رواية «ياسمينة خضرة» الناجحة تحولت إلى فيلم فرنسي

الجزائر شاهدت العرض الأول لـ«فضل الليل على النهار»

TT

قبل بدء العروض الرسمية في الصالات الفرنسية، استقبلت العاصمة الجزائرية العرض الأول لفيلم «فضل الليل على النهار» المأخوذ عن رواية ترجمت من الفرنسية إلى 42 لغة للكاتب الجزائري المقيم في باريس، محمد مولسهول الشهير باسمه الأدبي «ياسمينة خضرة». وحضر الحفل الذي جرى في قاعة «الموفار»، مساء أول من أمس، جمهور من الرسميين والمثقفين، بحضور المخرجة الجزائرية الأصل يمينة بنقيقي، وزيرة الدولة لشؤون الفرنكوفونية في فرنسا، ومخرج الفيلم ألكسندر أركادي.

الحكاية تكاد تكون جانبا من السيرة الذاتية لكاتبها، ويحاول الفيلم أن يكون مخلصا لخطوطها الرئيسية، مع صعوبة اختصار نصف قرن من الزمن في ساعتين. وهو يعود بنا إلى الثلاثينات من القرن الماضي، من خلال الطفل المراهق يونس الذي يشتغل مع أبيه في حصاد محصول أرضهم قبل أن تنتزعها السلطات العسكرية الفرنسية منهم، بالقوة. وتضطر العائلة إلى الهجرة من الريف إلى وهران، حيث يصبح الأب من مالك للأرض إلى أجير عند الآخرين. أما الصبي يونس فيودع لدى عائلة عمه الصيدلي الذي يرتدي الزي الإفرنجي والمتزوج من فرنسية (يقوم بالدور الكوميدي الشهير فلاق). ويكبر يونس ويذهب إلى المدرسة ويختلط برفاق الحي من الفرنسيين ويتحول اسمه إلى «جوناس». إنه يشاركهم اللهو والسباحة والمغامرات العاطفية الساذجة، ويقع في حب شابة فرنسية تنتهي حكايته معها نهاية حزينة. لقد تعاهد وإياهم، في فورة الفتوة، على أن يظلوا «أصدقاء في الحياة وحتى الممات»، قبل أن تفرق بينهم الأحداث السياسية التي أشعلت شرارة حرب التحرير وطردت الفرنسيين وأعوانهم خارج الجزائر.

حاول المخرج أركادي، المولود في الجزائر بين أولئك الذين يسمون بـ«الأقدام السوداء»، أن يمسك العصا من طرفيها. لقد سعى إلى عمل فيلم رومانسي مثقل بالحنين إلى ذلك البلد الذي يقول عنه، في أحد الحوارات: «لقد أخذوا الجزائر منا لكنها تبقى في القلب». وبذلك فإن الفيلم ينحو منحى لم الشمل المستحيل، وتفهم عذابات الطرفين، والقول إن الإنسان هو الخاسر الدائم في كل الحروب. وطبعا فإن المؤلف، الذي كان ضابطا في الجيش الجزائري قبل انتقاله للعيش والكتابة في فرنسا، لا يفلت من يده الخيط الوطني ويركز على شخصية العم الذي ينخرط في الجهاد ويشدد على ابن أخيه ضرورة أن لا ينسى أنه جزائري. وقد وقع اختيار ياسمينة خضرة على أركادي من بين عدة مخرجين جرى اقتراحهم للمهمة، لأنه لمس لديه تفهما وحساسية شخصية للرواية التي تشبه في أحداثها ما عاشه شخصيا وما يحمله، حتى الآن، لمسقط رأسه من حنين.

جرى تصوير الفيلم في تونس، بإنتاج مشترك بين فرنسا وبلجيكا ومساهمة من منتج جزائري. وقد وضع موسيقاه التصويرية الفنان المغربي الأصل آرمان عمار، المولود في إسرائيل التي غادرها مبكرا إلى المغرب ثم إلى فرنسا، حيث ألف موسيقى عدد من الأفلام الشهيرة ومنها «بلديون» للجزائري رشيد بوشارب.