تطوير أول «ميكرو روبوت مائي» يحاكي قدرات حشرة جندب الماء

يمكنه السير والقفز على سطح الماء ويمكن استخدامه في مراقبة ورصد المسطحات المائية

ميكروروبوت مائي يحاكي حشرة جندب الماء
TT

هناك حاليا اهتمام عالمي متزايد بصناعة وتطوير روبوتات جديدة مستوحاة من الأنظمة البيولوجية وتحاكيها، التي تدخل ضمن مجال علمي حديث يعرف باسم «بيوميمتكس» (Biomimetics)، وهذه الفئة الجديدة من الروبوتات تظهر قوة أكبر بكثير في الأداء، فهي متوافقة إلى حد كبير وأكثر كفاءة واستقرارا عن الروبوتات الحالية، كما ستستفيد من التطورات الجديدة في علوم المواد وتكنولوجيات التصنيع وأجهزة الاستشعار والمحركات. وتشمل تطبيقات هذه الروبوتات، المهام المستقلة وشبه المستقلة مثل عمليات الاستطلاع وإزالة الألغام ومراقبة ورصد المسطحات المائية.

ووفقا لما نشر في 25 يوليو (تموز) 2012، على الموقع الإلكتروني لجمعية الكيمياء الأميركية، تمكن فريق بحثي صيني من معهد «هاربين» للتكنولوجيا في الصين، من تطوير أول ميكرو روبوت مائي مستوحى بيولوجيا من حشرة جندب أو ستريدر الماء (water strider). وقد تمكن هذا الروبوت المصغر من السير على سطح الماء ومن دون أن يغرق، والقفز في الهواء باستمرار صعودا وهبوطا بشكل أكثر دقة مثل حشرة ستريدر الحقيقية، وقد نشرت نتائج الدراسة بمجلة «Applied Materials & Interfaces» التي تصدر عن جمعية «الكيمياء الأميركية».

يقول الباحثون إن، هذا الميكروروبوت (الروبوت المصغر)، يمكنه أن ينزلق عبر البحيرات والمسطحات المائية لرصد نوعية المياه وفي عمليات المراقبة والاستطلاع.

ويتكون الميكروروبوت الجديد من (5) أرجل، 3 منها تعمل كدعامات، و2 لعملية التشغيل، وهي مصنوعة من رغوة النيكل وذات أسطح «سوبرهيدروفوبيك» لها خاصية الكراهية الفائقة للماء، التي تمنع الروبوت من الغرق تحت سطح الماء، كما أن له نظام للقيادة على البطن يتضمن محركا مباشرا صغيرا ووحدة تروس تناقصية لتقليل السرعة الأمر الذي يدفع الأرجل لأسفل لحث ودفع الروبوت على القفز في الهواء.

وجدير بالذكر أن حشرة جندب أو ستريدر الماء، تتميز بقدرة فريدة على السير والجري على سطح الماء نتيجة لمزيج من عدة عوامل هي، خاصية التوتر السطحي العالية للمياه، التي تنشأ على سطح الماء، فتجعله يعمل كغشاء مشدود يمكنه من حمل هذه الحشرة، كما أن أرجل هذه الحشرة تتمتع بخاصية «هيدروفوبيك» ذات السطح الكاره للمياه، التي تساعدها على البقاء فوق الماء، بالإضافة إلى الشعر على أطراف من أرجلها وتحت جزء من جسمها، والذي يساعدها أيضا على البقاء فوق الماء. والتوتر السطحي للسائل، هي قوى انكماشية تؤثر على جزيئات سطح السائل؛ حيث تعمل دائما على إنقاص مساحة سطحه، وتجعل سطح السائل كغشاء مرن مشدود يقاوم اختراق الأجسام الصلبة، كما تجعل شكل السائل كرويا. أما خاصية الأسطح ذات الكراهية الفائقة للماء (سوبرهيدروفوبيك)، هي خاصية في الكيمياء يطلق عليها «هيدروفوبيستي.» وعلى الرغم من أن الميكروروبوت الذي تم تطويره، يقدر وزنه بنحو 11 غراما، أي أنه ثقيل بنحو 1100 مرة من حشرة ستريدر الماء، إلا أنه قد تمكن من عمل قفزات واسعة النطاق، بلغت في كل قفزة نحو 14 سنتيمترا في الارتفاع، و35 سنتيمترا إلى الأمام، واستطاع أن يهبط على سطح الماء، ومن دون أن يغرق.

ويقول الفريق البحثي إن، الميكروروبوت كان قادرا على القفز بشكل مستمر على سطح الماء بمرونة ورشاقة وأكثر خفة في الحركة مثل ستريدر الماء الحقيقي، كما كان أكثر قدرة على تجنب العقبات التي تواجهه أثناء سيره على سطح الماء.

ومن أجل فهم أفضل لآلية قفز الروبوت على سطح المياه، قام الباحثون بتحليل دقيق لاختلاف القوى التي تمارس على الأرجل التي تعمل كدعامات، وحسابها على أساس النماذج الرقمية ونظم المحاكاة الكومبيوترية. وقد أظهرت النتائج أن أسطح «سوبرهيدروفوبيك» كانت حاسمة في زيادة القوة لأعلى (الصاعدة) في أرجل الروبوت التي تعمل كدعامات، وكذلك في الحد من استهلاك الطاقة في عملية القفز.

ويشير الباحثون إلى أن، الهدف في الوقت الحاضر، ليس فقط توفير إمكانية التقليد والمحاكاة بصورة واضحة والفهم الأفضل للقدرات المذهلة للحشرات المائية على القفز في الماء، وإنما أيضا تطبيق المواد ذات المسامية والسطوح ذات خاصية الكراهية الفائقة للماء (سوبرهيدروفوبيك).

وجدير بالذكر أن هذه الدراسة قد تم تمويلها من قبل، مختبرات الصين الرئيسية للروبوتات والأنظمة الذكية، ومعهد «هاربين» للتكنولوجيا، ومؤسسة «العلوم الطبيعية الوطنية الصينية».