الكاميرا ترتبط مباشرة بالإنترنت.. والـ«أندرويد» يتسلل إلى الصورة الرقمية

في المعرض الدولي للكاميرا والصورة (فوتوكينا) بكولون

TT

سيفاجأ من يصل لمحطة كولون الرئيسية، عند قاعدة الكاتدرائية التاريخية (الدوم)، بهدف زيارة المعرض الدولي للكاميرا والصورة (فوتوكينا)، بخريطة كبيرة لألمانيا بالألوان تحت قدميه. والخريطة عبارة عن صورة واحدة، تشبه السجاد الإيراني، مطرزة بالصور الصغيرة التي تعادل كل صورة منها «بيكسل» واحدا من الكثافة النقطية للصورة. وهذا يعني أن الصورة المفروشة على أرضية الساحة تتألف من 170 ألف صورة مصغرة تشكل تضاريس ألمانيا.

ففي عصر «التقنية المتحركة» لم تعد الكاميرا، والصورة الحية، تقليدا يقتصر على المصورين المحترفين والهواة، أو ممارسة «مناسباتية» ترافق الأعراس وأعياد الميلاد والسفرات السياحية، وإنما تحولت إلى تقليد عائلي يعيشه ويمارسه كافة أفراد العائلة. فالأطفال الصغار، بفضل الكاميرات الرقمية الصغيرة سهلة الاستعمال، صاروا زبائن دائمين لقطاع التصوير، وانتقلت الصورة من الألبومات «الورقية السميكة إلى إطارات إلكترونية تعرض الصور الحية».

ما عاد الابن يستعير الكاميرا الخاصة بأبيه كي يلتقط الصور بها عند سفره، لأنه أصبحت هناك كاميرا لكل فرد من أفراد العائلة. وصار قطاع الكاميرات ينتج الكاميرات الملونة والصغيرة وسهلة الاستعمال، والمنقوشة برسوم شخصيات أفلام كرتون، خصيصا للأطفال. وهكذا، صار عدد الكاميرات يتفوق لأول مرة في ألمانيا على عدد الحيوانات الأليفة (الكبيرة) في البيت الواحد، وأحصت إدارة معرض الكاميرا والصورة (فوتوكينا) (20 - 23 سبتمبر «أيلول» الحالي) التقاط 2000 صورة في الثانية في ألمانيا حاليا (500 مليار في السنة). وهذا لا يقتصر على الكاميرات التقليدية، وإنما يشمل الصور التي تلتقط يوميا بواسطة الهواتف الجوالة وأجهزة الـ«سمارت فون» وغيرها.

ويشارك في معرض «فوتوكينا» 2012 أكثر من 1160 شركة، من 41 دولة، وغطت معروضاتهم كافة قاعات المعرض الـ13. وإلى جانب الشركات التي تنتج الإطارات والألوان وأجهزة الطباعة والورق وغيرها من الملحقات، يشارك عمالقة الكاميرا والصورة بأجنحة كبيرة مثل «نيكون» و«كانون» و«بينتاكس» و«لايكا» و«فوجي باناسونيك» و«سوني» و«سامسونغ».. إلخ. ويجتذب المعرض عشرات النجوم العالميين الذين يتولون عرض المنتجات للشركات بدءا بالملاكم العالمي فيلكس شتورم والمغني سيل (طليق عارضة الأزياء الشهيرة هايدي كلوم)، وكابتن المنتخب الألماني السابق مايكل بالاك.

وينتظر أن يجتذب المعرض هذا العام 180 ألف متفرج منذ يومه الأول، رغم أن أسعار الدخول في اليومين الأوليين ترتفع إلى 40 يورو. ورصدت إدارة المعرض، للمرة الثانية، تحول المعرض من معرض للمصورين المحترفين والهواة إلى معرض للعائلة تحضره عوائل كثيرة مع أطفالها.

تحول الصورة «أونلاين» مباشرة من الكاميرا إلى الشبكة الإلكترونية، دون الحاجة إلى وسيط مثل الكومبيوتر، كان النزعة الأساسية في معرض هذا العام. جرى هذا التحول المهم بفضل نظام «واي فاي» (Wi Fi) الذي زودت الكثير من الشركات الكبرى أنظمة كاميراتها به. مثال ذلك كاميرا «نيكون كولبيكس إس 800 سي» (400 يورو) و«سامسونغ غالاسكي» وغيرها من الكاميرات الحديثة. وهذا يعني أنه أصبح بمستطاع المستخدم أن يرسل الصور والأفلام مباشرة من الكاميرا، ودون الحاجة لكابل، إلى أي جهاز مستقبل في العالم.

