تسارع إيقاع «أسبوع الموضة اللندني» في أيامه الأخيرة

نيكول فارحي تودع الموضة بتشكيلة هادئة.. وبول سميث يستقبل ربيع وصيف 2013 بالمرح

TT

إنه آخر عرض للمصممة نيكول فارحي قبل أن تسلم المشعل لجوانا سايكس التي التحقت بالدار مؤخرا، على أساس أن تقدم أول تشكيلة للدار في الموسم المقبل. ومن البديهي أن يكون الضغط على المصممة الفرنسية الأصل، كبير، لأن كل الأنظار مسلطة عليها من جهة؛ ولأنها تعرض في اليوم نفسه الذي يعرض فيه كبار من أمثال فيفيان ويستوود وبول سميث من جهة ثانية، مما يحتم عليها أن تعطي أحسن ما عندها حتى يكون «آخرها مسك». عرفت بحكم عملها في هذا المجال لأكثر من 30 عاما أن السر يكمن في السهل الممتنع، لهذا اختارت أن تقدم تشكيلة هادئة، لكن راقية لم تخيب الآمال. الألوان فيها كانت هادئة تتراوح بين درجات الوردي المطفي والأبيض والرمادي وغيرها من الدرجات التي قالت المصممة إنها استقتها من رخام «كارارا» الإيطالي. بالنسبة للأزياء، فقد شملت فساتين وتنورات «ميدي» تغطي نصف الساق ببليسهات و«شورتات» ومعاطف ممطرة خفيفة بلمسة «سبور».

في الصفوف الأمامية جلست عرابة الموضة ورئيسة تحرير مجلة «فوغ» الأميركية، آنا وينتور، والممثل البريطاني بيل نيغي، وهو أمر يشير إلى أن ضيوفا من الوزن الثقيل قد غادروا نيويورك لحضور الأيام الأخيرة والساخنة من أسبوع لندن، الذي بلغ أوجه أمس مع عرض «بيربيري» الذي يستقطب دائما المشاهير والنجوم. ورغم أن عرض المصممة نيكول فارحي لم يخل من النجوم، فإنه من الواضح أن حضورهم كان من باب المساندة لمصممة مخضرمة، 65 عاما، والصداقة أيضا، لأنه سبق لها أن انتقدت المصممين الذين يدفعون أجورا للنجوم لحضور عروضهم قائلة إن العملية تفتقد للمهنية ومؤكدة: «لم أدفع لأي نجم في السابق ولن أفعل في أي يوم من الأيام.. إنه أمر سخيف، لأنهم بعد العرض، لا يكتبون في المجلات والصحف عن الأزياء؛ بل عن النجوم الذين حضورا بعد أن دفعت لهم أجور للجلوس في الصفوف الأمامية». وأضافت: «سيكرهني الكل، لكني لا أهتم لأنني أعتقد أنه أمر شائن».

والحقيقة أن من سيكرهها قليلون جدا ويعدون على أصابع اليد الواحدة ربما، وأن عددا كبيرا سيحبها أكثر لتصريحاتها هذه. فالمصممون الشباب ليست لديهم الإمكانات لدفع أي مبالغ للنجوم، لأنهم في أمس الحاجة إليها لدفع أجور العارضات وفناني الماكياج ومصففي الشعر وغيرهم. بل حتى المصممون الكبار هنا لا يؤمنون كثيرا بالنجوم، ويؤمنون بأن عروض الأزياء لتقديم الأزياء، وليس لتسليط الضوء على الضيوف. المخضرم بول سميث واحد من هؤلاء، وقلما نرى في عروضه المشاهير، ومع ذلك، فهو يحقق النجاح تلو النجاح، ويترك دائما الكلام لإبداعاته لتتكلم عن أهميته وإبداعه.

هو أيضا لم يخيب الظن يوم الأحد، إذ قدم عرضا من أجمل عروضه في معهد «سنترال سانت مارتن» للتصميم والفنون بمنطقة كينغز كروس. المصمم، الذي سبق له أن تعاون مع طلبة هذا المعهد، ارتأى أن يقدم لهم تحية ضمنية، أو بالأحرى دعاية غير مباشرة، باختياره هذا المكان لعرضه. فالمعهد انتقل منذ عهد قريب جدا من منطقة سوهو إلى منطقة كينغز كروس غير السكنية والمعروفة بقربها من السكك الحديدية أكثر من أي شيء آخر، مما يجعلها من المناطق غير المغرية على الإطلاق.

إذا كانت هذه نيته، فقد نجح بشرف، لأن المكان الذي صممه المهندس ستانتون ويليامز كان اكتشافا لذيذا وواحة وسط غابة من الإسمنت.. كما كان مسرحا مناسبا لتشكيلة قوية ومبتكرة غلبت عليها الألوان الربيعية من الأصفر المستردي إلى الأحمر القاني والأخضر كما طبعت عليها ورود وزينها الدانتيل. ماركة المصمم المسجلة كانت حاضرة من خلال مجموعة من التايورات والبنطلونات المفصلة، وكذلك من خلال قمصان تحمل بصماته الشقية؛ مرة على شكل ورود تزين الياقة، ومرة على الأكمام فقط مثلا. لكن المنعش في هذه التشكيلة كانت الفساتين المنسدلة وكأنها قمصان طويلة تلامس نصف الساق بمربعات كبيرة استعمل فيها تقنية الـ«كولاج»، حيث غلبت عليها مربعات؛ كل مربع فيها بلون وأحيانا بقماش مختلف.. ففي الفستان الواحد مثلا نجد الحرير والساتان والدانتيل، مما منحه الكثير من الحيوية. للوهلة الأولى، استحضرت هذه الفساتين أسلوب «كلوي» في عهد مصممة دار «سيلين» الحالية فيبي فيلو، بانسيابيتها وأنوثتها، لكن سرعان ما وضحت لمسات بول سميث الخاصة، التي تجعلنا دائما نقع في حبها.

