«اليونيسيف»: تراجع معدل الوفيات بين الأطفال.. والعالم يفشل في تحقيق هدف الألفية

وصل في عام 2011 إلى نصف ما كان عليه عام 1990

أحد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في مركز لجمعية كاريتاس ببوركينافاسو (إ.ب.أ)
TT

الأطفال هم البداية الصحيحة لتكوين جيل وشعب، من هذا المنطلق وتأكيدا على ضرورة الاهتمام بالأطفال وصحتهم باعتبارها خطوة أساسية للحفاظ على أجيال كاملة، تصدّر معدل الوفيات بين الأطفال اهتمام منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، التي قالت إن معدل الوفيات بين الأطفال عام 2011 تراجع إلى نصف ما كان عليه عام 1990.

وأكدت «اليونيسيف» في تقريرها الذي أصدرته أول من أمس (الخميس) عن وفيات الأطفال، على أن نسبة الوفيات بين الأطفال انخفضت عام 2011 إلى نصف ما كانت عليه عام 1990، موضحة أن من كل ألف مولود كان هناك 87 طفلا يتوفون على مستوى العالم عام 1990 في حين تراجع هذا العدد إلى 51 طفلا في عام 2011، وأن عدد الوفيات بين الأطفال دون الخمسة أعوام بلغ أكثر من 12 مليون طفل عام 1990 (33 ألف طفل يوميا)، بينما بلغ عدد وفياتهم عام 2011 نحو 6.9 مليون طفل (19 ألف طفل يوميا).

ونبه تقرير المنظمة الدولية على مجموعة من الأخطار يتعرض لها الأطفال في شتى بقاع العالم، فعلاوة على الفقر والجوع وتلوث مياه الشرب وانتشار الأمراض الأوبئة والأمراض، التي تشكل عاملا أساسيا في سبب الوفاة، أظهر التقرير أيضا أن الأطفال الرضع والأطفال حديثي الولادة هم أكثر عرضة لخطر الوفاة، وأن أكثر من 40 في المائة من وفيات الأطفال تحدث دون سن الخامسة خلال الشهر الأول من العمر وأكثر من 70 في المائة من الوفيات خلال السنة الأولى من العمر.

«يونيسيف» أشادت بقدرة الدول حول العالم على تحقيق تقدم سريع في خفض معدلات وفيات الأطفال على مدى العقدين الماضيين، وقالت إن الحرب ضد وفيات الأطفال في مختلف دول العالم ناجحة، وغير باهظة التكاليف، فكل ما تحتاج إليه هذه الحرب هو توفير الأمصال والناموسيات المعقمة وتحسين مساعدات الولادة.

وعلى الرغم من هذا التقدم الملحوظ، فإن «اليونيسيف» أشارت إلى أنها لم تحقق بعد هدفها الذي تطمح إليه، وأكدت أن الهدف الرابع للألفية الحادية والعشرين يرمي إلى خفض معدل الوفيات بين الأطفال بنحو الثلثين بحلول عام 2015.

ومن جانبها، قالت الدكتورة أميرة إدريس أستاذ طب الأطفال بجامعة القاهرة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذا التراجع يعود بالأساس إلى تحسن كفاءة الخدمات الصحية بمختلف دول العالم عما كانت عليه منذ عشرين عاما، حيث تحسنت كفاءة ونوع التطعيم والتحصين ضد النزلات المعوية والالتهاب الرئوي والحصبة والملاريا، وهي الأمراض الأكثر انتشارا بين الأطفال، بالإضافة إلى تحسن نسبة علاج أورام الأطفال بشكل ملحوظ، حيث إنه في عام 1990 كان الأطفال المصابون بالسرطان محكوما عليهم بالموت، بينما الآن هناك مستشفيات بنيت خصيصا لعلاج سرطان الأطفال وحدث تقدم طبي ملحوظ في هذا المجال».

وأضافت إدريس أن «هناك فئة من الأطفال أكثر تعرضا للتدهور الصحي والوفاة، وهم الذين يولدون مبكرا قبل إتمام مدة الحمل والأطفال الفقراء الذين يعانون من قلة الخدمات الصحية وسهولة انتشار الأوبئة في البيئة الخاصة بهم، وهؤلاء الفئات هم الذين ينبغي أن يتم التركيز على الاهتمام بهم في الفترة المقبلة».

الـ«يونيسيف» أكدت في تقريرها أن هذا التقدم قد شمل الدول باختلاف ثرواتها، حيث شمل دولا فقيرة مثل بنجلادش وليبيريا ورواندا، ودولا متوسطة الدخل مثل البرازيل ومنغوليا وتركيا، ودولا مرتفعة الدخل مثل سلطنة عمان والبرتغال، الأمر الذي زاد من الأمل في تحسين نسب الوفاة بشكل أكبر في مختلف دول العالم بمرور الوقت. من ناحية أخرى، أوضحت الـ«يونيسيف» أن إقليما أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وإقليما جنوب آسيا يواجهان أكبر التحديات في مجال بقاء الطفل على قيد الحياة، وهذان الإقليمان مسؤولان حاليا عن أكثر من 80 في المائة من وفيات الأطفال دون سن الخامسة في العالم. وقد أصبح التفاوت بينهما وبين الأقاليم الأخرى أكثر وضوحا، حيث نجحت أقاليم مثل شرق آسيا وشمال أفريقيا في الحد من وفيات الأطفال بنسبة تزيد على الثلثين منذ عام 1990. وذكر التقرير أيضا أن نصف وفيات الأطفال دون الخامسة تتركز في 5 بلدان وهي: الهند (24 في المائة)، ونيجيريا (11 في المائة)، وجمهورية الكونغو الديمقراطية (7 في المائة)، وباكستان (5 في المائة) والصين (4 في المائة). وتمثل الهند ونيجيريا أكثر من ثلث إجمالي وفيات الأطفال دون سن الخامسة في العالم ككل.

ومما يبعث على الأمل أن معدل وفيات الأطفال يتراجع سنويا بشكل ملحوظ، حيث أوضح تقرير اليونيسيف الذي صدر العام الماضي (2011) عن وفيات الأطفال أن عدد وفيات الأطفال دون سن الخامسة قد وصل في عام 2010 إلى نحو 7.6 ملايين طفل، ثم تراجع مره أخرى في 2011 ليصبح 6.9 مليون طفل حسب التقرير الصادر منذ يومين. ويتضح من هذه الأرقام والنسب أنه بالمقارنة مع عام 1990، فإنه يتم إنقاذ حياة نحو 12000 طفل يوميا.

يشار في هذا السياق إلى أن هناك لجنة قام بتشكيلها الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بالتعاون مع أنتوني ليك، المدير التنفيذي للـ«يونيسيف»، في وقت سابق من هذا العام من أجل تقديم سلع منقذة لأرواح النساء والأطفال، وتوصيل الأدوية البسيطة المنقذة للأرواح، مثل الزنك وأملاح الإماهة الفموية، إلى مزيد من النساء والأطفال الضعفاء والمحرومين في كافة أنحاء العالم، ومن ثم المساهمة في تقليل معدل الوفيات بين الأطفال والأمهات بشكل أكثر فاعلية.