«إيوان كسرى» يستغيث بوزارة السياحة من أجل إعادة الحياة إليه

يلفظ أنفاسه الأخيرة.. ومختصون يختلفون بشأن هويته العراقية

عراقي يقف تحت طاق كسرى في مدينة المدائن بالقرب من نهر دجلة جنوب بغداد (أ.ب)
TT

على الرغم من خلاف كثيرين بشأن هويته العراقية، وبقائه من إزالته، ما زال طاق كسرى في منطقة المدائن جنوب شرقي بغداد، يترنح أمام رياح الزمن والمناخ التي أتعبت قامته بشقوق وتصدعات ضاعفتها الانفجارات والضربات الجوية القريبة منه، في السنوات الأخيرة. وينتظر المعلم التاريخي خطط وزارة السياحة والآثار العراقية لترميمه وصيانته وبث الروح فيه، لكن الأمر توقف أمام عقبة المخصصات المالية، وهي السبب المعلن للوزارة الذي يحول دون الشروع في التنفيذ.

وأمام حضور هذا الإرث التاريخي في أذهان العراقيين فإن الجدل ما زال قائما بشأن معماره العراقي أولا وأهميته التاريخية.

وطاق كسرى، أو «إيوان كسرى»، كما يعرف محليا، هو الأثر الباقي من أحد قصور كسرى آنوشروان، ويقع على نهر دجلة جنوب شرقي بغداد حاليا في منطقة المدائن، ويعرف لدى عامة الناس بـ«سلمان باك» على اسم الصحابي الشهير سلمان الفارسي المدفون هناك.

تعاقب الحكومات التي تولت السلطة في العراق لم يزد هذا الأثر إلا إهمالا متصاعدا، وبقي على حاله ما بين خلاف بين من يرونه أثرا عراقيا وآخرين يدعون إلى إزالته، وفريق ثالث تعمد سد آذانه عن دعوات إنقاذه من عمليات التخريب والإهمال أمام طائلة الزمن.

يقول العالم الأثري الدكتور نوري عبد كاظم، من الهيئة العامة للآثار والتراث، لـ«الشرق الأوسط»: «كشفت التنقيبات والتحريات الأخيرة عن وجود شقوق وتصدعات كبيرة تتخلل بعضا من جوانب الموقع بسبب الانفجارات والضربات الجوية في الأعوام الماضية، وهذا ما يؤثر على مستوى متانة إيوان كسرى وبقائه بنفس هيئته المعروفة». وأضاف «المياه الجوفية والرطوبة أكلت منه الكثير، والخطير أن الاكتشاف الأخير أثبت أن هذا المبنى الضخم يغوص في الأرض سنويا ببضعة ملليمترات، وهذا يكفي كي يتسلل الخوف إلى نفوسنا من احتمال تهاويه وسقوطه في الأعوام المقبلة».

أما سليم خلف، مدير دائرة التحريات والتنقيبات في وزارة السياحة العراقية، فقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن موقع الأثر مدرج ضمن خطط الصيانة المستقبلية التي وضعتها الوزارة لصيانة الآثار العراقية بحسب المخصصات المالية المتوافرة، وهناك جدول عمل من أجل خضوع موقع طاق كسرى إلى عمليات تأهيل كونه بحاجة إلى ذلك». وأضاف «من المرجح أن يبدأ العمل فيه العام المقبل إذا لم تكتمل المبالغ المرصودة للوزارة». وأشار خلف إلى أن الموقع مصان بحراسة مناسبة، وهو بعيد عن التخريب الذي سبق أن تعرض له في زمن النظام السابق وأحداث عام 2003، وهو يستقبل زيارات السياح حاليا.

واعتاد عراقيون على تنظيم رحلات موسمية وسياحية لزيارة موقع الأثر لما يتميز به من جمال تضفيه البساتين والمزارع المحيطة ونهر دجلة خاصة في فصل الربيع، والاستمتاع بزيارة المكان والتقاط الصور التذكارية كأحد المواقع المميزة في بغداد.

يذكر أن المدائن كانت مقرا لكنيسة العراق (المشرق)، طيلة الحكم الفارسي، ويتكون إيوان كسرى من جزءين أساسيين: المبنى نفسه والقوس الذي بجانبه. ويبلغ ارتفاع القوس 37 مترا، وعرضه 26 مترا، وارتفاعه 50 مترا، ويعتبر من أعظم الأبنية من نوعها في ذلك العصر. وهناك أيضا غرفة العرش - التي يتوقع أن تكون تحت أو خلف القوس - وكان ارتفاعها يربو على 30 مترا، وعرضها 24 مترا، وطولها 84 مترا. والمعروف أن المسلمين استولوا على إيوان كسرى سنة 637م، وقد حول إلى مسجد في عام 1888م، وتعرض ثلث المبنى للتدمير إثر تعرضه للسيول.