النزعة الثانية الكبيرة هي تسلل نظام عمل الهاتف الجوال (الموبايل) إلى أنظمة الكاميرات الحديثة، وهو ما يتيح للمستخدم سهولة استخدامها في التصوير والإرسال، كما يفعل ذلك من هاتفه الجوال اعتياديا. وتمت هذه النقلة من خلال نقل نظام «أندرويد» من الموبايل إلى الكاميرا الرقمية. وهذه الكاميرا مزودة، فضلا على ذلك، بأنظمة تتيح العمل على الصورة كما يعمل المصور على «الفوتوشوب»، كما زودتها الشركات المنتجة بوحدة كبيرة حساسة للضوء، وعدسات أكبر، وأهلتها بالتالي لالتقاط وبث صور زاهية الألوان وعالية في الدقة.

ولكن، هل أصبح الـ«سمارت فون»، مع زيادة دقة صوره إلى 10 مليون بيكسل، بديلا عن الكاميرا الحديثة. تقول كونستانس كلاوس، من اتحاد شركات صناعة الكاميرات، إن الـ«سمارت فون» أصبح مكملا لإنتاج الكاميرات. فالتقاط الصور بالـ«سمارت فون» خطوة تشجع المستخدم على التقاط الصور، وهو ما يحيي فيه، في خطوة لاحقة، نزوع اقتناء كاميرا متطورة. فضلا عن ذلك، فإن الكاميرا خلقت مزاجا اجتماعيا جيدا، من خلال انتشارها بين أفراد العائلة، لكنها تحفز عملية مواكبة تطورها أيضا. وهكذا تتحول الكاميرا الجديدة اليوم، بفعل التطور التقني السريع، إلى كاميرا قديمة خلال 2 - 3 سنوات، ويفكر المستهلك عادة في شراء كاميرا جديدة تحل محل الأولى. مثل هذا «المزاج» يدفع قطاع إنتاج الكاميرا والصورة إلى توقع ارتفاع مداخيله عام 2012 إلى أكثر من 20 مليار يورو.

وبعد نزعة تزويد الكاميرا بأنظمة تحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية (GPS)، في المعارض السابقة، صار على هذه النزعة التحول إلى ما هو أحدث منها. والحديث في معرض 2012 هو تزويد الكاميرا، وخصوصا «نيكون» و«كانون»، بأنظمة تحسب حسابا لسرعة الريح ورطوبة الجو. وهي تقنيات تتيح للمستخدم التقاط أفضل الصور خارج الغرف المغلقة، وخصوصا في الهواء الطلق والملاعب.

ولم تعد الكاميرا الرقمية بمفردها تعمل «أونلاين»، لأن جهاز طبع الصور التحق بها على الشبكة. وهكذا استعرضت شركة «إيبسون» جهازا للطباعة يستلم الصور بلا كابل من الـ«سمارت فون»، أو من الموبايل، ويطبع مباشرة.

كاميرات الفيديو (كومكورد) مثل «فوجي فيلم إكس - إي – 1 إن» و«سوني نيكس – 6» زودها المنتجون بباحث رقمي يتيح العثور على الصور والمواقع المطلوبة من الفيلم بسهولة. كما زودت بأنظمة خاصة كي يتاح لها إرسال الصور والأفلام، بثوان، إلى الأجهزة الأخرى، وعبر الإنترنت إلى مركز ما أو إلى صحيفة ما.

ورغم كل هذه الحداثة، فإن المعرض، كحال المعارض السابقة، لم ينقصه الحنين إلى الماضي عبر كاميرات رقمية، وأخرى بعدسات تقليدية، ولكن بأغلفة وموديلات قديمة. مثال ذلك كاميرا «نيكون كولبيكس» بـ700 (550 يورو) و«سوني إكس 100» (650 يورو) و«باناسونيك لوميكس - إكس 7» (500 يورو).

«الأكشن كاميرا» لاقت رواجا خاصا هذا العام لارتباطها بممارسة الرياضة، وخصوصا الرياضات الصعبة والخطرة والتي تصل لحد المغامرة. فهذه الكاميرات تعمل وحدها دون الحاجة لاستخدام اليد، وهي منيعة على الصدمات والكسر. منها كاميرا «مينوكس آي سي إكس» التي تتيح تصوير اللقطات والأفلام تحت الماء وفي الحمام أيضا.

