تونس: فيلم سياسي مطعم بقصة حب في افتتاح الموسم السينمائي

«الأستاذ» تأخر تصويره أكثر من مرة في عهد بن علي

ملصق فيلم «الأستاذ»
TT

انطلق الموسم السينمائي في تونس بفيلم «الأستاذ»، للمخرج التونسي محمود بن محمود، في أربع قاعات سينمائية في العاصمة التونسية، ولقي إقبالا تونسيا ملحوظا في ظل أجواء سياسية تستدعي الاهتمام بفيلم يهتم بحقوق الإنسان ويعالج بدوره مسائل على علاقة مباشرة بالسياسة خلال عهد الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة.

فيلم «الأستاذ» يؤدي دور بطولته المطلقة أستاذ في الجامعة التونسية، وهو مثال حي للتكالب على السلطة، ويستغل الموقف حين يتم اختياره من قبل الحزب الحاكم في صلب رابطة حقوق الإنسان ليكون العين السحرية التي تنقل له الأحداث وهو مكلف بالدفاع عن وجهة النظر الرسمية للحزب، فيدافع بشراسة عن سياسة النظام القائم، وعن علاقته المتوترة مع الأطراف النقابية.

ويذهب إلى ظن «الأستاذ» أن النظام يحسب له حسابا، فهو ابنه المدلل، إلى أن يكتشف ذات يوم أن إحدى طالباته المميزات بالجامعة قد اعتقلت من قبل أجهزة الشرطة لمعارضتها السياسة الرسمية للنظام. وتكون رحلة الأستاذ في البحث عن طالبته مناسبة لاكتشاف فظاعات نظام بورقيبة، ويتعرف عن قرب على واقع الحريات الفردية والجماعية وحقوق الإنسان بين الشعارات والممارسة.

فيلم «الأستاذ» تأخرت عملية تصويره في أكثر من مناسبة خلال عهد الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي، لقناعته بأن الانتقادات التي يتضمنها الفيلم حول أوضاع حقوق الإنسان في عهد بورقيبة ما هي إلا إسقاطات تاريخية فقط، وأن الأحداث كلها ترمز إلى عهد بن علي، وهو ما أدى إلى منع تصويره لسنوات طويلة.

الطالبة التي علمها «الأستاذ» في الجامعة التونسية كانت تسعى بصحبة فريق صحافي إيطالي إلى إجراء تحقيق حول إضرابات العمال التونسيين في مدن الحوض المنجمي بالجنوب الغربي (نفس المدن عرفت أحداثا دامية بسبب مطالبتها بالتنمية والتشغيل بداية سنة 2008)، وعن طريق طالبته يكتشف زيف النظام القائم، فيلتحق بصفوف المعارضة بعد أن أزالت الحقائق المرة الغشاوة التي كانت تخفي عنه الحقيقة، ويقرر النظام القائم وضعه في الجنوب التونسي تحت الإقامة الجبرية.

وللمفارقة، لم تتمكن قصة الحب الرومانسية التي نشأت بين الأستاذ وطالبته من حجب حقيقة العالم المظلم للسياسة ومآسيها الكثيرة. فيلم «الأستاذ» لمحمود بن محمود نقل واقعا تونسيا مائة في المائة، وتمكن الثنائي أحمد الحفيان (الأستاذ خليل الخلصاوي) ولبنى مليكة (الطالبة هدى) إلى جانب الممثلين لطفي الدزيري وأحمد السنوسي من إخراج المتفرج من نمطية الشخصيات الغريبة عن الواقع التي طالما عرضتها أفلام تونسية في السابق، وهدفها كان إعطاء صورة مغلوطة إن لم نقل فلكلورية عن الإنسان العربي لدى المتفرج الأوروبي.

فيلم «الأستاذ» هو رابع أفلام بن محمود المقيم في بلجيكا، ويدوم عرضه ساعتين، وقد أخرج في السابق مجموعة من الأفلام المصنفة ضمن السينما المناضلة على غرار فيلم «العبور» سنة 1982، وهو يفضح التمييز العنصري ضد المهاجرين في أوروبا، وأخرج كذلك فيلم «شيشخان» سنة 1992 وفيلم «قوايل الرمان» سنة 1999.