها كعاصمة لتركيا لصالح أنقرة وقيام الجمهورية التركية عام 1923، لا تزال أضخم المدن وتتحول تدريجيا إلى مقر للحكومة والدبلوماسيين والنشاط التجاري.

لكن المنتقدين يتهمون رئيس الوزراء ببناء آثار لنفسه ويقولون إنهم يخشون من أن تكون خططه قد لقيت موافقة دون مراجعة كافية.

تزايدت حدة النقاشات مع استعداد أردوغان للترشح للرئاسة التي هي أكثر المناصب شرفية في الوقت الراهن، ويضغط من أجل تغيير الدستور قبل ذلك لتزويد المنصب بقوى تنفيذية.

ويقول سولي أوزيل، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة قدير هاس في إسطنبول، «أرى أنه يستهدف الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في 2014، ومساعي رئيس الوزراء في تدعيم سلطاته بأساليب رمزية».

ازدادت وشائج صلة رئيس الوزراء بإسطنبول قوة؛ حيث يمتلك، عمدة المدينة السابق منزلا أسفل تل كامليكا مباشرة وقضى أغلب فترات حياته في هذه المدينة، يعمل من مكتبه في قصر دولماباتشي؛ حيث عاش ومات سلاطين الدولة العثمانية ومصطفى كمال أتاتورك، مؤسس تركيا الحديثة.

وقد تربط مشاريعه المفضلة - وبخاصة المسجد الذي أعلن عن بنائه في مايو (أيار) الماضي - اسمه بالمدينة لأجيال.

تتوج تلال مدينة إسطنبول القديمة بالمساجد التي بناها السلاطين في القرون السابقة، ويهيمن على الأفق مسجد السليمانية، الذي بناه السلطان سليمان العظيم، الذي وصلت قواته إلى بوابات فيينا. أما المسجد الذي يخطط رجب طيب أردوغان لبنائه فيتوقع أن يفوقها جميعا.

وتوجه كثير من المبادرات الحكومية لإسطنبول نحو التخفيف من حدة الزحام الرهيب الذي تعانيه المدينة التي تضم ثلاثة ملايين سيارة خاصة.

استقبلت بعض هذه الخطوات بترحاب كبير، مثل خط المترو الجديد الذي يمتد بطول 13.6 ميل الذي افتتحه رئيس الوزراء في أغسطس (آب).

لكن بعض المشاريع تم تأجيلها، وبخاصة خطة رئيس الوزراء، المعتد بنفسه «المجنونة والطموحة» لبناء قناة لتحويل ناقلات النفط من العبور في البوسفور، والتي أعلن عنها خلال حملته الناجحة لإعادة انتخابه العام الماضي.

لكن منتقديه يقولون إن المشاريع الكثيرة فرضت على المدينة من أنقرة، العاصمة. فيقول عاكف بوراك آتلار، من غرفة المخططين الحضريين، «لم تتضمن خطة بلدية المدينة التي أعلن عنها عام 2009، بناء جسر ثالث أو مطار جديد في مكان مختلف، ثم خرجت علينا فجأة لتعلن عن بناء جسر ثالث. ليس هكذا يكون التخطيط».

يرى آتلار أن الجسر والمطار سيدمران جزءا كبيرا من غابة بلغراد إلى الشمال من المدينة بالزحف العمراني على الرغم من احتجاجات الحكومة على عكس ذلك. وتحاول مؤسسته منع بناء المسجد على تلة كامليكا، التي تعد منطقة محمية. وتساءل «سيبنى المسجد لمن؟» مشيرا إلى الكثافة السكانية المنخفضة وأن المدينة بها وفرة في المساجد.

لكن الزوار وسكان التلة عبروا عن دعمهم للمشروع، فيقول توربا، طالب الطب الذي قدم لزيارة كامليكا، «كمسلمين، نعتقد أنه سيكون من الرائع أن يبنى مسجد كبير هنا، سيكون شبيها بما قام به العثمانيون».

ويعبر محمد، سائق حافلة صغيرة عن وجهة نظر براغماتية قائلا، «ستجلب السائحين والعرب إلى المدينة، وستبنى مراكز للتسوق».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»