ثلث سكان العراق يتجهون إلى مقاعد الدراسة وسط نقص حاد في الأبنية والمستلزمات

آخر مدرسة بنيت عام 1989.. وهناك 1250 مدرسة طينية

تلاميذ يتجهون إلى المدرسة في مدينة الصدر ببغداد في أول أيام العام الدراسي الجديد أمس (رويترز)
TT

استقبلت مدارس العراق أمس نحو تسعة ملايين طالب وطالبة، نحو ثلث سكان العراق، في المراحل الدراسية كافة، في أول أيام العام الدراسي الجديد، في وقت لا يزال فيه الواقع التعليمي يعج بمشكلات كثيرة، أهمها النقص الحاد في المدارس، والتسرب الدراسي، وحاجة المناهج التربوية إلى التعديل والتطوير.

وبينما تؤكد وزارة التربية العراقية عزمها على بذل المزيد من الجهد والعطاء للارتقاء بالعملية التربوية، فإن معطيات تشير إلى تزايد مشكلة النقص الحاد في المستلزمات التربوية وأهمها الأبنية المدرسية، إذ إن العراق توقف عن بناء المدارس منذ عام 1989 مع آخر مجموعة بنيت فيه، وبقي العجز يتسع إلى حين عودة بناء المدارس بعد سقوط النظام وتشكيل مديرية الأبنية المدرسية التابعة لوزارة التربية.

وكانت وزارة التربية قد أعلنت أن العراق بحاجة إلى بناء سبعة آلاف مدرسة جديدة في عموم أنحاء البلاد من أجل حل مشكلة الدوام المزدوج التي تعاني منها أغلب المدارس، والقضاء على المدارس الطينية، واصفة النقص في الأبنية المدرسية بالمشكلة المستعصية، فيما قدرت حاجة البلاد من المدارس بنحو 700 مدرسة سنويا بسبب ازدياد النمو السكاني الذي قد يصل إلى 4 في المائة سنويا.

وتشير التقارير الإحصائية إلى أن عدد مدارس الطين في العراق يبلغ نحو 1250 مدرسة، وأن هذا العدد آخذ في النزول قليلا مع بداية عمل مديرية الأبنية المدرسية في الوزارة، وهذه المدارس تنتشر في مناطق الجنوب عامة والفرات الأوسط وفي ديالى وفي مناطق خانقين وغيرها وبعض الأقضية والنواحي التابعة لمحافظة صلاح الدين.

الناطق الإعلامي باسم وزارة التربية وليد حسين، أكد أن هناك فائضا في الملاكات التعليمية بنسبة تبلغ نحو 12 في المائة، كاشفا عن أن الوزارة أعادت توزيع ملاكاتها بين المدارس بشكل عادل، وذلك في إطار استعداداتها للعام الدراسي الجديد. وتعتزم لجنة التربية النيابية خلال هذه الفترة استضافة وزير التربية محمد تميم لمناقشة موضوع التعيينات والأبنية المدرسية والمستلزمات المدرسية، بعد أن أكدت الأخيرة للجنة النيابية توفيرها 90 في المائة من المستلزمات المدرسية لجميع مديريات تربية المحافظات.

وكانت وزارة التربية، أيام فترة استيزار خضير الخزاعي لها، قد وقعت عقدا مع غيران لبناء أكثر من مائتي مدرسة جديدة في بغداد، من أصل ثلاثة آلاف مدرسة في عموم العراق، وبالفعل تم بناء عدد من الهياكل الحديدية الخضراء في مواقع مختلفة، منذ عام 2008، لكنها لم تر النور حتى الآن، على الرغم من مرور أكثر من أربع سنوات على ذلك، واشتهرت القصة باسم فضيحة المدارس الحديدية. وقد عزا بعض النواب والمتخصصين ذلك إلى أن الشركة التي كانت تنفذ المشروع تلكأت في إنجازه، والمواد الحديدية تعرضت للتلف، لأنها مواد لا تتحمل البقاء طويلا تحت تأثير أشعة الشمس والحرارة، ولأنه كان يجب الشروع في البناء بعد مدة قصيرة من وضع الهياكل الحديدية.

ويقول حسن مناتي، معلم جامعي في إحدى مدارس الطين في محافظة ديالى، لـ«الشرق الأوسط»، إن مدارس المحافظة «تعاني وضعا مزريا لا يناسب مكانة العراق كونه صاحب ثروة نفطية هائلة». وبدورها، تساءلت المعلمة دلال يعقوب، من مدرسة الأمل الابتدائية في بغداد، عن «الأموال التي صرفت لأجل إنشاء المدارس الحديدية التي سمعنا بها عبر وسائل الإعلام، وتوقيع صفقة بمئات الملايين من الدولارات لأجل بناء مدارس بهياكل حديدية خضراء ركزت أساساتها في العديد من المناطق الشعبية في بغداد، لكنها على الرغم من مرور أكثر من أربع سنوات عليها فإنها لا تزال مجرد هياكل تصفر فيها الريح من كل جانب». وأضافت «سمعنا عن أموال بذلتها جهات ومنظمات دولية صديقة لأجل بناء مدارس جديدة منذ أكثر من خمس سنوات لكننا لم نرى لها أثرا في الواقع».