الكاميرات التي تلتقط الصور الفورية، والتي اشتهرت في الثمانينات من «بولارويد»، عادت اليوم بحجم أصغر وصور أجمل. واستعرض عملها في المعرض مختصون من شركتي «بولارويد» و«فوجي». والاختلاف عن الثمانينات أن كاميرات اليوم «الفورية» إلكترونية وخفيفة.

ألبوم الصور من شركة «CEWE» يذكر بالألبومات القديمة التي تلصق عليها الصور أو تثبت بواسطة الزوايا، لكنه اليوم لعرض الصور الحية كما في أفلام هاري بوتر. وفضلا عن تخزين الصور الحية، يمكن للمستخدم أيضا أن يخزن فيلما بأكمله داخل الألبوم، ثم يستطيع، حينما يرغب، أن ينقل الفيلم من الألبوم إلى الـ«سمارت فون» دون كابل، ومن ثم عرض الصور بواسطة جهازه الجوال على الشاشة.

الكاميرات الرقمية الصغيرة، ذات الـ10 ملايين بيكسل، أو أكثر، استعاضت عن عدستها البصرية المقربة (الزوم) بنظام جديد يتيح تغيير العدسة. مثال ذلك كاميرا «كانون إيوس م» التي اجتذبت جمهورا كبيرا من المعرض بفعل تلك الإمكانية. واستكمالا لهذه النزعة، استعرضت شركة «ساميانغ» الكورية الجنوبية عدسة «تي – إس 3» التي تضم داخلها 16 عدسة صغيرة تتوزع في 11 مجموعة مركبة، وتصلح للكثير من الكاميرات المختلفة مرة واحدة، مثل كاميرات «كانون» و«نيكون» و«سوني» و«بينتاكس» (قاعة 2). واستعرضت شركة «فايغتليندر» الألمانية في (قاعة 8) أول أدابتر من نوعه «VM-x – pro» يعين المصور على تركيب مختلف أنواع العدسات، من مختلف الشركات، على عدسة الكاميرا الخاصة به.

والمعروضات الجديدة كثيرة، فهناك مظلة، تحمي من المطر والشمس، لكنها تعمل كموزع ضوء ومسند للكاميرا أيضا. وهي مظلة من إنتاج شركة «باترون» ومخصصة لعمل المصورين المحترفين أثناء التقاط الصور في الهواء الطلق (100 يورو).

كاميرا «بينتاكس الجديدة» (بانوراما) تبدو مثل أكرة باب أكثر منها ككاميرا، لكن هذه الكاميرا قادرة على التقاط الصور بدرجة 360 درجة، وبهذا تستطيع تصوير ما يتحرك خلفها أيضا. وهي كاميرا يفترض أن تنزل للسوق، حسب مصادر الشركة، خلال أشهر من الآن.

في جناح «أوليمبوس»، نصبت الشركة حوضا مائيا كبيرا يستعرض فيه أحد الغطاسين «كاميرا أوليمبوس» (تي جي - 1) التي تقاوم ضغط الماء، ولا يتسلل إليها الماء، تحت عمق 12 مترا. فضلا عن ذلك، فالكاميرا يمكن أن تسقط من ارتفاع مترين على أرض صلبة دون أن تنكسر. وذكر جيرد بيساما، من الشركة، أنها مخصصة أيضا لالتقاط الصور الواضحة في تحت أقل ظروف التصوير إضاءة. وجرى هناك التقاط الصور للعرسان الجدد تحت الماء طوال أيام المعرض.

على أي حال، يستطيع زائر معرض «فوتوكينا» 2012. إذا غلبه التعب، أن يتوجه إلى (قاعة 6) للاستراحة داخل كاميرا هائلة مصنوعة بنسب 1:1 بالنسبة لحجمها بمقارنة الإنسان. وهناك يستطيع أن يجلس على العدسة أو على خلية تنظيم الضوء، أو في «قلب» البطارية.

مفاجأة أخرى تنتظر زائر المعرض الدولي للكاميرات وهو يغادر مبنى المعرض الدولي في كولون على الراين، فهنا ينتظره فريق من «بابارازي» الكلاب الصغيرة، يحمل كل منها في عنقه كاميرا صغيرة اسمها «إيزي بيت»، وهي كاميرات مخصصة للحيوانات المدللة، تعمل تحت الماء، وتبقى منيعة على عمق 3 أمتار، ولا تنكسر إذا وقعت من علو متر. من إنتاج شركة «إيزي بيكس» العالمية، وتباع مع حزام لربطها على عنق الحيوان.