عرض ماريوس شواب، من العروض التي يترقبها عشاق الموضة دائما، لأنها تكون دائما مثيرة يروي فيها المصمم قصة جديدة. فمثلا عندما استوحى تشكيلة من مارلين ديتريش، نجمة أفلام العشرينات والثلاثينات، قال إن نظرتها الحزينة التي توحي بالوحدة والجمال الفتاك أوحت له بتصاميم أنثوية، شكلت فيها القبعات التي غطت نصف الوجه لكي تلقي بظل أسود عليه إشارة إلى الإضاءة التي كانت تطلبها النجمة لخلق إطلالة مثيرة، فضلا عن القفازات الطويلة إلى الكوع مع فساتين كوكتيل من الدانتيل أو معطف من الجلد. هذه المرة أيضا لعب على هذا العنصر، لكن بطريقة مختلفة تماما؛ فهو لم يذهب إلى هوليوود بل إلى ثقافات إثنية لكي يمنح امرأته الغامضة قوة جعلتها أقرب إلى مقاتلة.

عنوان العرض كان، كما جاء في بطاقة الدعوة «تشا – أو - ها» وتعني «في البرية»، مما يعني أن امرأته لن تكون بغموض بطلات الأفلام السوداء في بداية القرن العشرين، بل هي امرأة أقرب إلى «بوكاهوناتس» أو الأميرة المحاربة. فهي لن ترتدي الموسلين والحرير فقط، بل ستعانق فساتين من الجلود مزينة بمعادن تتدلى مثل شراشيب أو بدانتيل حول الياقات. حتى القطع المصنوعة من الحرير أضفى عليها طيات وثنيات لكي تعزز هذه القوة. لكن ضمن هذه القوة، التي اعتمد فيها على الأقمشة والمعادن، كانت هناك نعومة لا يمكن تجاهلها، تجسدت في البليسيهات وفي الحركة المثيرة التي تبرز مع كل خطوة. ما من شك أن المصمم كان يريد أن يغير الاتجاه من «الفيلم نوار» إلى صورة حداثية بعودته إلى صورة أقرب إلى الوحشية، لكن ما نجح فيه أنه روض هذه الصورة الإثنية وصبغها بنعومة وغموض جعل منها هنا أيضا امرأة فاتنة بجمال وحشي. وحسب قوله: «مهما تغيرت الأساسيات؛ فهي امرأة قادرة على التعامل مع كل الظروف.. في آخر المطاف، نحن كلنا محاربون بشكل أو بآخر».

وللأمانة، فإن المصمم قدم أزياء معاصرة ومبهرة لربيع وصيف 2013 استعمل فيها تقنيات تحتفل بجسم المرأة وتبرز جمالياته طبع عليها أشكالا محسوبة لهذا الغرض، لكن معظمها، إن لم نقل كلها، تحدد الجسم مع محافظتها على حركة مثيرة، مثل «شورت» قصير بتبطين مطرز بالترتر يلمع تحت ستارة من الموسلين. هذه الحركة غلبت على العديد من الفساتين لتؤكد أنه مهما وصلت قوة المرأة التي يتوجه إليها، فإنها ستبقى دائما متمسكة بأناقة عصرية تحن إلى الماضي البعيد.

فيليب ترايسي يحتفل بالجمال الأسمر

* مساء يوم الأحد وفي الساعة التاسعة مساء تقريبا، قدم مصمم القبعات العالمي، فيليب ترايسي، عرضا أكثر من مثير أمام باقة من النجمات من مثيلات كيم كاترال، وديتا فون تيس، وكيلي بروك.. وغيرهن. العرض كان في محكمة العدالة الملكية وسط لندن، وافتتحته ليدي غاغا التي ظهرت بزي يصل إلى الأقدام ووجها مغطى بما يشبه البرقع. بعد الافتتاح والجلبة التي أثارها ظهور ليدي غاغا وهي تتهادى بحذاء من «ألكسندر ماكوين» يصعب المشي عليه، توالت عارضات، كلهن من أصول أفريقية، مثل ناعومي كامبل، وأليك ويك، وجوردان دون.. وغيرهن. ورغم أن المصمم لم يشرح لحد الآن اختياره عارضات سمراوات لعرضه، فإن كل أوساط الموضة رحبت بالفكرة واعتبرتها إيجابية، خصوصا أن عارضات في السابق، وعلى رأسهن ناعومي كامبل، اتهمن صناع الموضة بالتحيز للعارضات الشقراوات.

يعتبر هذا أول عرض لفيليب ترايسي في «أسبوع لندن للموضة» بعد غياب طويل اقتصر فيه أحيانا على معارض جانبية.