خلافات على قمة جوائز فينيسيا

يوميات مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي - 11

الأسد الذهبي لـ«بييتا» لكيم كيدوك من كوريا الجنوبية
TT

سارعت وكالات الأنباء، بطبيعة الحال، بنقل اختبار نتائج مهرجان فينيسيا الدولي التي أعلنت ليل يوم أول من أمس (السبت) والتي جاءت على النحو التالي:

* الأسد الذهبي: «بييتا» لكيم كي - دوك (كوريا الجنوبية).

* الأسد الفضي: «السيد» لبول توماس أندرسن (الولايات المتحدة).

* جائزة لجنة التحكيم الخاصّة: «الجنة: إيمان» لأولريخ سيدل (النمسا، ألمانيا).

* أفضل ممثل: فيليب سايمور هوفمن وجواكين فينكس عن «السيد»

* أفضل ممثلة: هاداس يارون عن دورها في «أملأ الفراغ» (إسرائيل).

* أفضل ممثل أو ممثلة جديد (وهي الجائزة المعروفة باسم الممثل الراحل مارشيللو ماستروياني):

* فاربيزو فالكو عن «سبات جميل» لماركو بيلوكيو (إيطاليا) و«حالة طفولة» لدانيال كيبري.

* أفضل سيناريو: أوليفر أساياس عن «بعد مايو».

كان يمكن أن تنتهي الحكاية عند هذا الحد لولا أن مصدرا مجهولا كشف لمجلة «ذا هوليوود ريبورتر» الأميركية، عن أن النتائج الرسمية المذكورة جاءت مختلفة عما توصلت إليه لجنة التحكيم، وأن الفيلم الفائز بالجائزة الأولى لم يكن «بييتا» بل «السيد».

والمسألة لم تكن مجرد تصويت أول تمت إعادته، لسبب ما، فتمت إعادته لتختلف النتيجة عما كانت عليه، بل تدخل إدارة مهرجان لدى لجنة التحكيم لتغيير تصويتها تبعا لقانون خاص كانت إدارة فينيسيا السابقة قد أقرته ويقضي بألا يمنح الفيلم أكثر من جائزتين.

وتفاصيل المسألة هي أن «السيد» فاز بالفعل بثلاث جوائز: الأسد الذهبي لأفضل فيلم وجائزة أفضل مخرج وجائزة أفضل تمثيل رجالي (تلك التي منحت فعلا للمثلين هوفمن وفينكس وهو ما توقعناه هنا منذ أن عرض الفيلم بعد أيام قليلة من بداية المهرجان).

رئيس لجنة التحكيم، المخرج الأميركي مايكل مان، لم يكن يعلم بذلك القانون ما اضطره للاجتماع بلجنته (ثمانية أعضاء) مرّة ثانية لبحث المسألة.

هنا خاض الجميع صراع مصالح وارتفع الجدال ومحوره أي من الجوائز التي منحها التصويت الأول لفيلم «السيد» يمكن أن تسحب منه. حسب المصدر، كان النقاش حاميا والأوراق اختلطت من جديد وحين انفض المجتمعون كان الفيلم الأميركي خسر الجائزة الأولى (فنال الثانية) وخسر جائزة أفضل مخرج أيضا (وهذه لم يتم تعويضها ما يشير إلى امتناع البعض في لجنة التحكيم على الموافقة أن هناك مخرجا آخر كان يستحقها).

وهذه ليست المرة الأولى التي تقع فيها أزمة من هذا النوع في مهرجان فينيسيا، ففي عام 2008 منح التصويت الأول الممثل الأميركي ميكي رورك جائزة أفضل ممثل عن دوره الرائع في «المصارع»، لكن معارضة غير مفهومة الأسس تدخلت فسحبت منه ومنحت إلى الإيطالي سلفيو أورلاندو.

في عام 2010 علت الضجة لأسباب أخرى: رئيس لجنة التحكيم آنذاك، المخرج الأميركي كوينتين تارانتينو، وزع الجوائز على مجموعة من السينمائيين الذين تربطه بهم علاقة خاصة أو سينمائية فنالت صوفيا كوبولا الأسد الذهبي عن فيلمها غير المميّز (على جودته) وهو «مكان ما».

اللافت الآخر أن مسابقة «آفاق» التي شهدت اشتراك 3 أفلام عربية فيها، لم تشأ أن تمنح أي من جوائزها لأي من هذه الأفلام علما بأن اثنين من هذه الأفلام شهدا إقبالا نقديا كبيرا من صحافة الغرب هما «وجدة» للسعودية هيفاء المنصور و«الشتا اللي فات» لإبراهيم البطوط. أما الفيلم الثالث «يما» فمر من دون أن يثير، إعلاميا، أي قدر من الاهتمام.

الفائز بالجائزة الأولى في مسابقة «آفاق» هو الفيلم الصيني «ثلاث شقيقات». فيلم تسجيلي للمخرج وانغ بينغ يعكس حياة ثلاث شقيقات صغيرات (من الرابعة إلى العاشرة من العمر) يعشن في قرية في مقاطعة يونان Yunnan ويعملن في رعي الماشية وحرث أرض مزروعة بالبطاطا، معينهن الوحيد للحياة. والدتهن تركت القرية منذ سنوات ووالدهن يعمل في البلدة المجاورة حيث يعيش ويعاودهن مرّة كل بضعة أسابيع. المخرج الصيني يفتح العين على مأساة إنسانية جوهرية بأسلوبه المتمعن والبطيء المتعارف عليه في أفلامه التسجيلية السابقة كما في فيلمه الروائي الطويل «الحفرة» (2010). صور المخرج فيلمه في ستة أشهر ولم يحجم عن نقد السلطات التي تتجاهل أدنى حقوق الإنسان في تلك الأرياف البعيدة. مشاهده صادمة لما تعرضه مباشرة كما لما تحتويه من مضامين وهي تقلب الاعتقاد بأن الصين أعجوبة اقتصادية جديدة وناجحة كما توحي ذلك العناوين الصحافية والإعلامية. لكن إلى كل حسناته في هذا الشأن، هو فيلم طويل المدى يكرر نفسه في نحو ساعتين ونصف وتصويره ينتمي إلى منهج قائم على قدر من العشوائية واللاتخطيط.